فن امتطاء الموجات

  • 5/8/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خيري منصورهناك حيلة سياسية ذات بعد إعلامي بدأ يلجأ إليها الصيادون المحترفون في الماء العكر، هي وصف أي مثقف أو مراقب قرأ الحراكات العربية كما هي وليس كما يشتهي بأنه من قوى الشد العكسي، وممن يضعون الهراوات في الدواليب، والعكس هو الصحيح، فمن يقرأ الواقع كما هو وما بين سطور أحداثه قراءة نقدية وغير أفقية هو الأشد حرصاً.وثمة فارق بين الأب وزوج الأم، فالأب قد يغضب ويصرخ حباً، لكن من يغضون الطرف عن كل الثغرات والسلبيات طمعاً في تملق العواطف، والظفر بالتصفيق المؤقت، يساهمون في تكريس ما هو سلبي من خلال التواطؤ، ولأن من يجتهد لابد أن يخطئ ثم ينال أجرين فإن المثقفين العرب الذين لم يمتطوا الموجات، وترددوا في إبداء الآراء هم في النهاية أناس اجتهدوا وشعروا بعبء المسؤولية إزاء أوطانهم ودماء شعوبهم وما أنجز في بلدانهم!إنهم الأشد حرصاً والأقل مجازفة بانتظار الفرز بين القمح والزؤان والشحم والورم، لأن هناك حقوقاً لا يمكن لأحد إنكارها، لكن الفقهاء في التضليل والتلاعب بالبوصلات يحولونها إلى حقوق يراد بها أباطيل!ونقد أي حراك اجتماعي أو سياسي ليس معناه الاعتراض على دوافعه وأسبابه، لأن الدوافع قد تكون إنسانية ووطنية ونبيلة، لكن الصيادين المحترفين يختطفونها، لأن لكل قيس منهم «ليلاه» التي يغني عليها وليس لها!لقد دفع العرب المعاصرون منذ خمسينات القرن الماضي أثماناً باهظة لغض الطرف والتواطؤ، بدءاً من شعار «لا صوت يعلو على صوت المعركة».لهذا غطت الطبول الجوفاء كما يقال على النايات الشجية والصادقة!فهل المطلوب من المثقف أن يكون أشبه «بسانشوا» تابع «دون كيشوت» الذي يروي انتصاراته على طواحين الهواء؟أم إن دوره هو الدفاع عن المناعة وتشخيص الأخطاء كي لا تتكرر وتصبح خطايا؟وعلى من خدعوا الظامئين بالسراب أن يعتذروا ولو بكوب ماء!

مشاركة :