تحاصر نفسك بالسلبية.. وتدفن روحك في الهموم.. وتتحرك ليلاً ونهاراً داخل دائرة مغلقة صنعتها بنفسك لاتحوي سوى همومك ومشاكلك الشخصية.. وتلك العواصف التي دمرت حياتك.. تعيش مع الآخرين.. وتذهب إلى عملك.. ولكن بإحساس يرتكز على تجاهل الحاضر.. ونفي المستقبل.. والسكون داخل الماضي بأوجاعه وذكرياته التي لاتسكن ذاكرتك فقط وتستعيد تفاصيلها كل لحظة.. ولكنها تسكن عظامك أيضاً وتشعر أنك متهاوٍ.. مريض تعاني مرضاً غير قابل للتشخيص.. مرض أوجاع الروح وهو من أصعب الأمراض التي يعجز الطب عن علاجها.. أو وقفها طالما كان المريض مدمناً على ماهو عليه.. حريصاً أن يبقى داخل دائرة وجعه ولا يغادرها.. هذه الدائرة التي ترفض الآخر الطبيعي وتلتقي مع الآخر المريض الذي يتماهى معه في إحساسه.. من الصعب النفاذ منها أو مغادرتها دون إرادة حقيقية ترغب من خلالها في استعادة حياتك الطبيعية.. وكسر الدائرة المغلقة والانطلاق إلى الفضاء الأوسع..! يقول الدكتور "سوزان نولان- هوكسما" بروفيسور علم النفس بجامعة ييل.. "إن الإفراط في التفكير هو أحد المسببات الرئيسية للاكتئاب، خصوصاً عندما يتعلق بالتفكير في الذكريات والأحداث السلبية أو التفكير في مشاكل المستقبل الزائدة عن الحد".. هذا التفسير الذي اعتمد على دراسات اجتماعية يتقاطع مع حالات عشنا فيها وعاش فيها أناس كثيرون نعرفهم بعضهم مقرب وبعضهم بعيد.. كل هؤلاء قتلهم التفكير وحاصرهم القلق ودخلوا في موجات من الاكتئاب بعضها متقطع وبعضها استمر لفترات..! صديقة لي كثيرة القلق والخوف من المستقبل.. تتحدث كأنها بركان سينفجر بعد قليل.. متوترة مشدودة.. خائفة مرعوبة مما لاتعرفه.. راجعت الطبيب فقال لها لديك بوادر اكتئاب.. ووصف لها دواء خفيفا للاكتئاب.. قلت لها: لاتستخدميه.. فقط تعاملي مع الأمور بهدوء وتخلصي من قلقك بعدم التفكير فيما هو سلبي.. حاولي التعاطي مع الأمور من منظار أن القادم أفضل، وأنه لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا.. وأن هناك أموراً أخرى من الممكن أن تشغلي نفسك بها.. القراءة حل سحري.. السفر وتغيير المكان.. والأهم من ذلك الابتعاد عن البؤساء.. استغربت وهي تضحك.. قلت لها: ماأسمعه منك أنك تتماهين مع فلانة وهي سلبية متنقلة.. ولا أقول لك اقطعي علاقتك بها بل حاولي أن تخرجي من دائرتها ومشاكلها وهذا التقارب البائس بينكما.. وجذبها إلى ماهو إيجابي. .بدلاً من هذه اللقاءات السلبية التي تعكس على كل منكما...! زمان كانوا يقولون ببساطة الأوليين "من جاور السعيد يسعد".. وطبقاً لدراسة بريطانية فإن السعادة معدية وفقط فور البدء في الانضمام لمجموعات سعيدة من الناس والابتعاد عن البؤساء حتى على مواقع التواصل الاجتماعي فستتحسن حالتك النفسية.. بمعنى أنك ستشعر بالسعادة مع السعداء والبؤس مع البؤساء.. الذين أصبحوا يبثون بؤسهم بتعمد على الآخرين.. سواء في الهاتف أو الرسائل المحبطة التي تزيدك بؤساً.. وأنت لاشعورياً تدخل دائرتها دون أن تتنبه.. أتذكر جارة قديمة لنا بسيطة.. كانت دائماً سعيدة وفرحة وتنقل معها الفرح حيثما حلت.. وكانت تتجنب جلسات المشاكل أو الهموم.. أو الخلافات.. وتهرب من بعض جاراتها.. لأن جلستهم كلها تقصر العمر ولم تكن تعرف تلك الجارة البسيطة كلمة "سلبية" ولكنها بإحساس إيجابي كانت لاتحب أن يسقط عليها أحد همومه.. بالتخصص.. يتخلص منها ويحملك إياها.. هذه الفلسفة أصبح كثيرون يتبعونها وهي الهروب من الآخر السلبي.. وتجنبه لأنك لاتستحق أن تزيد همومك.. وتضيّق دائرتك المليئة أصلاً بالمشاكل.. وأخيراً هل تشعر بالتوتر والضغط العصبي؟ للتخلص من هذا الأمر قم بغسل الأواني والأطباق.. هذه نصيحة الباحثين في جامعة فلوريدا لأن غسل الأواني يصفي الذهن ويساعد على تقليل التوتر والضغط العصبي..!!
مشاركة :