شهدت أسواق الأسهم الأميركية خلال الأسابيع الماضية سلسلة من التطورات والأحداث التي أثرت على عمليات التداول الأسبوعية. وكان في مقدمة هذه التطورات، وفق ما جاء في التقرير الصادر عن شركة رساميل للاستثمار، قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في اجتماعه الأخير الذي عقده يوم الأربعاء الماضي الإبقاء على معدل الفائدة حتى يونيو عند 0.75 إلى 1 في المئة، وهو القرار الذي كان متوقعاً للغاية في «وول ستريت» بعدما أظهرت البيانات الاقتصادية التي تم نشرها نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 0.7 في المئة فقط، وهو النمو الذي جاء مخيبا للآمال للاقتصاد الأميركي. ورأى مجلس الاحتياطي الفدرالي أنه على الرغم من وصول معدل التضخم إلى القرب من المستويات المستهدفة، والتي تعادل 2 في المئة، فإن المؤشر القياسي لأسعار المستهلكين الأساسي، باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة، آخذ في الانخفاض بشكل طفيف. وتتوقع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يؤدي تنفيذ خططها الاقتصادية إلى تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى نسبة تتراوح بين 3 و4 في المئة. كما تأمل إدارة ترامب أن يؤدي إقرار التخفيضات الضريبية خلال العام، إلى جانب تنفيذ برنامج تطوير وبناء البنية التحتية إلى تحفيز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وتوفير المزيد من فرص العمل. يذكر أن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة مرتين منذ الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر الماضي، كان آخرها في شهر مارس، ومن المتوقع أن يوافق أعضاء لجنة السياسات المفتوحة في المجلس على زيادة أخرى في شهر يونيو المقبل. وتصل توقعات المتداولين في سوق العقود الآجلة للأموال الفدرالية بخصوص اتفاق أعضاء اللجنة على خطوة جديدة في اجتماعهم المقبل إلى 70 في المئة، ولكنهم منقسمون حول ما إذا كان الفدرالي الأميركي سيعمد إلى زيادة الفائدة مرة أخرى هذا العام. وعلى صعيد أكثر إيجابية، أصدرت وزارة العمل تقريرها الخاص بالوظائف لشهر أبريل الماضي، والذي أظهر نجاح الاقتصاد الأميركي في إضافة 211 ألف وظيفة جديدة، مقارنة مع التقديرات التي كانت تتوقع إضافة 185 ألف وظيفة. إضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات التي نشرت استقرار معدل البطالة في شهر أبريل الماضي عند نسبة 4.4 في المئة، مقارنة مع 4.5 في المئة في الشهر السابق. ويعتبر هذا المستوى للبطالة الأدنى منذ قراءة شهر مايو 2007 (أدنى معدل في 10 سنوات). أما على صعيد النتائج المالية للشركات الأميركية خلال الربع الأول من العام الحالي، فقد شهد الأسبوع الماضي إعلان شركة Apple نتائجها المالية التي جاءت أفضل من التوقعات، غير أن مبيعات الشركة من هواتفها الذكية iPhone جاءت دون التوقعات، وذلك بعدما أظهرت بيانات الشركة بيع 50.76 مليون جهاز مقارنة مع التقديرات التي كانت تتوقع بيع 52 مليونا. ويعود هذا الفرق في بيع أجهزة الهاتف بالمقارنة مع التقديرات إلى تأجيل المستهلكين استبدال أجهزتهم الحالية بأخرى جديدة بانتظار إطلاق الجهاز الجديد iPhone 8. ومع ذلك فإننا نعتقد أن هذا المستوى من عمليات شراء هاتف الشركة الذكي لا يختلف عن مستويات الربع الأول السابق. وقد عمد المستهلكون دائما إلى تأجيل شراء أو استبدال هواتفهم الذكية منذ أن جعلت شركة Apple موعد إطلاق نسخة جديدة من هواتفها الذكية سنة واحدة. من جهة أخرى، تجاوزت إيرادات وأرباح شركة Facebook المستويات المستهدفة فضلا عن توقعات النمو الشهرية واليومية للمستخدمين النشطين. ومع ذلك فقد حذرت الشركة من أن نمو عائدات الإعلانات من المتوقع أن ينخفض في الفصول القادمة. وأخيرا كانت شركة Tesla إحدى الشركات البارزة التي أعلنت نتائجها المالية للربع الأول، والتي أظهرت نجاح إيرادات الشركة في تجاوز المستويات المستهدفة، وذلك بعدما وصلت إيراداتها إلى 2.7 مليار دولار أميركي للربع الأول من العام، مقارنة مع التوقعات بوصولها إلى 2.6 مليار دولار. ومع ذلك، فقد تجاوزت الخسائر المعدلة للشركة الناشطة في قطاع صناعة السيارات الكهربائية للتقديرات، وذلك بعدما وصلت إلى 1.33 دولار للسهم الواحد في الربع الأول، مقارنة مع خسائر متوقعة بقيمة 0.81 دولار للسهم الواحد. وتراجعت أسهم الشركة بعد فترة وجيزة من إعلان الأرباح، ولكنه عاد إلى مستوياته مجدداً في اليوم التالي من التداولات، مما يدل على أن السوق يتعايش مع فكرة تكبد الشركة خسائر إلى حد ما، إذا كانت تنجح في تجاوز التوقعات على صعيد الإيرادات وتستطيع تلبية / تجاوز طلبات التسليم على نماذج مختلفة.
مشاركة :