ردود فعل متباينة إزاء اتفاق السراج وحفتر

  • 5/4/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اتفق اثنان من الأطراف الرئيسية في النزاع الليبي، هما المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، على تهدئة التوترات ومكافحة الإرهاب. لكن طريق إنهاء الصراع يبدو أنه ما زال طويلا، حيث لم يطرح السراج وحفتر طريقا مشتركا واضح المعالم، يمكن أن يؤدي إلى اتفاق سياسي لتوحيد البلاد. وقال الطرفان، بعد يوم من لقاء جمعهما في أبوظبي، إنهما اتفقا على العمل من أجل حل الأزمة. إلا أن ردود قادة عسكريين وسياسيين وقبليين في ليبيا، بشأن احتمال تقاسم السلطة بين السراج وحفتر، بدت متباينة. وقال أحد ألد خصوم حفتر العسكريين لـ«الشرق الأوسط»، هو العميد مصطفى الشركسي، آمر سرايا الدفاع عن بنغازي: «أستمد شرعيتي من المجلس الرئاسي. لسنا ضد الاتفاق، لكن التقاليد العسكرية تمنع تقبُّل حفتر في مؤسسة الجيش». إلا أن تسريبات عن احتمال اختيار العقيد سالم جحا، لشغل موقع رئيس الأركان الشاغر منذ أكثر من عامين، ربما تؤدي إلى استرضاء بعض خصوم حفتر. وسيكون على العقيد جحا بذل جهود صعبة لجمع شمل العسكريين الأقوياء في بلدته، مصراتة، ذات التسليح القوي. وهي مدينة ظلت تنظر بتشكك إلى طموحات حفتر في حكم ليبيا، منذ ظهوره على رأس جانب من الجيش في شرق البلاد. يأتي هذا، في وقت دعت فيه الإمارات إلى سرعة تعيين مبعوث دولي جديد إلى ليبيا، بدلا من رئيس البعثة الحالي، مارتن كوبلر «في أسرع وقت» لضمان «مواصلة الأمم المتحدة في كونها داعما قويا للجهود الرامية إلى معالجة الأزمة». وفي خطوة قد تسهم في سرعة التقريب بين الليبيين على الأرض، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أثناء زيارته لـ«أبوظبي» أمس، المشكلة الليبية ضمن أزمات المنطقة. وقال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء مع الإخوة الإماراتيين سيتطرق بطبيعة الحال إلى التطورات على الساحة الليبية، واللقاء الأخير بين السراج وحفتر». من جانبه، أكد السراج في بيانه أنه جرى الاتفاق على «وضع استراتيجية متكاملة لتطوير وبناء الجيش الليبي الموحد وفق أحدث المعايير والمواصفات، والتأكيد على انضواء المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية». بدوره، أفاد بيان للمشير حفتر بأنهما اتفقا على «عدم التفريط في تضحيات الجيش الليبي والليبيين الشرفاء في كامل أنحاء البلاد؛ شرقها وغربها وجنوبها، وحفظ السيادة الوطنية، وتمكين المؤسسة العسكرية من أداء مهامها كاملة في محاربة الإرهاب». وأضاف أن الحوار تطرق «إلى ضرورة العمل على رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي». وناقش الطرفان في أبوظبي، المعوقات التي حالت دون تنفيذ الاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه في الصخيرات المغربية في أواخر عام 2015. ووجه السراج وحفتر التحية للشعب الليبي على تضحياته من أجل الحرية والعيش الكريم، ومن أجل الدفاع عن الوطن ومقدراته. كما تقدما بالشكر لدولة الإمارات ودول الجوار الليبي؛ ومنها مصر وتونس والجزائر، إلى جانب الأمم المتحدة، لمساعيهم في إيجاد حل للأزمة الليبية. وتناولت مباحثات السراج وحفتر وضع استراتيجية متكاملة لتطوير وبناء جيش موحد وفق أحدث المعايير والمواصفات. وأكد