النسخة: الورقية - سعودي على المستوى الأمني نجحت وزارة الداخلية في الضرب على أيدي الإرهاب والخلايا الإرهابية المنظمة، سواء أكانت هذه التنظيمات نائمة أم مستيقظة، لكن على المستوى الفكري لم ينجح أحد، فلا الإعلام - وإن كان الناس الآن أكثر وعياً من ذي قبل -، ولا وزارة الداخلية، والدليل: القبض على مجموعة ممن كانوا في السجن وخضعوا للمناصحة مع التنظيم الإرهابي الذي أعلنت الوزارة الأسبوع الماضي القبض عليه، وهذه حقيقة واضحة، لا مجال فيها للمغالطة، فلم تكن التوبة باقتناع بقدر ما هي فرصة للانخراط من جديد فيما هو أخطر مما كان عليه الفكر القديم. لم يعنهم الوطن الذي قدم لهم فرص الزواج، والسكن، والعمرة، والجمع مع أهلهم، فما إن خرجوا حتى استوت العقول بالغدر، وطعن الوطن من الخلف، وهؤلاء بعيدون عن الفطرة السليمة المحبة للوطن والمهتمة بأمنه وسلامه، ومع ذكر وجود أعضاء من «داعش» في التنظيم، هنا تختصر الحقيقة كل أشكال الخطورة في تطور هذه العقول الوحشية المخيفة إلى الدموية، والإبادة الكاملة، وهو ما يعني أن الفكر يتطور ولا يندثر، ويزيد ولا ينقص، بل أصبحت النساء فيه طرفاً محورياً، يتسللن خلفه مهما كان الخطر ومهما كان الثمن، حتى غريزة الأمومة قتلها هذا الفكر في قلوب نسائه ليتسللن بأطفالهن معهن، من دون رحمة أو رفّة من ضمير، وعقل حي سليم، والضربات الأمنية الناجحة لن تؤتي أُكلها طالما خلفها منابع فكرية مستمرة تغذيها بكل فنون الاستباحة، وقتل النفوس وجزّ الرؤوس، وأصحاب الفكر وقحون يتحدون كل شيء حتى الأوامر الملكية التي تجرِّم الإرهاب، والأحزاب، والتحريض، تخطوها بكل جرأة وتطاول على الدولة ومواطنيها، وهؤلاء واضحون يجاهرون بأفكارهم على مواقع التواصل الاجتماعي، في تحدٍ صريح يقولون: هنا نحن فأتونا إن كنتم صادقين، وبُحت أصوات المواطنين وهم يكتبون عنهم ويستصرخون ضد أفكارهم وإباحاتهم للدماء، ومحاربتهم للوطن ومواطنيه، ولا يعرفون لماذا يُتغاضَى عنهم، فالمسألة لم تعد حرية الرأي، فحرية الرأي لا تحرض ولا تحلل ولا تحرم ولا تهدد بجز الرؤوس وقتل المخالفين، في طريقة حياتهم وأعمالهم وأحوالهم الحياتية وترفيههم البريء، ولا تقيد مبادئ الدين الواسع، بالضيق وتشويهه والتدليس باسمه والتخوين تحت عباءته. «الداعشيون» في بلادنا معروفون، تجدهم بين الدعاة، والوعاظ وأئمة المساجد، وفي التعليم العام، وفي الجامعات، والوزارات، والمؤسسات، والمراكز الصيفية، بل وفي لجنة المناصحة نفسها، وهذا ليس خافياً، فهم يعلنون عن أنفسهم، أما على مواقع التواصل الاجتماعي فلا حصر لهم، يجاهرون بأفكارهم، ويزبدون ويرعدون، ويهددون الصغير والكبير، فما الذي يمنع من ملاحقتهم، والقبض عليهم، وتأديبهم بما يليق بجرمهم في حق الله الذي افتروا على دينه، وفي حق الوطن الذي مزقوا لحمته، وفي حق المجتمع الذي شتتوا مواطنيه، وأوقفوا تنميته وحضارته وثقافته وحرموا عاداته وتقاليده المباحة قبل ظهورهم؟ ولا ننسى «الداعشيات» من النساء المستترات، والمعروفات بآرائهن في عمل المرأة، والتمييز ضدها، بل والسخرية من كل محتاجة اضطرتها ظروف العمل إلى مهنة ضئيلة الدخل، وتحريضهن على الابتعاث والمبتعثات بعد أن تمتعن به، ويعملن بشهاداته. لن ينقطع الفكر الداعشي ولا القاعدي، ولن يطمئن الوطن وهؤلاء بيننا يرتعون بكل طمأنينة، يتقلبون في النعيم، ويتنادون بالجحيم لغيرهم، إلا بقطع دابرهم فعلاً لا قولاً، فهم لا يعبأون بالقرارات التي لم يتم تنفيذها فعلاً، ولا يجدون قانوناً صارماً قد نفذ فيحترمونه خوفاً، وإلا سنجد وطننا في يوم من الأيام - لا قدر الله - لعبة بأيديهم، يقتلون مواطنيه من الجنسين، ويستعبدونهم، ويبيعونهم في سوق النخاسة الداعشية. zainabghasib@
مشاركة :