تفكيك المصطلحات -1-

  • 5/12/2017
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

برزت على الساحة الفكرية مصطلحات، أقل ما يمكن أن يُقال أنها تسبَّبت بنوعٍ من التغرير الفكري الذي بدورِهِ تسبَّب في انحرافِ البعض عن الجادة وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً. وما الظن بأنهُ حسن إلا لأن العين السقيمة ترى الأشياء على غيرِ حقيقتها؛ فقد ترى الشيء الواحد اثنين، وقد تراهُ على غيرِ لونِهِ، أو تتسبَّبُ غشاوةُ المرض في رؤية الشيء على غيرِ حقيقتهِ بالمرَّة!. وهل العين التي زيَّن لها الشيطانُ ما ترى؛ هل كانت إلا عيناً سقيمة تحتاج لدواءِ الوحي الصافي والعقيدة الصحيحة، وأن تعرِف وسائل عدوَّها الحقيقي في الإغواء ومكره وكيده فتحذره؟!. وهل كان الانحراف عن الفطرة السواء إلا سقماً ينبغي تدارُكُهُ وعلاجه قبل حين الأجل؛ فلا ينفع ساعتها إيمانٌ وقد حضرت الغرغرة وأجلَبتْ بخيلٍ ورَجْل!. (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الروم (30). يقول الطبري عند تفسيره للآية الكريمة: “لا تغيير لدين الله؛ أي لا يصلح ذلك، ولا ينبغي أن يُفعل”. إنها سُنةٌ إلهية لاتتبدل، فقد قضى سبحانهُ أنه لا تبديل لخلق الله، فمهما رام الخلق تبديلاً لخلق الله وأمعنوا في بذل الوسائل ظناً منهم أن بمقدورهم أن يحيوا ويسعدوا بعيداً عن منهج الله ودينه ستدركهم الخَيْبَةُ لا محالة. ولنا فيمن حصَّل البهرج والزخرف مع فقدِ الإيمان الصحيح مُعتبرٌ وعظة، حيثُ القلبُ والروحُ يعانيان شقاءً وتعاسةً دائمين رُغم ترَفِ الجوارح: (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) الأنعام (125) أما الإياسُ حين الغرغرة فقال فيه تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) النساء (17-18) تفكيك: وحتى يستبين الحق لا بد من ردِّ الحادث المستجد من الكلماتِ المجملة إلى الواضح الصريح، فيحصل البيان والتفصيل وتنجلي الغِشاوة وتزول. يقول ابن القيِّم –رحمهُ الله- مشخِّصاً تلك الحالة بدقة عجيبة!: “إن هؤلاء المعارضين للكتاب و السنة بعقلياتهم، التي هي في الحقيقة جهليات، إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة، تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحق وباطل، فبما فيها من الحق يَقْبَلُ ـ مَن لم يُحِطْ بها علما ـ ما فيها من الباطل، لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء، وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع كلها، فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لَمَا قُبِلت، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها، ولو كانت حقًّا محضًا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنة، ولكنها تشتمل على حق وباطل، ويلتبس فيها الحق بالباطل”. ويقول أيضاً: “فأصْلُ ضلال بني آدم مِن الألفاظ المُجْمَلة والمعاني المشتبهة، ولا سيَّما إذا صادفتْ أذهانًا مخبطة، فكيف إذا انضافَ إلى ذلك هوًى وتعصُّب”. ويصف شيخ الإسلام ذلك الإشكال بتحليلٍ يتناولُ حال المتكلّمِ حتى![1]، فيقول: “ثُمَّ التعبير عن تلك المعاني إنْ كان في ألفاظه اشتباهٌ أو إجمالٌ عُبِّر بغيرها، أو بيّن مراده بها؛ بحيث يحصُل تعريف الحق بالوجه الشرعي؛ فإنَّ كثيرًا مِن نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مُبْتَدعة ومعانٍ مشتبهة، حتى تَجِد الرجلين يتخاصمانِ ويَتعاديانِ على إطلاقِ ألفاظ ونفيها، ولو سُئِل كلٌّ منهما عن معنَى ما قاله لم يتصوَّرْه، فضلاً عن أن يعرف دَليلَه”!. ويدخلُ في هذا جُمْلة الألفاظ المشتبهة التي تقتاتُ وتتطفَّلُ عليها الباطنية الحديثة لتحيا وتنمو، على حسابِ الفكر السليم والفِطرة السوية .. ودينِ التوحيد الذي لا يقبَلُ اللهُ بديلاً عنه .. غير أنِّي سأتناولها ضمن مصطلحاتٍ أُخرى، فإليها: أولاً: مصطلح الوعي الحديث: “الوعي”؛ كلمةٌ تعبِّرُ عن حالةٍ عقلية يكون فيها العقل بحالةِ إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس.