لهذه الأسباب لا ينبغي فرض ضريبة على تحويلات الوافدين - اقتصاد

  • 5/8/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

عن قصد أو غير قصد، يغرّد العديد من النواب خارج سرب الأسس والقواعد الاقتصادية البسيطة والصحيحة. يريد هؤلاء بشكل أو بآخر زيادة إيرادات الدولة، غير أنهم غالباً ما يطرقون الباب الخطأ.آخر هذه الأبواب كان الحديث عن ضرورة فرض ضرائب على تحويلات الوافدين، بيد أن هذا الأمر دونه عقبات كثيرة، في حين أن مردوده لا يرقى إلى الحد الذي يمكن أن يطلق عليه صفة «إيراد» بالمعنى الحقيقي.يجزم بعض الخبراء الاقتصاديين أن القاسم المشترك بين عشرات الاقتراحات «الشعبوية» هو غياب الدراسة الوافية من أهل الاختصاص والعارفين بتداعياتها السلبية على مختلف القطاعات الاقتصادية، بعيداً عن «المزايا التي يجري الترويج لها».ويؤكد هؤلاء (الخبراء) أن هناك عوامل متغيرة لا يمكن التحكم فيها أو قياسها، وبإمكانها أن تتحكم في قواعد اللعبة كاملة، وصولاً إلى إجهاض فرض هذه الضريبة أو تلك.ومن أبرز هذه العوامل رد فعل الشريحة المعنية، أي الوافدين على الضريبة المقترحة من خلال اللجوء إلى «خطط دفاعية» بغية التخفيف من وطأة القرارات التي تزيد الأعباء المعيشية عليهم.ولعل من أبرز هذه الخطط:1 - تغيير نمط الإنفاق الاستهلاكي.2 - الانتقال إلى محل سكن أصغر مساحة وأقل سعراً.3 - إبعاد العائلات والتحول إلى سكن العزاب.4 - تغيير خريطة الإجازات السنوية ورحلات السفر.5 - اللجوء إلى طرق مبتكرة للتحويلات غير الرسمية (سوق سوداء بما تحمل من مخاطر).6 - مطالبة أصحاب العمل برفع الرواتب والأجور والمكافآت.7 - نزوح العمالة الوافدة وخصوصاً الماهرة إلى خارج الكويت.ويرتبط تغيير نمط الإنفاق الاستهلاكي بتقليل الوافدين لمصروفاتهم التي ترتبط بصورة وثيقة بقطاع التجزئة، الذي يضم المطاعم ومتاجر الملابس والأغذية والأجهزة المنزلية، وغيرها، ويشكل جانباً مهماً في الاقتصاد، وهو ما يشير في الوقت ذاته إلى أن تغير سلوك الوافدين سيعني دخول القطاع المذكور في حالة من الانكماش.وقد يتطور تراجع حجم المبيعات حال استمراره لفترة تنخفض معها الإيرادات، وصولاً إلى ركود نسبي، ما يضعف أرباح ذلك القطاع، ويقلل فرص النمو والتوسع فيه، إذ يمثل الوافدون قوة شرائية عالية تحافظ على ديمومة نمو الشركات العاملة في هذا المجال.أما تفضيل الوافدين لأماكن السكن الأقل سعراً والأصغر مساحة، فسيشكل طعنة للشقق المتوسطة والكبيرة، ما يؤثر بشكل مباشر على القطاع العقاري ككل، لاسيما وأن الملاك (مواطنين) سيصبحون غير قادرين على تأجير شقههم، وبالتالي تقل قدرتهم على الوفاء بأقساط تمويل بنائها للبنوك، وهو ما ينتج عنه تزايد نسبة القروض المتعثرة في القطاع المصرفي.كما يزداد الأمر تعقيداً حال تحول نسبة كبيرة من الوافدين إلى سكن «العزاب»، بما يحمل هذا التوجه من مخاطر لا مجال للخوض فيها.بيد أن الأهم من ذلك، هو أن الوافدين سيسعون ولتخطي الضريبة المزمع فرضها على حجم التحويلات إلى طريقين، الأول يتمثل في اللجوء إلى السوق السوداء (غير الرسمية) والتي يتم التعامل فيها دون رسوم تحويل أو سقف لحجم التحويلات ما يزيد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما تطلبه من آليات رقابية قاسية ذات تكلفة عالية.في حين يتمثل الطريق الثاني في اللجوء إلى عمليات الـ «اربتراج» من خلال التحويل على شكل سلع بعينها (ذهب وغيرها) والاستفادة من فرق سعرها بين السوق الكويتي وبلادهم، وهو الأمر الذي سيضغط على المعروض للعديد من السلع مسببا أزمة أخرى، قد ترفع أسعارها ليتحملها المواطن كما الوافد.في المقابل، تُعد مطالبات الوافدين العاملين لدى المواطنين بدءاً من المنازل أو الشركات والمؤسسات بزيادة الرواتب لسداد الالتزامات الجديدة، أمراً حتمياً، وهو ما سيزيد من تكلفة استخدام الخدم في المنازل، ناهيك عن زيادة تكلفة بند الرواتب والأجور على الشركات والمؤسسات ما سيقلل حجم العوائد المحققة.وفيما تفضل العمالة الماهرة الكويت دائما نظراً لأن تكلفة المعيشة بها تظل منخفضة نسبياً عن جيرانها، فمع فرض رسوم وضراب سيفضل الوافد الفرص الوظيفية في الدول المجاورة.وهنا ينبغي التوقف عند تحذيرات صندوق النقد الدولي من فرض ضريبة على تحويلات الوافدين، حيث اعتبر أن هذا الأمر يفتح باباً واسعاً للسوق السوداء، كما أنه يؤثر سلباً على البيئة الاستثمارية في الكويت التي تسعى لتكون مركزاً مالياً إقليماً وعالمياً.ويرى الخبراء أن مثل هذه القوانين العشوائية التي لا تُدرس ويُعتقد أنها تحقق مردوداً اقتصادياً مجزياً وتسهم في تنمية الإيرادات غير النفطية، هي بخلاف ذلك.

مشاركة :