حكايات تافهة جداً "2"| نهاية سعيدة

  • 5/13/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اصطحبها إلى المطعم الذي شهد لقاءهما الأول، هذه المرة الأولى منذ ذلك الحين التي يطلب منها الذهاب إلى هذا المكان، وبخبرة متابعةٍ جيدةٍ للأفلام الأجنبية، وبحس الأنثى، أو بما أصبح من المسلَّمات تعلم أن في الأمر شيئاً ما؛ وربما مفاجأة، وهذا تعبير مجازي طبعاً، فعلى سبيل المثال لا يمكن تسمية هدية زوج لزوجته في ذكرى زواجهما التي اعتادت عليها منذ أن تزوجا مفاجأة، كما أن حفل عيد ميلادك الذي أعدته لك خطيبتك في ذلك المطعم الذي لم تعتادا الذهاب إليه لا يمكن أن يطلق عليه مفاجأة أيضاً، حتى وإن نسيت أو تناسيت، فمجرد طلبها مقابلتلك في يوم كهذا في مكان كهذا يعصف بالأمر، وكون أنها طلبت مساعدة أصدقائك لاستدراجك أو كونها استبقت يوم ميلادك بيومين لا يغير من الواقع في شيء، لكننا نحبذ تَصنّع ذلك، سنتفاجأ؛ لينخدع الجميع بمحض إرادتهم ويعمّ السرور. اختار نفس الطاولة التي جلسا عليها حينها، ارتمى على الكرسي كمن وجده بعد الصعود إلى قمة جبل، لم يهتم بتحريك الكرسي لها لتجلس أولاً كما فعل في المرة السابقة، لكنها تغافلت عن الأمر، ربما يمكنها أن تعاتبه على ذلك في يوم آخر، لكن الآن؛ هناك ما هو أهم. استأذنته في الذهاب إلى المرحاض على عادة الإناث وتركته إلى نفسه التي لا تكلّ اللوم. ما هذا الذي ستفعله بنفسك؟! هل تعلم ما أنت مُقبِل عليه؟ ستملّها.. هذا طبعك.. وأنت تعلم ذلك جيداً.. بعد عام.. بعد عامين أو حتى ثلاثة.. وبعد أن تنتهي محاولاتك ومحاولاتها في ابتكار شيء جديد لتفادي روتين الزواج البغيض الذي اعتدتما السخرية من الآخرين عليه طوال الوقت، ستملّها. ستملّ والدها الذي سيتفنن في التقليل من شأنك على اجتهادك.. أحاديثه الكثيرة عن نفسه، عصاميته، عائلته؛ ومغامراته حين كان في سنك. ستملّ والدتها، تعليقاتها.. كلامها الملتوي الذي له مغزى لا يفهمه إلا والدتك، تقديم فروض الولاء لها، سخافة أخيها، هدايا الخطوبة.. عروس المولد، ياميش رمضان، عباءة عيد الأم.. كعك عيد الفطر ولحم عيد الأضحى، وعشرات الأنواع من الشوكولاته، فكرة أن هناك شيئاً أنت مجبر على فعله؛ لأن الناس اعتادت عليه هكذا في حد ذاتها تصيبك بالملل. ستمل طلبات الزواج.. عمال الشقة ومواعيدهم.. خلافاتها مع والدتك على لون الستائر، ستمل الستائر، حفل الزواج، سخافة أقاربها، ابن عمتها الذي كان يرغب في خطبتها لكنها فضلتك عليه، والدة ابن عمتها الذي كان يرغب في خطبتها، غيرتها غير المبررة من ابنة خالتك التي تفوقك سناً، كما ستمل عدم اكتراثها بالغيرة عليك في أوقات أخرى. أما بعد الزواج فحدّث ولا حرج، الملل سيكون شعار حياتك السرمدي، سيحيط بكل شيء، لعب الكوتشينة معها، تظاهرك بأنها أصبحت نداً لك، إحرازك الأهداف في مرماك في ألعاب الفيديو لتصنع منافسة وهمية، مضايقاتها حين تعلم بوجودك مع أصدقائك، تظاهرها باللامبالاة لوجودك مع أصدقائك، تورعك من تأخرك ليلاً لئلا تغضبها، تفاهتها في جدك، تعمقها في هزلك، مشاهدة فيلم السهرة معها، طعم الفشار الذي تعده ليلة الخميس، أكياس القمامة، التسوق معها، حبها للطعام الصيني، طلبها رأيك في طعام الغذاء، امتعاضها من عدم اهتمامك عندما تسألك: "ماذا أعد لطعام الغذاء"، أسبوع إجازتك الدورية الذي يتحول إلى أسبوع مشاجراتكما الدورية، خلافاتكما على مكان المصيف وفي المصيف وبعد العودة من المصيف. أزرار أكمامك المفقودة، جواربك الضائعة، ذوقها الرفيع في اختيار ملابسك، ترتيب غرفتك، نظام حياتكما الدقيق، شكواها إهمالك لها، تغيرك عليها، محاولاتك تفادي شكواها من إهمالك لها، محاولاتك عدم إبداء امتعاضك من كثرة شكواها من إهمالك لها، زياراتك المتكررة معها للطبيب، بكاء الأبناء ليلاً، مرض الأبناء، دروس الأبناء، مشكلات الأبناء، والأبناء أنفسهم. ستمل الزيارات العائلية، التجمع يوم الجمعة في بيت الجد، مجاملة الجيران، تصنعك اللطف حين تُعَرفك على أصدقائها، مشاكلها في العمل، مطالباتك إياها بالتوقف عن العمل، امتعاضها من مطالباتك إياها بالتوقف عن العمل، ستمل عملها وعملك وحياتك.. وستملها. أتدري ما أسخف ما في الزواج؟ - إنه الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعلك تكره الشيء وضده في آنٍ واحد. كفى، توقف أرجوك، وهل بيدي شيء أفعله؟ أخبرني ماذا أفعل حيال نظراتها التي لا تنفك تطالبني بخطوة أخرى للأمام حين تحكي عن قصص صديقاتها الخيالية مع من يحبون.. حين نشاهد فيلماً رومانسياً في السينما، أو حين نذهب معاً إلى حفل زواج؟ ماذا أفعل حيال رغبة والدي رؤية أحفاده قبل موته.. حيال أمي التي ترغب في اختيار زوجة لي من عائلتها، حيال أقاربي الذين مللت جملتهم السخيفة "عايزين نفرح بيك"؟ قل لي ماذا أفعل حيال كلمات زملائي في العمل وتحذيرهم من سنوات عمري التي مرت سريعاً.. نصائح أصدقائي المتزوجين رغم علمي بأنه لا أحد يلحّ عليك بشيء فيه فائدة لك، هذه سنة كونية لا مفر منها. قلّ لي ماذا أفعل حيال كل هذا؟ ليس لديَّ خيار آخر يا عزيزي.. سأتزوجها! لأطفئ نارهم جميعاً، حتى لو كان الثمن اشتعالي، سأكون مسيحهم المخلص الذي يقبل بعذاباته ليمنحهم السكينة والسلام. - محمد.. محمد. انتفض كمن لدغته عقرب، نظر إليها دون أن ينبس بكلمة. - بقالي 5 دقايق وانت سرحان ومش معايا. عاد برأسه إلى الوراء.. سحب نفساً عميقاً.. أغمض عينيه وضغط على أسنانه كمن يتجهز لتناول جرعته اليومية من دوائه المر، وقال: تتجوزيني؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :