الداعشيون والحوثيون والعقل المستبد

  • 7/22/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أرسل قائد داعش «مذهب سني» رسالة إلى مسيحيي الموصل يخيرهم بين الإسلام أو الجزية أو القتال أو التهجير من بيوتهم، وأن آخر مهلة لهم يوم السبت الماضي وإلا ليس بينه وبينهم إلا السيف. في شمال اليمن بعث الحوثيون «مذهب شيعي» برسائل تهديد لطائفة «يهودية يمنية» تقطن محافظة عمران، فحواها مغادرة المنطقة في أسرع وقت، قبل أن يتعرضوا لما تعرض له أبناء جنسهم من يهود «آل سالم» بمحافظة صعدة. هذه الرسائل أو التهديدات أو الشعارات ليست جديدة من ابتكار «داعش والحوثيون»، فالقوميون «والإخوان المسلمون» لعبوا على هذه الشعارات كثيرا، وأعلنوا حربهم ضد «الإمبريالية والصهيونية والغرب والآخر»، وحققوا من خلال هذه الشعارات جماهيرية كبيرة، وجمعت جميع التيارات التبرعات والأموال لتعزيز قوتها وسلطتها واستبدادها، لأنه ولأسباب لا دخل لها في الدين فكرة تدمير الآخر تم غرزها بالعقل العربي، إذ إن القرآن الكريم «الدستور» لا يفسر الأمور بهذه الطريقة، فهو يروي قصص الأمم السابقة وإلى ما انتهى عملها، ولا يتحدث عن هذه الأمم بالمطلق، فيعود ليؤطر للمسلم كيفية التعامل مع الآخر المختلف بالمعتقد: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}، أي أن الإطار الذي يحكم المسلم ليس معتقد الآخر، بل عمله وهل يحاربه أم هو مسالم ولا يعاديه؟ هذه المقدمة تطرح سؤالا مفاده: هل المشكلة بداعش والحوثيين..ووو إلخ، أم المشكلة بالذهنية التي تقبل بالاستبداد؟ يخيل لي أن المشكلة بهذه الذهنية التي تقبل بالاستبداد وظلم المختلف وتؤيده، وبالتالي كل ما تحتاجه لخلق شعبية وأرضية لك وتجمع التبرعات، أن ترفع هذه الشعارات وتعلن تهديدك للآخر وإن لم يحاربك. المأزق في هذه الذهنية أو «العقل المستبد» أن خطورته ضد دول العالم أقل بكثير من خطورته على مجتمعه، فالمجتمعات التي تعتنق الاستبداد، إما أن تقبل بحكم المستبد الطاغية، وحين يقتل المستبد كالعراق وليبيا تتمزق المجتمعات وتتفكك وتتناحر، وليس مهما هل الاختلاف مذهبي كالعراق أو مناطقي كليبيا، فالعقل المستبد يبيح ظلم وإبادة من لا يؤيده. ويبقى السؤال: كيف يعاد ترتيب العقل العربي لتصبح أولوياته العدل، إذ ذاك لن تجد الأحزاب المتطرفة شعبية لها؟

مشاركة :