قصتي مع نوبات الهلع

  • 5/11/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يخطر ببالي قط أن أكتب يوماً على الإنترنت، ظهرت الفكرة فجأة، وذلك للكم الهائل من الأفكار المتناحرة في رأسي، لربما ستساعدني الكتابة على تصفية ذهني من هذا الشتات الذي أغوص فيه. القصة بدأت في سن العشرين، كنت حينها في المرحلة الجامعية لما بدأت بعض أعراض نوبات الهلع تنتابني، لكن لجهلي بها كنت أحسبها من أعراض القلق الناجمة عن ضغوط الدراسة والامتحانات، إلى أن جاء ذلك اليوم المشؤوم. كان يوم الخميس، وكنا قد خرجنا لتونا من المحاضرة ومتجهين أنا وزميلي إلى المقهى للاستراحة من تعب ذلك ليوم، وما إن بدأنا باحتساء القهوة حتى انتابني شعور غريب تبعته برودة في الأطراف، تسارع لدقات القلب ورغبة في الصراخ والهرب، حاولت قدر المستطاع أن أتمالك نفسي لكن دون جدوى، فضجيج الناس والسيارات زاد من نوبتي، أخبرت صديقي بالأمر، حاول أن يهدئ من روعي ويوهمني أنها فقط أعراض السهر والإعياء، لكن الأمر أكبر من ذلك، فلم أعد أحس بنفسي، وكأني غريب أو في حلم، لم أعد أقوى على فتح يدي، لم أستطِع التحمل، قررنا العودة إلى المنزل الذي نكتريه بحكم أني كنت أدرس بعيداً عن أهلي. وصلنا إلى البيت، أخذت حماماً بارداً عله يهدئ من روعي، لكن دون نتيجة تذكر، ما زال نبض قلبي متسارعاً يصاحبه إحساس بالاختناق ورغبة في التقيؤ، مما ألزمني التوجه إلى المستعجلات. اصطحبني صديقي إلى المستشفى الذي كان مملوءاً عن آخره بالمرضى، لم أعد أقوى على الوقوف، جلست على الأرض، انتابتني رغبة ملحّة في الصراخ، وكان ذلك. بدأت أصرخ بكل ما أوتيت من قوة أدخلوني إلى قسم المستعجلات عند الطبيبة المشرفة، بدأت بقياس الضغط إلا أنه كان سليماً عدا دقات قلبي التي تجاوزت 150 دقة في الدقيقة، حسب الدكتورة، التي بدأت تسألني أسئلة من قبيل هل تناولت حشيشاً أو تعاركت مع أحد هذا المساء؟ كان جوابي النفي، وأخبرتني بعدها أني ربما أمر بأزمة نفسية.. أزمة نفسية؟ لم تكن عندي أي مشاكل لا نفسية ولا جسدية، أنا شاب رياضي نشيط، وبالرغم من ذلك وصفت لي دواء، وأعطتني ورقة توجيه إلى طبيب نفسي، لكن لم أعر الأمر الكثير من الاهتمام، مرض نفسي؟ لا يعقل. عدنا أدراجنا إلى البيت، والأعراض ما زالت مستمرة، بدأ أصدقائي يصلون عندي تباعاً، أجمعوا كلهم على أنها حالة عادية ناجمة عن ضغوط الامتحانات وقلة النوم. في الغد الذي يصادف الجمعة أنتظر فيه والدي الذي يعمل في مدينة مجاورة ليأخذني معه في الطريق إلى بيتنا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. وصل أبي ومعه شخص آخر في السيارة، ركبت في الخلف، التزمت الصمت وأنا المعروف عني كثرة الحديث، الشيء الذي جعل أبي يخوض معي الحديث ويسألني عن أحوالي، أخبرته بكل شيء صدم من الخبر، مرض نفسي؟ ظل صامتاً طوال الطريق يختلس نظرات من مرآة السيارة يراقب تحركاتي إلى أن وصلنا البيت، أمي بدورها أحست بشيء غريب، استفسرت مني عن حالي، أخبرها والدي بكل شيء، صعقت هي الأخرى من هول الخبر. ما إن حل الظلام حتى عادت الأعراض بالظهور، أخذوني إلى المستشفى، أكد لهم الطبيب ضرورة الذهاب بي إلى أخصائي نفسي.. يا الله هل أنا مجنون؟ هل سأجن؟ هل هذه نهايتي؟ ظلت هذه الأسئلة تتخبط في رأسي طول تلك الليلة. أخذني أبي صبيحة السبت عند طبيب نفسي، لكن لسوء حظي كل الأطباء في عطلة نهاية الأسبوع، ما يلزمني انتظار الإثنين وسط هذه الحرب النفسية التي أعيش فيها. حل الإثنين وقد بلغ مني الإعياء مبلغه، فكل شيء لم يعد مألوفاً كما كان، الفرح يتضاءل، الحزن يزداد عمقاً، الغضب يتضخم، ما إن أخبرت الطبيب بأعراضي حتى أبلغني أنها نوبات هلع، ومن ثم بدأت رحلة البحث عن علاج لهذه النوبات التي ستصاحبني لسنوات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :