ملتقى «بناء الثقة بين الأديان» يرسم خريطة طريق للتعايش بين الشعوب

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: «الخليج» أكد المشاركون في ختام أعمال ملتقى «بناء الثقة والتعاون بين الأديان» الذي نظمه «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» في العاصمة أبوظبي، في إطار الزيارة الأولى لأول قافلة سلام متعددة الأديان تحت عنوان «القافلة الأمريكية للسلام: نشر رسالة السلام، عبر بناء الثقة والتعاون بين الأديان»، ضرورة الوقوف معاً ضد قضايا الكراهية والعنصرية والتمييز أو الاضطهاد العرقي والديني، وقيام ممثلي الأديان، كل في مدينته، بتبادل الزيارات المنزلية، وتشارك «الخبز والملح»، ليس دلالة على تبادل الأمان والاطمئنان، وإنما لتوثيق عرى الصداقة والأخوة بكل معانيها الإنسانية الرفيعة.ودعوا إلى تنظيم برامج مشتركة، عملية وتطبيقية، لكسر الحواجز بين المختلفين، ومد جسور الحوار وتعزيز الثقة بينهم، على أن يجري تنفيذ هذه البرامج ميدانياً من خلال الكُنُس والكنائس والمساجد، وضرورة انخراطهم في مشروعات خَدَمية لمساعدة المجتمع، والوقوف إلى جانب كل من يحتاج إلى المساعدة.وشددوا على ضرورة الاعتراف بأهمية «إعلان مراكش التاريخي»، بوصفه أحد منجزات «المنتدى»، وضرورة الالتزام بترويجها في ولاياتهم، قدوة للنشاط الأخلاقي والإنساني، قبل أن يكون جهداً علمياً ومعرفياً، لتعزيز مفاهيم المواطنة التعاقدية، أو تأصيل ثقافة السلم في الإسلام، وثمّنوا عالياً جهود المنتدى، برئاسة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، كونه مثالاً يحتذى في ترسيخ ثقافة السلم والتسامح والحريات الدينية.وأكدوا التزام أعضاء القافلة بالعمل الحثيث، لانضمام عشر ولايات أخرى بالتمثيل الديني ذاته؛ للالتحاق بالملتقى الثاني لها في المغرب في نوفمبر المقبل، لتثبيت ما اتفق عليه في أبوظبي، وتعميمه نموذجاً ناجزاً لإعلانه في وثيقة واشنطن قبل نهاية العام الجاري، أو العام المقبل على أبعد تقدير، على أن يتعهدوا، بضرورة العمل معاً على تعميم الاتفاق في جميع الولايات الأمريكية، كونه نموذجاً مثالياً يحتذى للتآلف والتعايش بأرقى صوره.واتفقت كوكبة من كبار القساوسة والأئمة والحاخامات في أكبر عشر ولايات أمريكية، على المضي قدماً في مشاوراتهم ودراساتهم؛ لتأسيس منطلقات أخلاقية إنسانية، تمثل لبنة أولى على طريق التوصل إلى إقرار «وثيقة دولية»، تكون ملزمة لجميع الأطراف والأفراد في مختلف المجتمعات، تنبذ تداعيات لوثة ال «إسلامفوبيا» و«معاداة السامية»، وتستأصل شأفة الكراهية والتمييز وكل أشكال الغلوّ والتطرف، وتتيح فرص تعزيز ثقافة السلم والتسامح.وتحدث ممثلو الولايات المشاركون في القافلة، في مؤتمر صحفي مشترك، نظمه «المنتدى»، بحضور رئيسه، الشيخ عبدالله بن بيه، والدكتور محمد مطر الكعبي، الأمين العام، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والشيخ حمزة يوسف، نائب رئيس المنتدى، حيث كشفوا عن تصوراتهم وخطط كل منهم في القيام بمبادرات خاصة في ولايته، كتنظيم حملات لدعم المهاجرين ونصرة حقوق اللاجئين، وتقديم المؤازرة القانونية والحقوقية لهم، والقيام بفعاليات جماعية في الأعياد الدينية في «ناشفيل»، مدينة الموسيقى، كما هي معروفة في الولايات المتحدة، أو كتابة مقولات تجمع الأديان، على مجموعة كبيرة من المقاعد الخشبية توزع على حدائق واشنطن، أو تنظيم تجمعات ترفيهية تجمع أبناء الأديان الإبراهيمية في الولايات والمدن الأخرى، وغيرها من الأنشطة. فضلاً عمَّا اتفق الجميع على الالتزام به خطة عمل للمرحلة المقبلة، وتتركز على محاور عدة، أهمها: التصورات المتبادلة بين أتباع الديانات المختلفة وأثرها في ثقافة السلم. وتحديد أهم التحديات التي تواجه العيش المشترك، وأهم الفرص التي تعززه وترسخه في الوعي الجمعي، ومحورية مفاهيم السلام في الخطاب الديني.