دخلت موجة الاحتجاجات التي تشهدها فنزويلا شهرها الثاني، مخلفة حصيلة ثقيلة تمثلت في مقتل 39 شخصاً وإصابة المئات بجروح، واقع تحاول الحكومة التنصل منه وتعلق الأزمة الحادة بهذا البلد الجنوب أميركي على شماعة «المؤامرة الخارجية» في وقت تظاهر آلاف المسنين أمس وسط العاصمة كراكاس مطالبين بشيخوخة لائقة. واتهمت الحكومة الفنزويلية عبر وزارة خارجيتها، الولايات المتحدة بتمويل «مجموعات عنف» تابعة للمعارضة واصفة هذه المجموعات بالقيام بـ«العصيان المسلح». ويواجه نظام الرئيس نيكولاس مادورو، الغارق حتى النخاع في أزمة غير مسبوقة، احتجاجات ومسيرات شعبية اندلعت منذ مطلع أبريل الماضي، وقام بالتصدي لها من خلال اللجوء إلى العديد من الممارسات القمعية، كان آخرها تقديم المدنيين الموقوفين خلال هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات أمام المحاكم العسكرية. وقد دانت المعارضة والمنظمات غير الحكومية محاكمة عشرات المدنيين أمام محاكم عسكرية، معتبرين أن هذه المناورة من قبل حكومة مادورو إنما تروم كبح جماح الاحتجاجات. وبذات لغة الإدانة، وصفت النائبة العامة، لويزا أورتيغا، هذا الإجراء بكونه «غير ديمقراطي وينتهك الحقوق الأساسية لمحاكمة عادلة». من جانبه، قال الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية، لويس ألماغرو، إن «محاكمة المدنيين من قبل الجيش تعتبر من ممارسات الدكتاتوريات». وكانت المدعية العامة قد انتفضت ضد قرار المحكمة العليا مصادرة صلاحيات البرلمان، الذي تهيمن عليه المعارضة اليمينية، وحرمان النواب من حصانتهم، ما أثار استياء داخلياً ودولياً، وهو ما دفع المحكمة إلى التراجع عن قرارها. وينتقد السياسيون الفنزويليون استمرار الممارسات غير الديمقراطية في هذا البلد الجنوب أميركي. وفي هذا السياق تعتبر النائبة البرلمانية ماريلا ماغالانيس أن «النظام القائم في البلاد لم يعد استبدادياً، بل أصبح دكتاتورياً». وتقول البرلمانية الفنزويلية، بحسب وكالة المغرب العربي للأنباء، إن «القوات الأمنية تقمع بطريقة إجرامية التظاهرات الاحتجاجية مما يخلف مصرع العديد من الشباب»، مشيرة إلى أن العشرات من القتلى يسقطون ليس في كراكاس فحسب، ولكن أيضاً في مدن أخرى، بسبب «القمع الوحشي للنظام». الرؤوس البيضاء وبدعوة من المعارضة، نظمت في كراكاس «مسيرة القدامى» بهدف الاحتجاج على الأزمة في القطاع الصحي. وطالب المتظاهرون بحقهم في الأدوية وفي غد أفضل لأحفادهم. وتحدى حوالي ألفين من الأجداد والجدات الفنزويليين، حواجز الشرطة في العاصمة ليطالبوا الرئيس نيكولاس مادورو بأدوية وببلد أفضل لأحفادهم. ونظمت «مسيرة القدامى» بدعوة من المعارضة في شرق كراكاس ومدن أخرى في البلاد بهدف الاحتجاج على الأزمة في القطاع الصحي، غداة إقالة وزيرة الصحة بعد نشر أرقام مقلقة حول معدل وفيات الأطفال. واصطدمت مسيرة «الرؤوس البيضاء» بسرعة بالطوق الأمني العسكري الذي قطع أمامها الطريق. وذكر صحافيون أن عدداً من المسنين، بعضهم على كراسٍ متحركة، قاموا بتأنيب الشرطيين المزودين بخوذ ودروع، وبدفعهم. ووقف الشرطيون بدورهم ثابتين في صفوف واستخدموا بخاخات الفلفل.
مشاركة :