[2] ولا يبتعد هذا المعنى كثيراً في علم النفس، إذ تُستعمل فيه عِدَّة إطلاقات، تصُبُّ في جملتها في معنى القدرة على الإدراك الحِسِّي بين الكيان والمحيط الطبيعي له؛ كالإحساس بالذات، والإدراك الذاتي، والحالة الشعورية، وغيرها.[3] فمجرد الكلمة عند الإطلاق لا غبارَ عليها ..! .. أما إن اتصل مفهومُ الوعي – ومشتقاته!- بالجانب الفلسفي لتجارب البشر الروحية؛ فذلك يمثِّلُ بُعْدَاً آخر من المعاني. فتجربة المهاريشي يوغي وديباك شوبرا الروحيتان ترميانِ للاتصال والاتحاد بالإله أو ما يسمونه بالواحد الكلي؛ والتي هي في حقيقتها تعبير عن عقيدة الحلول والاتحاد ووحدة الوجود[4] المغرقة في الإلحاد والكفر والظلامية لمن تأمَّلها بعينِ البصيرة. ولذلك جاءت تصريحات السلف واضحة جلية في تكفير ابن عربي صاحب هذه المقالة التي هي أخبث وأكفر من قولِ النصارى في ذاتِ الله تعالى. ومن العلماء الذين بينوا حقيقة ابن عربي الإمام العز بن عبدالسلام، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي. وخصَّ بعض العلماء بعضاً من مؤلفاتهم لبيان كفر هذا الرجل؛ ومنهم الإمام برهان الدين البقاعي، حيث ألف كتابا بعنوان (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي)، وصنَّف العلامة ابن نور الدين مجلداً كاملاً في الرد على ابن عربي سماه (كشف الظلمة عن هذه الأمة). وكذلك كفَّره الإمام شهاب الدين أحمد بن يحي التلمساني الحنفي، والإمام سيف الدين عبداللطيف بن بلبان السعودي، وابن الجزري، والإمام بركة الإسلام قطب الدين ابن العسقلاني، وغيرهم كثير.[5] وإنما يتم صبغ هذه العقيدة المظلمة في كُلِ عصر بما يلائمه، لتلقى رواجاً وقبولاً عند من يجهل حقيقتها!. فأما الثوبُ الذي كانت ترتديهِ في عصر ابن عربي فقد استُبدِل في زماننا هذا بما يتماشى مع الموجة القائمة وهي موجة العلم الطبيعي المادي!. يقول المهاريشي يوغي عن تقنية التأمل التجاوزي التي ابتكرها للتوصل إلى حالة الوعي: “في تلك التقنية يرجع العقل إلى أرقى حالات التفكير، وفي النهاية يصل إلى مصدر الأفكار[6]، ومن هناك يصل إلى مستوى نسميه “الوعي الكامل[7]”. ويزيد هذا التمرين من مستوى الوعي. ويدفع المرء دائماً إلى اتخاذ القرارات الصحيحة. وهذه القرارات جميعها تكون متناغمة مع قانون الطبيعة التطوري. لذلك ستزداد حياة الإنسان تطوراً تبعاً لقوانين الطبيعة. والقانون الطبيعي من وجهة نظر دينية هو إرادة الله ونوره (!!)، أو الحقيقة العظمى، وبعد بلوغ هذه المرحلة ستزول الأخطاء والمعاناة والمشاكل. وبعد أن وصلتُ إلى هذه المرحلة أردتُ أن أصل إلى عالم خال من المعاناة”.[8] ويقول في موضعٍ آخر: “لكن علينا أن نذكر أنك لا تستطيع إبعاد الدين أو العلم عن أي شيء من العالم [9]، لا يمكنك أن تبعد أي شيء عن أي شيء في العالم .. عندما تقول: إن تقنيتي ليست ديناً، عليك أن تعلم أن لا شيء بمنأى عن الدين .. – ويوضح مهاريشي أن كل من لديه جسد وعقل سواء كان – مسلماً أو مسيحياً أو هندوسياً أو غير ذلك لديه حالة “الوعي الكامل” التي هي من حق الجميع، وتناسب أي شخص، فجميع الناس يمرون في مرحلة النوم العميق، وفي مراحل نعاس تدريجية ثم يصلون إلى مرحلة اليقظة. هذه هي طبيعة الحياة نفسها لا شيء غريب في ذلك. لكن عندما ننظر إليها من وجهة النظر هذه نجد أنها حقيقة كونية”.