عندما فاحت رائحة الموت في حريق منى عام 1417هـ، واحترق ما يزيد عن 50 ألف خيمة مخلفة خلفها أكثر من 300 حالة وفاة وقرابة الـ 2000 مصاب، بعد الفاجعة كانت التدابير التي نشهدها الآن من تنظيمات، حيث منعت الخيام التقليدية القابلة للاشتعال، ومنع استخدام الغاز، والأهم من ذلك أجبر الحجيج على الانضمام إلى حملات حج معتمدة، فأصبح الحج أكثر تنظيماً ومراعاة لسبل السلامة والسبب رائحة الموت. بعدها بعامين وعندما فاحت رائحة الموت من أقصى الجنوب إثر تفاقم حالات الوفيات جراء وباء الوادي المتصدع الذي اقتطف قرابة 120 نفساً تم الالتفات لجيزان، فكان الموت خير مرشد إلى الحالة المزرية التي يعيشها إنسان جيزان حينها، فأصبحت جيزان اليوم مدينة عصرية جميلة تفضلها على كبريات مدن المملكة. فاجعة مدرسة الهنداوية بمكة سنة 2002 التي انبعثت منها رائحة الموت عندما قضت 14 فتاة من زهرات المدرسة المتوسطة الـ31، كانت المقدمة لتغيرات واسعة إقيل على إثرها أكبر مسؤول في تعليم البنات ودمج التعليم للبنين والبنات في وزارة واحدة. غرق جدة سنة 2009 الذي حصد مئات من القتلى والمفقودين، ساهم في حزمة من التغييرات الجذرية في مسؤولين كبار، وحمل مشاريع عملاقة بمليارات الريالات لترقيع البنى التحتية لجدة وشهد حقبة دخول أرامكو لمشاريع القطاع العام، وكان بداية مرحلة جادة من تفعيل دور الرقابة والمحاسبة. الآن كورونا حصدت حتى كتابة هذا المقال 160 نفساً، والعدد مرشح للزيادة، وقد اتهمت وزارة الصحة بالإهمال فطار وزيرها وتم تغيير عدد كبير من القيادات حتى الآن، الاتهام الآخر للجمال الناقلة للمرض وهو اتهام يطال وزارة الزراعة التي تغط في سبات عميق ولا يثق في تدابيرها التي لم تتغير رغم رائحة الموت.
مشاركة :