الطرفان أيضا على اتخاذ كل التدابير التي تضمن التداول السلمي للسلطة. لكن الدكتور محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش ما زال يقاتل بعضه بعضا حتى هذه اللحظة، بخاصة في الجنوب، وإن إنجاز الدستور تمهيدا لإجراء انتخابات، ما زال أمرا بعيد المنال. وأضاف: «لا أعتقد أن ما ورد من نقاط للتوافق بين السراج وحفتر يمكن أن يثمر عن نتيجة على أرض الواقع، حيث يوجد ترقب للمستقبل من جانب قادة القبائل». في المقابل، أعرب العميد نجمي الناكوع، آمر الحرس الرئاسي الليبي، عن تفاؤله بخصوص اتفاق أبوظبي. وقال لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس: «نحن مع مصلحة ليبيا». وما زالت الحكومة المؤقتة في شرق البلاد، برئاسة عبد الله الثني، تعمل وتؤازر حفتر وتستمد شرعيتها من البرلمان الذي يعقد جلساته في طبرق، برئاسة المستشار عقيلة صالح. وهي توافق إجمالا على ما يتخذه حفتر وصالح. وبالإضافة إلى حكومتي الثني والسراج، هناك حكومة ثالثة غير معترف بها دوليا في طرابلس برئاسة خليفة الغويل، الذي توجه أول من أمس في زيارة إلى إحدى الدول الأفريقية. ونقل مصدر مقرب منه لـ«الشرق الأوسط» قوله تعليقا على لقاء الإمارات، إنه غير معني به، وإن حكومته مستمرة في ممارسة مهامها في طرابلس، بينما قال العميد محمود زقل، آمر قوات الحرس الوطني التي يعتمد عليها الغويل في العاصمة، لـ«الشرق الأوسط» إنه لن يقبل بوجود حفتر في العاصمة. وفي ما بدا أنه رد على التصريحات العدائية ضد لقاء السراج وحفتر، من بعض الأطراف، أصدر 28 نائبا في البرلمان من النواب المؤيدين للاتفاق السياسي الليبي دعمهم للقاء. ومن هؤلاء النواب، الدكتور إسماعيل الشريف الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اتصلنا بكثير من الأطراف المختلفة التي أبدت ارتياحها لاتفاق السراج وحفتر، وصدر قرار من النواب الداعمين للاتفاق السياسي بالتأييد». وأضاف: «نحن نمد أيدينا لكل الليبيين، بلا طمع ولا خوف. حتى من لديه مخاوف يجب أن يجلس ونتناقش سوياً، ولا يمكن أن نتخطى هذه الأزمة إلا بالتنازلات المُرَّة». وكان البرلمان الذي يرأسه المستشار صالح هو من عين حفتر قائدا عاما للجيش. ورغم قول المصادر إنه جرى وضع شخصية صالح في الاعتبار، في أي ترتيبات مقبلة بشأن إدارة السلطة في ليبيا، فإن الرجل لم يظهر ولم يعلق على ما يجري، حيث أفاد مقربون منه بأنه «يجلس في بيته»، وأن العلاقة بينه وبين حفتر «متوترة» بسبب قيام صالح، قبل أسبوعين، بلقاء في روما مع الدكتور عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة. ويعد السويحلي من خصوم حفتر الرئيسيين. وقال نواب البرلمان المؤيدون للاتفاق السياسي في بيان مشترك أصدروه من طرابلس أمس، إن من شأن لقاء أبوظبي تقريب وجهات النظر بين الفرقاء. وأعرب النواب عن أملهم في أن تسفر مثل هذه اللقاءات عن مخرجات واضحة وصريحة، مطالبين هيئة صياغة الدستور بالعمل على إنجاز مهمتها وإحالة مسودة الدستور إلى البرلمان، لكي يطرح للاستفتاء العام، أملاً في إنهاء المرحلة الانتقالية والتأسيس لمرحلة جديدة. وقال النائب الشريف، وهو نائب مستقل عن محافظة الجفرة، إن اجتماع الإمارات «يعد خطوة مهمة جدا في الوقت الراهن لإذابة الجليد الذي كان جاثما على الاتفاق السياسي، وأدى إلى انسداد