وتيرة الاحتجاجات تتزايد في منطقة الريف المغربية

  • 5/6/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بعد ستة أشهر من مقتل بائع السمك محسن فكري بشكل مروع طحناً داخل شاحنة لجمع النفايات في مدينة الحسيمة (شمال المغرب)، بات للاحتجاجات في تلك المنطقة اليوم اسم «الحراك الشعبي بمنطقة الريف». ويقول مسؤول محلي: إن الأمر «سيستمر، والحراك امتد إلى كل مناطق» الريف، بعد أن تحول ذلك الغضب إلى «زلزال اجتماعي»، وفق الصحافة المحلية، في تلك المنطقة الجبلية الواقعة على ساحل المتوسط، وذات الارتباط القوي بالهوية الأمازيغية والمتميزة بماضيها الاحتجاجي. ويقول ناصر زفزافي، الذي أصبح في سياق التجمعات وخطاباته على «فيسبوك» قائدا لحركة الاحتجاج، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن الحراك قوي». ويضيف هذا العاطل عن العمل البالغ من العمر 39 عاما: «إننا نقاوم منذ ستة أشهر، رغم العقبات والمناورات لإضعافنا، وسنقاوم حتى يلبون مطالبنا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمنطقتنا». وأوضح زفزافي في مؤتمر صحافي «لسنا انفصاليين... مطالبنا اقتصادية واجتماعية، ولم يطرح يوما إقامة دولة مستقلة». وتبدو الحياة في الحسيمة، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة، ببيوتها المتراصة على الجبل وبمركزها المطل على المتوسط، طبيعية رغم الوجود الكثيف للشرطة بالزيين العسكري والمدني. وتشهد المنطقة التي تعاني أصلا عزلة طبيعية، أزمة اقتصادية كبيرة؛ إذ إن أموال المهاجرين لم تعد تصلها، وإنتاج القنب (الكيف) بات محظورا بشكل أكبر، والتهريب باتجاه الجيوب الإسبانية في انخفاض. أما صيد الأسماك، وهو مصدر الغنى للريف، فيواجه أزمة، وكل هذه العوامل تضاعف الشعور بالإقصاء وانعدام الثقة في هذه المنطقة المعتادة على الاحتجاج، حيث يرفرف العلم الأمازيغي الملون، أو «علم جمهورية الريف الزائلة»، التي أعلنت عام 1922 بعد انتصار المقاومة بقيادة عبد الكريم الخطابي على الاستعمار الإسباني. ويقول فيصل عوصار، الناشط المحلي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: إن «علم الريف هو هويتنا، تراث منطقتنا»، مضيفا في رد على الاتهامات بالانفصال إنها «أسطوانة قديمة لتشويه سمعة الحراك». وشهدت الحسيمة مسيرات كبيرة شارك فيها الآلاف، كان آخرها في التاسع من أبريل (نيسان) الماضي، وعادة ما يعلن في نهاية الأسبوع عن تجمعات تطوقها الشرطة على الفور أو تمنعها من الوصول إلى وسط المدينة. وباستثناء مسيرة طلابية في أواخر مارس (آذار) الماضي، تحولت إلى العنف، فإن الاحتجاجات سلمية، وترفع المطالب نفسها: عمل، طرقات، جامعات، مستشفيات، واستثمارات. ويعتبر عوصار، أن «مطالب هؤلاء الشبان محقة ومشروعة، وكل الريف يدعمها»، مؤكدا أن «الحراك مستمر طالما لم يتم حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية». من جهته، يرى زفزافي أن «هذا الحراك له صدى في آذان الكثيرين بسبب الأزمة الاقتصادية، ولا سيما بين التجار والصيادين... فلم يعد يوجد شيء هنا. لا مال ولا أعمال»، ولا خيار آخر سوى الهجرة، كما يقول سكان لوكالة الصحافة الفرنسية. وكان فكري (30 عاما) قتل في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2016 في الحسيمة بمنطقة الريف عندما علق في مطحنة شاحنة لنقل النفايات، بينما كان يحاول على ما يبدو إنقاذ بضاعة له صادرتها الشرطة، من سمك أبو سيف المحظور صيده في المغرب في تلك الفترة من السنة. وأثار ذلك موجة غضب عارمة في الحسيمة، حيث خرج الآلاف في مظاهرات، في حين شهدت مدن أخرى تجمعات أصغر حجما. وتقول الرباط: إن جمعيات تتخذ من أوروبا مقرا لها، تقود الاحتجاجات. ويتباهى أنصار الحراك الشعبي، الذين يرفضون «أي تدخل أجنبي»، من دون تحفظ بدعم الريفيين من قبل الشتات. في حين تواجه الدولة صعوبات كما يبدو في تلبية المطالب وتعنت الحراك الشعبي. وقد أقيل عامل (محافظ) إقليم الحسيمة في نهاية مارس الماضي، بينما توالت الزيارات الحكومية، وأعيد إطلاق سيل من المشروعات. وقال المسؤول المحلي نور الدين بكران «يجب المضي إلى الأمام»، مؤكدا أن «الوضع عادي في المنطقة، حيث تقوم المؤسسات بعملها وتستمع إلى المواطنين... وهناك الكثير من المشروعات جارية حاليا، ونبذل كل الجهود لاجتذاب المستثمرين. ستكون هناك أفكار مباشرة موجهة لصيادي الأسماك»، معربا عن اعتقاده بأن «المنطقة لها مستقبل واعد». من جهته، قال أحد وجهاء المنطقة: إن «السلطات تتحرك، لكن ليس بشكل كاف. يجب تحقيق نتائج فورية لنزع فتيل النقمة، وتأمين عمل للناس... وعلى المدى القصير، ليس هناك من حل آخر سوى الحوار»، معبرا عن قلقه من محاولة «عزل هذه الحركة، وهو ما لن يؤدي سوى إلى تأجيج حركة الاحتجاج».

مشاركة :