[10] فالجميع سواء!؛ أيُّ دينٍ لا يهم، وأيُّ شيءٍ كذلك لا يهُم حيثُ الجميع واحد في منظومةٍ لاتنفكُّ عن الإله باعتباره حقيقة كونية منبثة في كلِّ شيء!!. – سبحانك اللهم سبحانك-. وكأن التفرقة الواردة في كتاب الله لا تعنينا!![11]، فالجميعُ سواء مؤمنهم وكافرهم وصالحهم وطالحهم وظالمهم وعادلهم، والعلوم سواءٌ أيضاً صحيحها وسقيمها ومفيدها وفاسدها، والباطلُ كما الحقُ سواء بسواء لا فرق في معادلة الكون الطبيعية!، والأديانُ سواءٌ كذلك؛ سواءٌ من عَبَدَ الله. ومن عبد الشيطان ومن عبد العُزَّى والفأر والبقر ومن عَبد عزيراً والمسيح لا فرق!. ثم لاحِظ التلبيس والتزيين حين يأتي إلى المشتركات الإنسانية فيدلل على عقيدة الكفر من خلالها؛ والأمثلة المستخدمة هنا العقول والأجساد وحالة النوم!. ما كان لعاقلٍ أن يضِل بكلام المهاريشي وأمثالِهِ لولا تلبيس الكفر بلبوس الطبيعة والعلم والمادة باستخدام المشتركات الإنسانية التي لا يجحدها أحد بل هي محسوسات شعورية لدى كل إنسان!. هُنا تتجلَّى شفقة النبي صلى الله عليه وسلم حين بيَّن وشرح لنا بدايات الفتن كيف تكون: “تُعرَضُ الفتنُ علَى القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ سَوداءُ وأيُّ قلبٍ أنكرَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ بَيضاءُ حتَّى تصيرَ علَى قلبَينِ علَى أبيضَ مِثلِ الصَّفا فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامتِ السَّماواتُ والأرضُ والآخرُ أسوَدُ مُربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا لا يعرِفُ معروفًا ولا ينكرُ مُنكرًا إلَّا ما أُشرِبَ مِن هواهُ”[12]. فخليقٌ بالمسلم أن يستبين ويستوضح المصطلحات المشتبهة لئلا يتردى في هاوية الفتن، لا سيما الفكريةِ منها فيلمز الشريعة ظناً منه أنما لَمَزَ البشر!، ويَبْعُدُ القلبُ عن ربِّه دون شعورٍ منه، إذ غرَّتهُ عبادات الجوارح إن كان قائماً بها كما يجب!. قال صلى الله عليه وسلـم: “بادروا بالأعمالِ فتنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ، يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا، يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا”.[13] وقال صلى الله عليه وسلـم: ” أبغضُ الناسِ إلى اللهِ ثلاثةٌ: ملحدٌ في الحرمِ، ومبتغٍ في الإسلامِ سُنَّةَ الجاهليةِ، ومُطَّلِبُ دمِ امرئٍ بغيرِ حقٍّ ليُهريقَ دَمَه”.[14] وقد يقع في الإلحاد من يحسنُ ظناً بنفسهِ وإيمانه فيتخلَّى عن أوامر الشرع ويبتعد عن الإنقياد للهِ ورسولهِ بذريعةِ الانفتاح والتحرر والتنوع الثقافي والفكري، حتى ينسلخ ما معهُ من الدين والإيمان دون أن يشعر أو يخسرَ جُلَّه!، وهو يعتقد أنهُ على خير، ثم لا يستبين إلا عندما يفيق من سَكْرةِ الأفكارِ عنده: (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) يقول فضيلة الدكتور محمد النابلسي تعليقاً على هذه الآية: “الإنسان الجاهل يستهزئ أحياناً بالدين، يستهزئ بأهل الدين، يستهزئ بالمؤمنين، يستهزئ بالقيَم الدينيَّة، والإنسان الورع الذي لا يعصي الله عزَّ وجل، يُتَّهم باتهامات شتَّى، هذه الاتهامات أساسها استهزاء أهل الدنيا بأهل الإيمان، فهذا الذي استهزؤوا به أحاط بهم، هذا الذي استهزؤوا به وضعهم عند مسؤوليتهم، هذا الذي استهزؤوا به جعلهم يندمون على فِعْلَتِهِم … فالإنسان المؤدَّب لا يستهزئ، إذا لم يفهم شيئاً يسأل عنه …”.[15] ثانياً: التنوير: وهو اتجاهٌ فلسفي اجتماعي، حاول ممثلوه أن يُصححوا نقائض المجتمع القائم، وأن يغيِّروا أخلاقياته وأساليبه وسياسته وأسلوبه في الحياة بنشر آراء في الخيرِ والعدالة والمعرفة العلمية. ومن مفكريه؛ (فولتير، روسو). وقد ساعد نشاطهم بقدرٍ كبير على التغلُّب على نفود الإيدلوجية الكَنَسِيَّة والإقطاعية ومناهج التفكير المدرسية”.