إصلاح ما أفسده التلفزيون والانتخابات

  • 5/23/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - دولي سينتهي موسم الانتخابات الرئاسية الموعود في غير بلد عربي، تماماً كما انتهى في الجزائر، إلى نتيجة كانت مُتوقّعة حدّ اليقين. لن يأتي موسم الانتخابات العربية بجديد، ولا بمفاجآت، بل لن يكون من المغالاة، أو من المغامرة في شيء، القول إن صناديق الانتخابات ستقول النتيجة المعروفة سلفاً، بدءاً من العراق، مروراً بسورية، وصولاً إلى مصر... ولن يكون للتلفزيون أيّ فضل في هذا، على رغم كل ما نكّب نفسه من أعباء، وأسند إلى ذاته من مهمات. هنا وهناك، في هذا البلد أو ذاك، من البلدان الموعودة بالانتخابات، لم يلعب التلفزيون دوراً في تغيير موازين القوى، ولا في إعادة تشكيل الرأي العام، أو صناعته، إذ بقي لاعباً للاحتياط، لم يركل كرة، ولم يصدّ تسديدة، كما لم يُشارك في التخطيط لهجمة. كل ما فعله أنه رفع الضجيج، وأطلق الصفير، وردّد الهتافات المؤيدة، أو المُعارضة، وخاض حروبه على المدرّجات، فيما كان كلّ من اللاعبين يعرف دوره، وحجمه ومداه، و «المُقدّر المكتوب على الجبين»، الذي «لا بدّ أن تراه العين». يدرك التلفزيون العربي، والقائمون عليه هذا. لكنهم جميعاً، من أصحاب القنوات ومالكيها، إلى منتجي البرامج ومعدّيها، وانتهاء بالمذيعين وإعلامييها، استمرأوا هذا الدور ولعبوه، على رغم ما فيه من خطورة لم يبالوا بعواقبها، وإلا لكان من الحسن ألا يزجّوا بأنفسهم فيها، حفاظاً على ما يمكن الحفاظ على ما تبقى منه، وتحاشي الإمعان في إفساد ما لم يفسد بعد كلّه، وأن فسد منه الشيء الكثير. تُراقب، أيها المشاهد، التلفزة السورية والمصرية، طيلة شهر ونيف، فتعلم مسبقاً أنها لن تستطيع أن تنتج أي تعديل في موازين القوى، او تغيير في ما استقرّ عليه الواقع الصلد، ولكن يلفتك أن هذه التلفزة، على تنوّعها، ما بين حكومية وغير حكومية، ورسمية وخاصة، وحتى المستقلة كما تصف نفسها، غاصت في العمل على تمزيق ما تبقّى من نسيج مجتمعي، أو تبهيت ما توفّر من إمكانية للتلاقي والتوافق، من خلال تعميق الشقّة بين هذا الطرف وذاك، وهذه الجهة وتلك، بإطلاق العنان لتوتّرات لفظية وقسوة كلامية وردود فعل نزقة، وصلت حدّ الشتائم والتخوين! من تراه في الشارع العربي لا يعلم أن منافسات الانتخابات الرئاسية العربية كلها، نافلة تماماً أو تكاد، وهي ما بين طرف قويّ إلى أقصى حدّ، وآخر ضعيف إلى درجة لا يُؤبه له؟ فما الذي يدعو التلفزيون للعب هذا الدور، وهو الذي يُفترض به بقليل من حُسن النوايا، أو الحدّ الأدنى من الإدارك والوعي والتبصّر، معرفة أن جلّ ما سيفعله هو تسعير الخصومات، وإعلاء السدود بين الفرقاء؟ من هنا، وفي مرحلة ما بعد الانتخابات، سيبقى السؤال المؤلم: من يستطيع إصلاح ما أفسده التلفزيون، والانتخابات، عندما يغدو المرجوم فيه، والمهزوم فيها، مطروداً من الوطن والوطنية؟

مشاركة :