دخلاء العمل الإعلامي يتسلّقون «المهنة» بـحثـاً عن الشهرة والثراء

  • 5/8/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي فتح الإعلام العربي فيه ذراعيه أمام الجميع وبات الباب الأوسع لتحقيق الشهرة والمال في أسرع وقت، أصبح لقب «إعلامي» وظيفة الثراء السريع وتحقيق مكاسب أخرى في عالم المال والأعمال والحصول على الوجاهة الاجتماعية وخاصة في ظل سرعة الانتشار عبر الإنترنت، وأصبحت صفة ووظيفة إعلامي متاحة للجميع ومن دون أي شروط وباتت القنوات الفضائية تستسهل الطريق لجلب فنانين وراقصين ومطربين ليقدموا البرامج وهي المهنة الجديدة التي حلت محل المذيع الذي يتطلب منه إتقان اللغة والاطلاع والتحلي بقدر كبير من الثقافة العامة والرؤية التحليلية. وأصبحت مهنة «الإعلام» في بعض الدول مهنة من لا مهنة له من دون أي دراسة أو علم مسبق بطبيعة الرسالة التي يقوم بها الإعلام، وأن اللحظات البسيطة على الشاشة أو عبر الأعمدة المقروءة والتي تنقلها كافة المواقع الإلكترونية، يتلقاها الملايين وقد تكون مصدراً لاتخاذهم قرارات مصيرية وخاصة إذا تعلق الأمر بالتحليلات الاقتصادية والتي باتت هي الأخرى ملاذاً للمحللين من كل حدب وصوب وقد تتسبب في خسارة مالية. وتعتبر الصحافة السياسية لدخلاء مهنة الإعلام الأخطر على المستوى المحلي والدولي وأن الآراء الشخصية أو المأجورة من قبل بعض المؤسسات أو الأشخاص قد تتسبب في حدوث أزمات سياسية دولية، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من التنظيم المحلي والدولي لاعتماد قانون خاص بمهنة الصحافة والإعلام ومن يتصف بها وفقاً لمعايير محددة. إعلام مفتوح بداية قالت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة دولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، إننا في عصر الإعلام المفتوح والمتصل وسريع الانتشار، الأمر الذي جعل محتوى الرسائل الإعلامية خارج السيطرة، في الوقت الذي كانت تعتبر في السابق مسؤولية مؤسسات وشركات معينة. وأضافت الكعبي أنه يجب توعية الأشخاص وحتى الأطفال بمسؤوليتهم تجاه محتوى الرسائل الإعلامية التي يبثونها أو التي تصل إليهم، وخاصة في ظل توافر الكثير من الوسائط ووسائل التواصل، مشيرة إلى أنه يجب علينا صناعة محتوى إعلامي يوازي المحتوى العالمي من خلال توحيد رسالتنا في الشرق الأوسط انطلاقاً من كوننا نعتبر 22 دولة تتحدث نفس اللغة، لنستطيع أن نوصل رسالتنا للعالم، ولا نكتفي بأن نقف موقف المتلقي فقط، أو أن ننتظر الغرب أن يكتبوا محتوى الرسالة الإعلامية بالنيابة عنا. وأوضحت أن ذلك لا يتأتى إلا من خلال المهارات الإعلامية والارتقاء بالصناعة الإعلامية ومؤسساتها والعاملين فيها، وتحفيز صناعة المحتوى في الدولة وفي المنطقة العربية بشكل عام، فضلاً عن ضرورة تحفيز صناعة الصحافة الاستقصائية وإثراء مادتها وإيصالها للمتلقي من خلال وسائل الإيصال المختلفة. وأشارت إلى أن الرسالة الإعلامية لم تعد مقتصرة على صحيفة بعينها بل أصبحت عامة ومتاحة للجميع، إلا أننا يجب أن نتجنب توجيهها للمصالح الذاتية أو الأهداف الشخصية، عملاً بتوجيهات ونصائح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي حث على ضرورة أن يوجه