السبل أمام كل الليبيين. وهو رسالة مهمة وإيجابية، وسيسهم في توحيد المؤسسة العسكرية، ودعمها في مكافحة الإرهاب». وتعاني ليبيا من حالة انقسام سياسي وعسكري وفي المؤسسات الرئيسية الأخرى في الدولة منذ أكثر من عامين. وتلكأ كثير من موردي السلع الأساسية من الخارج، في توفير احتياجات الليبيين، بسبب تذبذب سعر الصرف. وأوضح الشريف أن «أخطر شيء أن يصل الانقسام إلى مؤسسات حساسة مثل المصرف المركزي وهيئة الاستثمار ومؤسسة النفط»، مشيرا إلى أن اجتماع أبوظبي أدى إلى تعافي قيمة العملة المحلية أمام الدولار في السوق الموازية خلال اليومين الماضيين، وقال: «اجتماع الرجلين سوف يعمل على القضاء على الاحتراب الداخلي، وسيعطي رسالة طمأنة للتجار والمستوردين، وأنه أصبح بإمكانهم أن ينطلقوا». وفي ما يتعلق بالوضع العسكري على الأرض، يواجه الجيش الليبي خصومه في حروب مستمرة في الجنوب وفي بنغازي، لكن أهم منطقة للصراع، والتي تؤثر على قلب الاقتصاد الليبي، تعد منطقة الموانئ النفطية والهلال النفطي. وتتمركز في هذه المنطقة الممتدة من منطقة الزويتينة وإجدابيا، حتى الهرواة (الواقعة شرق سرت بنحو 60 كيلومترا)، قوات «عمليات سرت الكبرى» العسكرية. وقالت مسؤولة المكتب الإعلامي بغرفة العمليات، انتصار محمد، إنه «بالنسبة للعسكريين على الأرض هنا، توجد ثقة عميقة في المشير خليفة حفتر. العسكرية تتَّبع أوامر الضبط والربط، ولا علاقة لها بالسياسة. (العسكريون) موجودون في الميادين والمحاور لاستعادة الأرض من المجموعات الإرهابية». وأضافت: «لا اعتراض لنا على أي إجراءات يتخذها السيد المشير لصالح ليبيا... أي شيء لصالح ليبيا نحن معه. نحن مع دولة القانون. ومن أجرم في حق الليبيين لا بد أن يحاسب»، مشيرة إلى أن الوضع في الهلال النفطي «تحت سيطرة القوات المسلحة، والأوضاع الأمنية مستقرة». وغير بعيد عن هذه المنطقة، تتمركز قوات ما يعرف باسم «سرايا الدفاع عن بنغازي» التي شنت خلال الأشهر الأخيرة عمليات، في محاولة منها لاستعادة الموانئ النفطية من حفتر. وقال آمر السرايا، العميد الشركسي إنه يعمل بشكل شرعي وإن شرعيته مستمدة من المجلس الرئاسي برئاسة السراج. وأضاف بشأن تعاطيه مستقبلا مع وجود حفتر مع السراج، أن «حفتر، عسكريا، أسير حرب (في إشارة إلى أسره أثناء حملة عسكرية ليبية على تشاد في ثمانينات القرن الماضي)، ولا يمكن أن يشارك في أي عملية أخرى. وكيف يكون قائدي يحمل الجنسية الأميركية؟ نحن كعسكريين، من الصعب أن نتعامل مع مثل هذا الواقع». لكن العقيد الشركسي، الذي يتولى أيضا موقع آمر منطقة بنغازي العسكرية التي تعمل مؤقتا من مقار في غرب البلاد (وهي غير موالية لحفتر)، أقر بصعوبة إيجاد إجابة واضحة عما سيحدث في المستقبل، بناء على الترتيبات التي ستبنى على اتفاق الإمارات. وقال: «الإجابة صعبة. إذا قلت الإجابة المنطقية، يتهمونك بأنك ضد أي توافق ليبي، وإذا باركت، تكون قد خنت دماء شهداء الثورة ومواضيع كثيرة». وفي مقابل القادة العسكريين الذين يمكن أن يكونوا حجر عثرة أمام الاتفاق، هناك زملاء لهم يسعون إلى التعجيل بتوحيد المؤسسة العسكرية المبعثرة منذ عام 2011. وقال العميد الناكوع: «ما نريده هو حماية ليبيا ومواطنيها ومؤسساتها، بعيدا عن التجاذب السياسي. نحن مع أي خطوة فيها تحقيق لمصلحة ليبيا».

مشاركة :