أكد زعيم أكبر حزب إسلامي في الجزائر وجود تزوير في انتخابات البرلمان التي جرت الخميس الماضي والتي جاءت نتائجها لصالح أربعة أحزاب موالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة، إن حزبه «يملك أدلة قوية بشأن تزوير كبير، لاحظه مراقبون في عدد كبير من مكاتب الانتخاب»، مشيراً إلى أن أشخاصاً ينتمون إلى الإدارة العامة التي نظمت الانتخابات، «أضافوا عدداً كبيراً من أوراق التصويت لصالح حزبي السلطة»، في إشارة إلى «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب رئيس الجمهورية، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده وزير الدولة ومدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيي، وهو رئيس حكومة سابق. وذكر مقري أن «أدلة التزوير تتوفر لدينا في ولايتين على الأقل هما البليدة والمسيلة»، الأولى بجنوب العاصمة وتعد أحد المعاقل الأساسية لـ«مجتمع السلم»، والثانية تقع بشرق البلاد وينحدر منها مقري. يشار إلى أن «مجتمع السلم» شارك في الاستحقاق في إطار تحالف مع حزب إسلامي آخر خرج من عباءته، هو «جبهة التغيير»، بقيادة وزير الصناعة سابقا عبد المجيد مناصرة. وندد مقري بـ«نوع جديد من البلطجة شهدناه في هذه الانتخابات، يتمثل في ممارسة العنف ضد ناخبين في كثير من مكاتب الاقتراع بالولايات، من طرف أشخاص ينتمون لأحزاب السلطة». وبرأي هذا القيادي الإسلامي فإن أصوات أفراد الجيش والشرطة والدرك (وهي بعشرات الآلاف)، لم يتم توجيهها لفائدة مرشحي السلطة، على عكس ما جرى في استحقاقات ماضية. وحصل «تحالف حركة مجتمع السلم» على 33 مقعدا (من 462)، فيما فازت «جبهة التحرير» بـ164 مقعدا، وعاد 97 مقعدا لـ«التجمع». والحزبان يمثلان أغلبية مطلقة بالغرفة البرلمانية الأولى الجديدة، وقد كانا يشكلان أغلبية طيلة الولاية التشريعية الماضية ومدتها 5 سنوات. كما استنكر مقري موقف أحزاب معارضة قاطعت انتخابات البرلمان، على أساس أنها محسومة النتائج لصالح حزبي السلطة، وقال بهذا الخصوص: «لقد عبرتم أيها المقاطعون عن إرادتكم بكل حرية وبكل سيادة، واتفقنا معكم بخصوص تحليل الأزمة، ولكن اختلفنا في مواجهتها، فنحن رأينا أن المقاومة السياسية داخل المؤسسات هي الحل، وأنتم رأيتم بأن الحل هو في مغادرة المؤسسات ومقاطعتها». وأضاف مقري موضحاً: «لقد رأينا بأعيننا كيف أن الصناديق تم حشوها باسمكم، فنحن بالنسبة لكم مددنا من خلال مشاركتنا في عمر النظام، ونحن كذلك نقول بأنكم مددتم بمقاطعتكم في عمر النظام، لأن الوضع الحالي سيستمر كما هو رغم مقاطعتكم الانتخابات، وحتى لو لم نشارك نحن في الانتخابات لاستمر الأمر كما هو عليه، ولأتى النظام بحزب إسلامي آخر غير مقاوم بصدق ليزين به المشهد». وتابع مقري مدافعاً عن توجه حزبه «سنواصل طريقنا بنفس المنهج. أما أنتم أيها المقاطعون فماذا أنتم فاعلون من أجل التغيير؟ ما هو بديلكم الآن بعدما حققتم مرادكم؟ نحن في الانتظار لعلنا نجد فيكم من يقنعنا؟». يشار إلى أن ثلاثة أحزاب إسلامية أخرى متحالفة، شاركت في السباق الانتخابي وحازت 14 مقعداً. وقالت في بيان أمس إن الحكومة «فوتت على الجزائر فرصة تداول حقيقي بسبب رعايتها التزوير». واستنكرت لويزة حنون الأمينة العامة لـ«حزب العمال» اليساري (11 مقعدا)، أمس في لقاء مع صحافيين الأجواء التي مرت فيها الانتخابات، وقالت إن حزبها «تعرض لاستفزاز خطير من طرف السلطة»، التي اتهمتها بحرمانها من عدة مقاعد برلمانية، علماً أن «العمال» تراجع بثلاثة مقاعد، قياساً إلى انتخابات البرلمان التي جرت في 2012. وتحدثت حنون، وهي أول امرأة عربية تترشح للرئاسة (2004)، عن «انقلاب ضد إرادة الشعب»، ونددت بـ«التزوير المفضوح»، مشددة على أن «ما حدث من تلاعب خطير بأصوات الناخبين يدل على أننا بصدد دخول مرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها اندلاع العنف في الشارع، على الرغم من أني حذرت في وقت سابق، من التزوير لأنه يفتح علينا باب أزمة خطيرة ستكون شبيهة بما جرى في مصر وتونس». من جهة ثانية، واصلت الصحف الجزائرية تعليقاتها على مجريات الإنتخابات. وحول نسبة المشاركة التي لم تبلغ أكثر من 38 في المائة من الناخبين، عنونت صحيفة «الوطن» التي تصدر بالفرنسية على «الشرعية الهشة جداً» للجمعية الوطنية الشعبية الجديدة. ومن جهتها، كتبت صحيفة «ليكبرسيون»، التي تصدر بالفرنسية، أن «هذا الوضع سيضر بشكل خطير بمصداقية البرلمان، المدعو مع ذلك إلى اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة». أما صحيفة «الخبر» فقد تساءلت: «هل يمكن أن نسمي الفائز أغلبية الأقلية (الجزائريون الذين صوتوا)، أو أقلية الأغلبية (مجموع الناخبين)؟». وفي افتتاحيتها أشارت صحيفة «ليبيرتيه» إلى أن «الأغلبية إما أنها لم تصوِّت أو وضعت ورقة بيضاء» أو «لاغية»، وإلى أن الجزائريين أصبحت «ثقتهم ضئيلة» في نوابهم. وكتبت صحيفة «الشروق» التي تصدر بالعربية أن «اللعب سيغلق في البرلمان المقبل»، مؤكدة أن «أحزاب السلطة (تتمتع) بأغلبية مريحة والبقية مجرد ديكور».
مشاركة :