إعلامنا العربي رسالة حضارية، وموضوعية ومواكبة لتطورات وتحديات العصر. فاقد الشي لا يعطيه من جانبه أكد ضياء الدين رشوان مدير معهد الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ونقيب الصحفيين الأسبق، أن من يحمل قلماً كمن يحمل سيفاً فعليه أن يكون حذراً وأن يكون أميناً ومقدراً حجم المسؤولية التي تقع عليه في ظل تواجده الإعلامي وتأثيره في ملايين الأشخاص وخاصة من ذوي الثقافة المحدودة، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على تغيير العقول عبر الشاشات. ونوه رشوان إلى أنه تم انتشار التطفل على هذه المهنة من غير المتخصصين لها، وممارسة أدعياء المهنة والعبث بالصحف الإلكترونية، والتي تشكل خطراً على المتلقي بصورة عامة من خلال تداول المعلومات والأخبار بأنواعها على أنها حقائق مستظلة ومستندة إلى أن الصحيفة مصرح لها، وأن الدخلاء على المهنة لن يلتزموا بأساسيات العمل الصحافي وهذا طبيعي وكما قيل «فاقد الشي لا يعطيه»، فضلاً عن أنهم مصدر رئيسي للشائعات لعدم حصولهم على المعلومات الصحيحة وحتى إن أيقنوا بأنها صحيحة ربما لا يكلفون أنفسهم بالتحقق من صحتها، وهم بذلك يتسببون بإرباك المجتمع لتحقيق السبق بين الصحف بعيداً عن المصداقية. إشكالية بدوره يقول الإعلامي جورج قرداحي: إن كل شخص بات صحافياً وفي المشهد الإعلامي اليوم أصبحنا نرى أي فرد من أفراد المجتمع يستطيع فتح صفحة أو حساب على مواقع التواصل الاجتماعي وتداول الأخبار ونشر ما يريد والضحية أحياناً تكون المصداقية في هذا النوع من الإعلام الذي يفتقر إلى المصداقية في كثير من الأحيان، وخاصة أن العديد استغلوا هذه الوسائل لترويج الأفكار المغلوطة والهدامة، فالحديث عن دخلاء إلى مهنة الإعلام والصحافة اليوم في ظل الفضاء الإلكتروني، بالتأكيد هناك الكثير من الدخلاء وهذه الإشكالية نعاني منها في واقعنا العربي ولا يمكن معالجتها بشكل كامل عبر القوانين والسياسات والتشريعات واقتلاعها من جذورها، باعتبار أن الرقابة صعبة في هذا الجانب ولا يمكن ضبطها. نجومية كاذبة إلى ذلك، أكد الإعلامي زاهي وهبي ضرورة منح خريجي كليات الإعلام الجدد الفرص للعمل في «المهنة» في وقت رأى فيه أنه سواء كان الصحافي أحد خريجي تلك الكليات، أو غيرها فإن ما يحكم نجاحه وتميزه في العمل وقدرته على مواصلته وفق المعايير والمتطلبات المهنية المطلوبة هو الكفاءة وتطوير وصقل المهارات، والثقافة العامة والقراءة الحكيمة للواقع والظروف المحيطة به. وأضاف: أشجع الدراسة الأكاديمية للإعلاميين، لكنها لا تكفي وحدها ما لم تلتحم مع خبرات عملية وتدريب وممارسة وتطوير مهارات شخصية، والاشتغال على النفس من ناحية المطالعة وإعمار المخزون الثقافي الذي يؤهل صاحبه للنجاح وخدمة المجتمع، والإعلام ليس فقط الوقوف أمام الكاميرات، أو كتابة مقالات وأخبار، وإنما هو ثقافة ومسؤولية تجاه المجتمع والمصلحة العامة والعادات والتقاليد والدين والقيم والأخلاق، وبالتالي هذه العوامل هي الحاسمة في مضمار السباق والظفر بوظيفة محترمة تليق بصاحبها وبالمجتمع وبالمهنة عينها. مهنة الشهرة ولفت الإعلامي اللبناني زافين قيومجيان إلى أن الإعلام مهنة الشهرة والنجاح السريع وأن بعض