وقرأ الحاخام بروس لاستيك رسالة شكر موجهة من أعضاء القافلة إلى دولة الإمارات قيادة وشعباً، ومدينة أبوظبي عاصمة التسامح والسلام، والشيخ عبدالله بن بيه، امتناناً لأفكاره النيّرة التي كانت ملهمة لهم فيما توصلوا إليه من توصيات، للعمل بهديها في المرحلة المقبلة.وتحدث الدكتور محمد مطر الكعبي، مجدداً ترحيب قيادة دولة الإمارات بالقافلة، مثمناً جهودها في تفعيل إعلان مراكش التاريخي.وقال: إن الإمارات كانت منذ نشأتها حريصة على القيم الإنسانية، وبخاصة التسامح، لذلك شكلت حاضنة للأخوة والمحبة لكل الثقافات والإثنيات، فتعايشت على ترابها مئتا جنسية بسلام ووئام، فضلاً عن حرص القيادة على تعزيز السلم العالمي بمختلف الوسائل.وتحدث عن دور «المنتدى»، برئاسة الشيخ بن بيه، وقال: «إنه بات يشكل فضاء رحباً لنشر ثقافة التسامح والمحبة بين الإنسانية، بفضل حكمة الشيخ بن بيه»، مشيداً بروح التعاون التي أبداها أعضاء القافلة المنتمون إلى العائلة الإبراهيمية، وضربوا بذلك نموذجاً يحتذى لعمل كل الأديان معاً لسلام الإنسان، والإعلاء من شأنه في كل مكان. داعياً إياهم إلى متابعة تفعيل نتائج ورشة أبوظبي وتوصياتها، استكمالاً لآليات تفعيل إعلان مراكش التاريخي. وأن زيارتها إلى أبوظبي هي محطة أولى، تتلوها محطات لاحقة، لتأسيس «حلف فضول» عالمي يدعو إلى التعاون والتعايش بين أتباع الديانات، على أساس قناعة أنه لا سلام بين الإنسان إلا بالسلام بين الأديان.وتحدث الدكتور حمزة يوسف، فذكّر بدور الإمارات في ترسيخ ثقافة المحبة، المستلهمة من ثقافة المؤسّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مشيراً إلى واقعة حصلت في الماضي، وهي «أن أحد أولاده سافر إلى تنزانيا وعاد، فسأله الشيخ زايد: ماذا فعلت هناك؟ فقال: لا شيء، لأنهم ليسوا مسلمين، فقال له: أليسوا بشراً؟ أليسوا من بني الإنسان؟ عد إليهم وابدأ حفر الآبار لهم، ليشربوا ماءً عذباً. هذا النهج الذي خطّه الشيخ زايد، وهذا ما يمضي عليه الخلف الرشيد».وفي الختام تحدث الشيخ بن بيه، وتوجه بالشكر إلى الله سبحانه وتعالى، لتوفير هذه الفرصة الثمينة، وجمع هذه الكوكبة الجميلة من فرسان السلام، حيث صار كل منهم يحمل ثلاثة عناوين، أو صارت له ثلاث قبعات، هي رموز للمحبة والأخوة والوئام.وأكد أن الحضارات تمرض وأن الفلاسفة والعلماء هم العلاج، مضيفاً: «إذا كان البعض يريد أن يشعل الحروب، فنحن نريد إطفاء الحرائق، واستبدال ورود السلام بها». مثمناً ما سماه «خريطة الطريق»، التي توصل إليها أعضاء قافلة السلام في ورش العمل، كونها جسوراً صلبة للعبور إلى جنة السلام وعمارة الأرض بقيم الخير والجمال، لافتاً إلى أن مهمتهم ربما تكون صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، إذ أوصى الجميع بالصبر، لأن الخراب سهل والعمار صعب.وفي سياق تشديده على التواصل والحوار، استشهد بإحدى مقولات العرب: «لا تسمع عني بل اسمع مني»، ويريد بذلك تنبيه الناس إلى ضرورة اللقاء والتواصل والحوار المباشر، لمعرفة خفايا النفس واكتشاف المعدن الأصيل أو الجوهر النفيس في النفس البشرية، التواقة إلى السلام بالفطرة.وقال: «إن هذه الخطوة المباركة انطلقت من أبوظبي، ونريدها أن تواصل مشوارها إلى العالم أجمع».وتحدث عن دور العلماء من مختلف الأديان، وضرورة أن يتقدموا المؤسسات الإنسانية، لا أن يأخذوا دورها، مناشداً أهل العقل والحكمة، الاصطفاف في جبهة السلام، حيث إن السلام لا يتجزأ، ويجب أن يعم البشرية.

مشاركة :