مواجهة حاسمة بين الرأسمالية المعتدلة و«الفاشية الجديدة»

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كتب: عمار عوض: صباح اليوم، عندما يدلي المرشحان للرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون، ومارين لوبان بصوتيهما في شمال فرنسا يضعان أوراقهما الأخيرة في الصناديق، التي ستحمل هوية فرنسا الجديدة، التي ستكون واضحة منتصف ليل الأحد، ومع أن ماكرون يبدو فائزاً في آخر استطلاعات ليل الجمعة؛ حيث وصلت نسبة الاستطلاع بين 61,5% و63% من الأصوات، مقابل 37 إلى 38.5% للوبان، تتعاظم المخاوف من تدني نسبة المشاركة؛ إذ إن 68% فقط من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم سيدلون بأصواتهم وهي نسبة مخيفة للغاية، خاصة أن حوالي 65% من ناخبي المرشح الرئاسي اليساري جان لوك ميلينشون، الذي حصل على ما يقرب من 20% في الجولة الأولى من الانتخابات لن يصوتوا للمرشح الوسطي ماكرون، وهم يفضلون أن يفسدوا أصواتهم أو لا يحضروا على الإطلاق، وهو ما يمهد الطريق بطريقة أو بأخرى لإفساد حملة «جبهة الجمهورية»، التي تدعو لتضامن اليمين واليسار لمنع فوز لوبان، مثلما حدث في انتخابات 2002 عندما توحد الجميع خلف الرئيس الأسبق جاك شيراك لهزيمة لوبان، إلا أن مراسلي صحيفة «واشنطن بوست»، يقولون: إن الوضع مختلف هذه المرة فقد تجذر حزب «الجبهة الوطنية» اليميني في التيار الرئيسي للناخبين، بعكس ماكرون حديث العهد بالناخبين الفرنسيين. ويقول دومينيك مويسي، وهو عالم سياسي فرنسي، لزميله جيمس ماكاولي: «ليس هناك أي عنصر مفاجئ في هذه المرة، بينما في عام 2002، صدم الناس حقاً من حقيقة أن شخصاً مثل جان ماري لوبان يمكن أن يصل فعلاً إلى السلطة». ولكن مع هذا فإن ماكرون لديه عوامل كثيرة مساعدة غير توحد بعض اليسار ووسط اليمين خلفه، منها أن جميع أجيال المهاجرين الجديدة، إلى جانب مناصري الحريات المدنية تقف خلفه، وتشير التقارير إلى أن العديد من الناخبين الفرنسيين الساخطين على الطيف السياسي قد يمتنعون عن التصويت، وقد رفض هؤلاء بالفعل الأحزاب التقليدية المحافظة واليسارية في فرنسا وسط موجة مدوية من عدم الرضا العام، لكنهم انساقوا إلى دعوات ماكرون التجديدية، ويرى أنصار حركة ماكرون المستقلة - المعروفة بشعارها «إن مارش» (إلى الأمام) - أنها فرصة لتجديد شباب البلاد «بمركزية جذرية» جديدة، بل أبعد من ذلك فان الاتحاد الأوروبي بكل دوله لم يبد حياداً في الوقوف خلفه ودعمه دون قيود أو مراعاة للحيادية، بل نجد أن الرئيس فرانسوا هولاند، ورغم تدني شعبيته، فقد أعلن دعمه لماكرون، وكذا الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أصدر تصريحات متكررة لدعم ماكرون، وتقول صحيفة «واشنطن بوست» في ذلك «قد لا يساعد تأييد أوباما في شيء، فإن دعم أوباما العلني لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تحذيره من أن بريطانيا ستعاني اقتصادياً إذا تركت الاتحاد الأوروبي، التي فسرها بعضهم على أنها تهديد، لم يمنع معسكر الخروج من الفوز». وقال جيرارد ارود، السفير الفرنسي في واشنطن: إن انتصار لوبان «يعني انهيار الاتحاد الأوروبي، لأن الاتحاد الأوروبي دون فرنسا لا معنى له»، لكن سيكون من الصعب على لوبان تنفيذ كل وعودها الانتخابية خاصة الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي يحتاج إلى تشريع من الهيئة التشريعية البرلمان كما أن حزبها لا يملك حالياً أغلبية تتيح له ذلك، لكن ومن المقرر أن تملأ لوبان حكومتها مع مسؤولين من مختلف الفصائل المحافظة، في محاولة لحشد أكبر تحالف، لكن هذا قد لا يساعدها في الانتخابات التشريعية الفرنسية في يونيو/ حزيران المقبل. وتحتل الجبهة الوطنية ثلاثة مقاعد في الجمعية الوطنية وتعهدت الأحزاب الرئيسية في البلاد بتعطيل الرئيس المحتمل «لوبان» من خلال نفوذهم البرلماني وإن احتمال «التعايش» - عندما يكون الرئيس ورئيس الوزراء، الذي يرأس الحكومة، يمثلان لحزبين مختلفين - سيكون أكثر احتمالاً. واستناداً إلى محادثات مع كبار السياسيين والمستشارين للأحزاب الرئيسية في فرنسا، بما في ذلك الجبهة الوطنية، تخيل نيكولاس فينوكور ما سيبدو عليه أول 100 يوم لوبان، حال فوزها وسوف تبدأ على الأرجح أعمال شغب في بعض ضواحي الأقليات المغتربة في البلاد، فضلاً عن الفوضى في الأسواق وأزمة مصرفية محتملة. وقال حامد جودي (57 عاماً) وهو يقف في «ساحة الجمهورية» لصحيفة «ذي بوست»، وسط المتظاهرين اليساريين الذين تجمعوا في العاصمة الفرنسية في عيد العمال:«على مدى سنوات، انقسم اليمين واليسار (الجمهورية) على منازعاتهما، والآن لم يتبق سوى القليل». «في عام 2002، كنا نعتقد أنه فكرة «الجبهة الجمهورية»، لكن الآن نحن لا نعتقد أنه بعد الآن - كل ما لديك هو رأسمالية ضد الفاشية». في إشارة رأسمالية ماكرون، وفاشية لوبان.

مشاركة :