القنوات الفضائية تقحم غير الدارسين والفنانين وفي بعض الأحيان الراقصات ليقدموا برامج وتحولهم في ليلة وضحاها إلى إعلاميين بمعنى مختلف للاستفادة من شهرتهم في تحقيق الربح المادي للقناة. ونوه زافين إلى أنه في ظل الإعلام الحر ومواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن إحكام السيطرة على مقدمي البرامج مثلاً واختيار الدارسين فقط، منوهاً إلى أن الموهبة قد تطغى على الدراسة أحياناً وأن البقاء والاستمرارية دليل على نجاح الإعلامي إضافة إلى قوته المؤثرة في أكبر عدد من الجمهور والتي يجب أن ترتبط بمسؤولية كبيرة قد لا يستوعبها الكثيرون ويساء استخدامها. الموهبة والإبداع من جانبه يقول وجدي زين الدين رئيس تحرير جريدة الوفد: الحقيقة أن العلم والدراسة مهمان جداً ويجب على كل من يمتهن أية مهنة أن يتخصص فيها، لكن هذا الأمر لا ينطبق على الإعلام لأن هذه المهنة تتطلب بالدرجة الأولى الموهبة والإبداع، وهذا لا يحتاج إلى أن يكون متخرجاً في كلية الإعلام، والدليل على ذلك أن أعلام الفكر والثقافة في الوطن العربي لم يتخرجوا في كليات الإعلام بل إن هذه الكليات لم تكن موجودة أصلاً. ويضيف إذا كان التخصص في مهنة الإعلام مطلباً وتحدياً في الصحافة فلا بد من أن يكون هذا التخصص مقروناً بالموهبة ومهارات الكتابة في الصياغة، وبذلك يصبح الصحفي أكثر فعالية وإضافة للمكان الذي يعمل فيه. إلى ذلك أوضح الصحفي والإعلامي المصري سليمان جودة، أن مهنة الصحافة والعمل بها، ليس من الضروري وجود دراسة أكاديمية بها، وإذا اقترنت الدراسة مع الموهبة، فإن هذا يعد شيئاً جيداً، لافتاً إلى أن الكليات والمعاهد الإعلامية المتخصصة، عليها مسؤولية كبيرة في اختيار نوعية طلبتها بعيداً عن التقيد بفكرة المجموع، وخاصة أن هذه المهنة تتطلب الثقافة الواسعة. وأضاف أن كثيرين من الذين يعملون في حقل الصحافة على سبيل المثال لم يتلقوا تعليماً أكاديمياً، لكنهم يملكون المهارة والاحترافية المهنية، من خلال تمكنهم من أدواتهم، ويأتي في مقدمتها الاطلاع والتطوير والتدريب المستمر، لافتاً إلى أن هناك نماذج مضيئة وأسماء كبيرة في عالم الصحافة كثير منها لم يكن من خريجي أو دارسي الإعلام. مرحباً بأصحاب الكفاءات قال الإعلامي زاهي وهبي إن أي شخص لديه كفاءة ومهارات وعلوم ويرغب في العمل في الإعلام فأهلاً وسهلاً به، حتى لو لم يكن خريجاً متخصصاً، ولكن إذا كان عمله في هذا المجال من أجل تسلق هذه المهنة الشريفة والنبيلة لغايات أخرى مثل الظهور والاستعراض والنجومية الكاذبة، فهذا غير مقبول وينبغي وضع حد لمثل هؤلاء وإجبارهم على المغادرة وترك الفرصة والمجال لغيرهم، وعليهم أن يفهموا أن النجومية تولد من رحم احترام المتلقي، وتقديم مادة جيدة له مع التحلي بالمسؤولية الكاملة تجاهه. وقال: أعتقد أن وسائل الإعلام مطالبة بفتح الباب أمام الخريجين الجدد، والاهتمام بتدريبهم وتوجيههم وتوظيفهم إن كانت ثمة فرص لهم، حتى يكتسبوا الخبرة الحقيقية المطلوبة في هذا القطاع. تحذير يعد قبول الهدايا والجوائز من المصادر أخطر المزالق التي تضر بمكانة الصحفي، وقد تؤدي إلى انحياز الصحفي في التغطية إلى طرف دون طرف آخر، ولهذا يعتبر قبول الهدايا