يبدو أن اللواء المتقاعد الليبي خليفة حفتر، الشخصية المثيرة للجدل، وفائز السراج رئيس الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، مرتاحان بعد أن تجاوزا مأزقاً بينهما استمر أكثر من عام، في محادثات الأسبوع الماضي. والاجتماع ربما كان ودياً، لكن من غير الواضح ما إذا كان أي من الرجلين قادراً على قيادة نسق معقد من الفصائل على جانبي الصراع الليبي باتجاه حل وسط. ومن غير الواضح أيضاً إن كانت الدول الأجنبية -التي لها استراتيجيات مختلفة في ليبيا- ستساعدهما في تحقيق ذلك، خاصة وأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يعلن بعد عن سياسة تجاه ليبيا. وراود القوى الغربية الأمل في أن تلعب حكومة الوفاق الوطني -التي يرأسها السراج- دور الاستقرار، لكن على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط، وهزيمة تنظيم الدولة في معقله بمدينة سرت في ظل حكومة السراج، فإنها عاجزة عن بسط سلطتها، أو حل الأزمات الأمنية والاقتصادية الحادة، منذ وصولها إلى طرابلس في مارس من العام الماضي. وبينما يضغط المجتمع الدولي من أجل إعادة ضبط الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة، والذي أوجد حكومة الوفاق الوطني، أعرض حفتر عن الحوار رافضاً في آخر لحظة الاجتماع مع السراج بالقاهرة في فبراير الماضي. وقال دبلوماسي غربي بارز، «حقيقة أنهما اجتمعا هذه المرة شيء مهم، حفتر تحرك، إنه يبدو الآن أكثر قابلية للحل الوسط». الرجل القوي وفي الشهر الماضي عقد أيضاً اجتماع في روما بين رئيسي البرلمانين اللذين يعمل أحدهما من طرابلس والآخر من شرق البلاد، وأحدهما متحالف مع حكومة الوفاق الوطني، والآخر متحالف مع حفتر، ويعكف الجانبان على تسمية وفدين للتفاوض على تفاصيل اتفاق. لكن توجد علامات واضحة قليلة على تقارب، وشدد بيان أصدره معسكر حفتر في أبوظبي على دعم الجيش ومحاربة الإرهاب، و»معالجة انتشار التشكيلات المسلحة» وهو ما يعكس الصورة التي يرسمها حفتر لنفسه كرجل قوي يمكنه سحق التطرف وكبح الفصائل المسلحة، على حد زعمه. وأصدر السراج بياناً يعكس شروطاً قد تحتوي حفتر، وضع الجيش تحت سلطة مدنية وبناء دولة ديمقراطية والحفاظ على «مبادئ ثورة 17 فبراير 2011». وتردد أن حفتر يريد تشكيل مجلس رئاسي حاكم يضم أيضاً عقيلة صالح رئيس البرلمان الذي يعمل من شرق ليبيا إلى جانب السراج. لكن ذلك سيستبعد دوائر رئيسية ممثلة في المجلس الرئاسي الحالي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، ومن بينها جنوب ليبيا ومدينة مصراتة اللتان تتحالف كتائبهما المسلحة القوية مع حكومة الوفاق الوطني وتناوئ حفتر. وهناك بعض الجماعات المسلحة الأكثر تشدداً في مصراتة لا تزال تؤيد حكومة إسلامية التوجه أطيح بها وفقدت في الآونة الأخيرة مواقع لها في طرابلس، وهذه الجماعات مناوئة بشدة لحفتر. لكن حتى الفصائل المسلحة الأكثر اعتدالاً المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في العاصمة عبرت عن شعور بعدم الارتياح بعد اجتماع أبوظبي، الذي اعتبرت أنه يعزز على نحو غير منصف وضع حفتر كرجل قوي. وكتب هاشم بشر، وهو قيادي بارز، في صفحته على فيس بوك يقول: «قلنا مرات عديدة لا للحكم العسكري وطرابلس خط أحمر سواء لحفتر أو غيره». وأصبح رد الفعل أوسع وأكثر غضباً بعد أن أدلى محمد سيالة وزير الخارجية في حكومة السراج بتصريحات أشار فيها إلى قبول حفتر كقائد للجيش الوطني.;
مشاركة :