رزان عدنان | أعلنت الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي عن القائمة النهائية للشركات المؤهلة إلى المنافسة في إطار الجولة الأولى للتنقيب البحري عن النفط والغاز وإنتاجهما، والمزمع أن تبدأ في سبتمبر المقبل. وكان بإمكان لبنان الذي يرزح تحت عبء دين يزيد على %140 من الناتج المحلي الإجمالي أن يستفيد من الإيرادات التي قد يحصل عليها من استغلال احتياطياته البحرية المقدرة بنحو 850 مليون برميل من النفط و96 تريليون قدم مكعبة من الغاز. ولكن الدولة تتخلف عن جاراتها قبرص وإسرائيل ومصر في الاستفادة من هذه الثروة. وعلى الرغم من أن الحكومة على علم منذ عام 2009 بوجود حقول كبيرة في شرق البحر المتوسط يمكن الاستفادة منها، فإنها لم تبدأ أي خطوة تجاه التنقيب عن الذهب الأسود، وهو ما يدعو إلى التساؤل بالفعل، لماذا يؤجل لبنان الانضمام إلى صفوف الدول المنتجة للنفط؟ تقول مجلة إيكونوميست إن هذه المماطلة تُعزى كثيراً إلى سياسة الدولة. فمن أجل الحصول على ترخيص لهذه العملية، اضطرت الحكومة إلى الموافقة على مرسومين اثنين: الأول يتعلّق بتقسيم المناطق الاقتصادية الحصرية في لبنان إلى 10 بلوكات بحرية وتنسيقها. أما الثاني، فيتعلّق بتحديد بروتوكولات الترسية وتحديد آلية تقسيم النفط الذي سيتم إنتاجه، بين الشركات والحكومة. ولكن الشلل السياسي والأحداث العنيفة التي شهدتها البلاد بين الفينة والأخرى عطلت عملية اتخاذ القرار منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. وسعت الطوائف إلى التأثير على الحكومة والبرلمان، حيث يتم توزيع المقاعد على أسس طائفية. بناء عليه، ازدادت حدة المنافسة بين هذه الفصائل منذ اندلاع الحرب في سوريا، على خلفية الدعم الذي تقدمه مراكز القوى المتنافسة في لبنان إلى طرفي النزاع في سوريا، وما نشأ من خلافات حول كيفية التعامل مع التدفق الهائل للاجئين السوريين إلى بلادهم، حيث وصل تعدادهم إلى أكثر من مليون لاجئ. إضافة إلى ما سبق، أدت الأزمة السياسية إلى ترك منصب رئيس البلاد شاغراً لمدة 29 شهراً منذ مايو 2014، الأمر الذي عطل قرارات كثيرة. إذ لم تشهد البلاد أي مزاد في النفط والغاز منذ تأهيل 46 شركة للتنقيب في الحقول البحرية في عام 2013. هذا الجمود بدأ يتلاشى قليلاً منذ انتخاب ميشيل عون رئيساً للدولة في أكتوبر الماضي. وتم تمرير مرسوم في يناير، وأطلقت الحكومة جولة التأهيل الثانية بعد ذلك بفترة وجيزة. مع ذلك، تسيطر حالة عدم اليقين المحيطة بجدوى التراخيص التي يطرحها لبنان للبيع على المشهد العام، مما يؤثر سلباً على العملية. إذ تتداخل بعض البلوكات الجنوبية المطروحة للبيع ضمن المزاد مع الإقليم البحري الذي تزعم إسرائيل بأحقيته. إذ ينقض إدراج لبنان للمنطقة المتنازع عليها والبالغ طولها 860 كيلو متراً مربعاً في العطاء ما تقوله إسرائيل من أنه وضع قائم لا يقوم فيه أي من الطرفين بأي شيء في هذه المنطقة. وقد ردت إسرائيل باقتراح قانون بحري يكرس حقوقه على امتداد قاع البحر الذي وصفه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بأنه: «إعلان حرب على لبنان». وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين إسرائيل وحزب الله فمن المحتمل أن ينتظر المستثمرون حل الخلاف قبل استثمار ملايين الدولارات في استكشاف البلوكات البحرية المثيرة للجدل. الأحداث السابقة غير مشجعة، إذ تحاول الولايات المتحدة منذ سنوات عدة التوصل إلى حل بين الدولتين اللتين لا توجد بينهما علاقات دبلوماسية. ولم تلق حتى الآن دعوات السلطات اللبنانية الأمم المتحدة لتسوية الأمر في جنوب لبنان أي آذان صاغية. وحتى لو تم حل هذه النزاعات، فلا تزال هناك مشاكل أخرى. ففي حال ثبت أن احتياطيات لبنان كبيرة كما كان متوقعاً، فقد تواجه صعوبات في العثور على زبائن من المنطقة: فالحكومات المصرية والإسرائيلية والتركية على وشك التوقيع على صفقات توريد بعضها مع البعض.
مشاركة :