النقدية والعينية ذات القيمة خرقاً للسلوك المهني للصحافة، أما الهدايا التذكارية التي يحصل عليها الجمهور فلا تعتبر كذلك. 8 هناك 8 تجاوزات خطيرة قد يرتكبها بعض الصحفيين أو الإعلاميين أثناء ممارسة المهنة وهي لجوء الصحفي إلى السرقة الأدبية، والتفسير بنية السوء، والذم، والافتراء، والطعن، والتشهير والقذف، والادعاء، وقبول الرشوة من أجل النشر أو لإخفاء المعلومات. كما ذكر الميثاق أنه يجب على الصحفي أن يذكر اسم الصحيفة المنافسة عند استخدامه حقائق أوردتها تلك الصحيفة، مؤكداً في الوقت ذاته أن تنافس الصحفيين في الحصول على الأخبار والصور والمعلومات حق مشروع، والممارسة في التنافس مباحة، على أن تكون بأمانة ووضوح ولا تعوق عمل زملائهم في الصحف الأخرى. إثارة أكد ميثاق العمل الصحفي أن التغطية الصحفية في القضايا الطبية يجب ألا تأخذ طبيعة الإثارة، حيث إنها قد تؤدي إلى إشاعة التخوف بغير أساس، أو نشر الأمل الكاذب بين بعض القراء، ونشر التقارير حول نتائج الأبحاث والإنجازات الطبية التي لا تزال في مراحلها الأولى، يجب ألا تصور كما لو كانت حاسمة، ولا تقبل الجدل. خط أحمر يلتزم الصحفي بالابتعاد عن استخدام الألفاظ التي تخدش الحياء أو البذيئة، مع التأكيد أن الدين الإسلامي مكون أساسي ومهم في الانتماء والثقافة والقيم والعادات الإماراتية، واحترام الأديان السماوية والمذاهب، وقيم وعادات الشعوب الأخرى تدخل في صلب القواعد الأخلاقية الملزمة للصحافة والصحفيين في الدولة، وخدش هذه العقائد أو مسها بأي شكل من الأشكال لا يعد مقبولاً ويتعارض مع مسؤوليات الصحافة وأهدافها، مع ضرورة المحافظة على حقوق الإنسان وعدم نشر ما لا يحط من كرامته التي كرمه بها الله عز وجل هي من القواعد الأخلاقية التي لا يقبل الصحفيون في دولة الإمارات المساس بها تحت أية ذريعة. 1983 حدد الكاتب الأميركي جون م. هاتلنج في كتابه أخلاقيات الصحافة 1983، أخلاقيات العمل الإعلامي في نقاط أهمها: الصدق، وهو الدافع لأدبيات التعامل مع المادة الإعلامية، ثم احترام الكرامة الإنسانية، مؤكداً أنه يجب عرض الأخبار والصور بما لا يمس هذه الكرامة جماعية كانت أو فئة أو ثقافة أو دين أو فردية، مثل عرض صورة شخص دون إذن، يلي ذلك النزاهة، وهي تعني تقديم الخبر والصور بنوع من الحياد وتجنب الخلط بين الأمور، ثم الاعتبارات الذاتية، حيث تفيد النزاهة بالتجرد من الهوى والاستقلالية في العمل وعدم الخضوع لأي تأثير أو رقابة، وأخيراً المسؤولية، حيث يجب على الإعلامي أن يتحمل مسؤولية الصحة في أخباره بمعنى أنه لا يجوز نقل أي خبر دون التحقق منه والتحري بشأنه والتزام الدقة في معالجته والحذر في نشره. حرص يلتزم الإعلامي بفحص الأخبار والمعلومات المحددة بكلمات أو صور بحرص شديد قبل نشرها، وما يتعلق بدقتها على ضوء الظروف الموجودة، والاهتمام بحيث لا يحرف الخبر، من خلال العنوان أو كلام الصور، على أن يتم إعادة تحرير الوثائق بدقة، وأية تقارير غير مؤكدة وإشاعات أو افتراضات يجب الاستشهاد بها على أنها كذلك، وإذا ما كانت المادة المعاد تحريرها، أو إنتاجها للمطبوعة تشكل صور رمزية، يجب أن يكون واضحاً من كلام الصورة أن هذه الصور ليست وثائقية.

مشاركة :