[16] وبحسب الموسوعة الحرَّة؛ التنوير: “مصطلح يشير إلى نشوء حركة ثقافية تاريخية قامت بالدفاع عن العقلانية ومبادئها كوسائل لتأسيس النظام الشرعي للأخلاق والمعرفة – بدلا من الرب الدين – و من هنا نجد أن عصر التنوير ذلك هو بداية ظهور الافكار المتعلقة بتطبيق العلمانية. رواد هذه الحركة كانوا يعتبرون مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث وترك التقاليد الدينية والثقافية القديمة والأفكار اللاعقلانية ضمن فترة زمنية دعوها بـ (العصور المظلمة)”.[17] والحقُّ أن هذا المصطلح الفضفاض يمثِّلُ عين الظلام والجهل إذا ما قُوبِل بالمنهج الإلهي الذي هو النورُ الحق والصراط المستقيم بإطلاق. وهل كان نُظَّارُهُ إلا بشراً يمثلون بعض عقولِ العقلاء – إن اتسموا به!- لا جميع عقولِ أولي النهى والألباب الموصوفون في عُرف الشرع الإلهي؟!. ومسالكهم تمثِّلُ بالضرورة أحد سُبُلٍ متفرقة غير الصراط المستقيم – مهما وُجد من مُسْتَحسَنٍ أخلاقي أصلُهُ عائدٌ إلى جملةِ أخلاقٍ فِطرية لم تنفكّ عن الإنسانية- فحقيقُ الأمر أنهم لم يأتوا بجديد ولم يُقدموا جديداً لمجتمعٍ هو على الإيمان الحق والفطرة السويَّة، قال تعالى: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام (153) وقال سبحانه: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك (14) لكن إذا نظرنا في ملابسات البيئة الظلامية التي ظهر فيها ذلك المصطلح، تلك البيئة التي طغى عليها الانحراف الديني والطغيان والاستبداد الكَنَسِيَّين، ناهيكَ عن الظلم وإهدار كرامة الإنسان بل إنسانيته، نجد أن المُقابلة هُنا عادلة!؛ حيثُ التنوير ثورة أخلاقية وضعية في مقابلةِ دينٍ وضعي أهْدَرتْ سماويته وقدسيَّته وعلياءه يدُ التحريف والتبديل والتزوير البشري. فهلّا يربأُ مسلمٌ عاقل عن استبدالِ النميرِ بآسنِ الماءِ ليملأ كوبَ فِكْرهِ وأخلاقه؟!. (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) البقرة (138) لا أحد أحسن من الله صِبغةً ولا أحد أحسن من الله تشريعا .. نسأل الله أن يهدينا سوآء السبيل .. [1] وهي في الحقيقة قراءة للواقع. [2] المعجم الفلسفي، د. مصطفى حسيبة، 694 [3] المرجع السابق، “بتصرف”. [4] لا ينفَكُّ مدعي الألوهية من اعتقاد تلك العقيدة الكفرية!. وهذا ما وقع فعلاً من المهاريشي يوغي وديباك شوبرا حيثُ ادعيا الألوهية!. وهذا ليس بمستغْرَب على العقائد الهندوسية الوثنية التي امتلأت بمختلف الشركيات والشعوذات. [5] تُراجع رسالة بعنوان (ابن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه، من القرن السادس إلى القرن الثالث عشر) للدكتور دغش العجمي. وانظر الموقع التالي: goo.gl/8b0ftt [6] يقصد الإله – تعالى الله علواً كبيراً-. [7] أي الاتحاد بالإله!. [8] في لقاء بثتهُ قناة العربية لبرنامج “مقابلة خاصة”. ويُلاحَظ توظيفه لنظرية التطور في تفسير مسلكه في عقيدة وحدة الوجود، تلك النظرية التي أُلبست لبوس العلم وما هي من العلم الصحيح في شئ!. [9] مبادرة فكرية لاحتواء عقل الآخر وقيادته، ثم إلغاؤهُ بطريق غير مباشر بما يكفل القضاء على التساؤلات اللاحقة تِباعاً، التي ينتظرها سبيل الرد المُرَاوِغ إن حاول صاحبها طرحها!. [10] انظر بقية الكلام الإلحادي المُلَبَّس والمُزيَّن في اللقاء المشار إليه آنفاً. [11] فلماذا أنزل القرآن إن كانت الهداية والضلال سواء؟!!. [12] رواه مسلم. [13] رواه مسلم. [14] رواهُ البخاري. [15] موسوعة النابلسي. [16] المرجع السابق، ص145-146 [17] goo.gl/bfHXlg

مشاركة :