تقدم أوروبا وإخفاقاتها في مكافحة الاحترار المناخي

  • 5/16/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

باريس (أ ف ب) - في الوقت الذي ينعقد فيه اجتماع بون لمناقشة تطبيق اتفاق باريس المناخي، يتحدث خبراء عن التقدم الذي أحرزه الاتحاد الأوروبي في هذا المجال وعن الإخفاقات أيضا، علما أنه ثالث مصدر للغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض. والاتحاد الأوروبي مسؤول عن 10 % من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم بعد كل من الصين والولايات المتحدة. - الطموحات - في التسعينات، كانت أوروبا رائدة في الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، وفي إنشاء سوق الكربون، أي إمكانية أن تبيع دولة ما حصتها المسموح لها بها من الغازات الملوثة إلى دولة أخرى. لكن خبراء يرون أن هذه السوق تحتاج إلى إصلاحات لكونها لم تعد تؤدي مهمتها الأساسية وهي تشجيع المؤسسات على تقليص انبعاثات الكربون. ويقول دافيد لوفاي الباحث في معهد التنمية المستدامة في باريس "بدأ الاتحاد الأوروبي قبل غيره، وبذل أكبر الجهود لتقليص انبعاثات الغازات فيه"، فيما ارتفعت الانبعاثات في الولايات المتحدة بنسبة 7 % منذ التسعينات. وبحسب مجموعة "كلايمت أكشن تراكر" المتخصصة في تقييم التزامات الدول في خفض انبعاثاتها، فإن أهداف الاتحاد الأوروبي "بعيدة عما هو ضروري وممكن" للحد من ارتفاع حرارة الأرض عن مستوى درجتين فقط مقارنة مع ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف الأساسي لاتفاق باريس الموقع في كانون الأول/ديسمبر 2015. في المقابل ينبغي على دول مثل الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان أن ترفع من طموحاتها. إلا أن بعض الأطراف في الدول المتقدمة يدركون ذلك فعلا، بحسب بيل هير الباحث في مجموعة "كلايمت ألاليتيكس"، متحدثا عن سعي ولاية كاليفورنيا لتوليد التيار الكهربائي من مصادر الطاقة النظيفة بالكامل في العام 2045، وعن سعي سويسرا إلى تخفيض 50 % من انبعاثاتها مع حلول العام 2030. ويقول ليفاي "للتوصل إلى تنظيف الاقتصادات من الكربون بالكامل في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين، ينبغي أن يكون الاتحاد الأوروبي، كرائد في مجال الصناعة، الأول في فعل ذلك". ويضيف "لذا، ينبغي إجراء تحويل هيكلي على الطريقة التي ينمو بها الاقتصاد ويفتح فرص عمل ويستهلك، وهذه الرؤية لم يجر التطرق لها كما يجب، وهذا تحد كبير". - تقدم - من الأهداف التي يعتزم الاتحاد الأوروبي تحقيقها مع حلول العام 2020، خفض انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض بنسبة 20 %، وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة بنسبة 20 %، ورفع الفاعلية في مجال الطاقة بنسبة 20 % مقارنة مع العام 1990. وقد نجح الاتحاد الأوروبي حتى الآن في بلوغ هذا الهدف قبل سنوات من المهلة المحددة، مع أن أربع دول ما زالت خارج السياق في هذا المجال، وهي النمسا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإيرلندا. وتتوقع المنظمة الأوروبية للبيئة أن يصل الانخفاض في الانبعاثات إلى 24 % في العام 2020، أي أفضل بنسبة 4 % مما كان مقررا. وتقول سيليا غوتييه الباحثة في شبكة "كلايمت أكشن" إن ذلك الهدف كان "متواضعا نظرا لأننا سنحقق أفضل منه في الوقت الذي تفشل دول في بلوغ أهدافها المحددة". أما التحوّل إلى الطاقات البديلة فقد سجل تفاوتا كبيرا بين الدول الأعضاء. وبحسب مكتب الإحصاءات الأوروبية "يوروستات"، كانت نسبة مصادر الطاقة المتجددة في عموم أوروبا 16,7 % في العام 2014. وقد بلغت 11 دولة أهدافها في هذا المجال، منها بلغاريا وتشيكيا والدول الاسكندينافية. أما هولندا وفرنسا وإيرلندا وبريطانيا والدنمارك وإسبانيا والبرتغال ولوكسمبورغ فقد تأخرت عن بلوغ الهدف المحدد، فيما السويد تتربع على صدارة الدول المتحوّلة إلى مصادر الطاقة البديلة التي باتت تشكل 53,9 % من إجمالي مصادر الطاقة فيها، تليها فنلندا مع 40 %. - العام 2030 - حددت الدول الثماني والعشرون الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خريطة طريق حتى العام 2030 هدفها رفع نسبة مصادر الطاقة البديلة إلى 27 %، ورفع الفاعلية في مجال الطاقة 30 %، وخفض انبعاثات الكربون 40 % على الأقل مقارنة مع العام 1990. ويرى دافيد لوفاي أن هذه الأهداف ليست طموحة بما فيه الكفاية، وأن ترجمتها ستكون انخفاضا سنويا في الانبعاثات بنسبة 0,9 % بين العام 2014 و2030، وهو تقدم أقل وتيرة مما كان محرزا في السنوات السابقة. أما المعدل السنوي المقبول لانخفاض الانبعاثات فهو 2 % سنويا، ليكون الإجمالي 45 إلى 50 % في العام 2030، وهو هدف أكثر انسجاما مع اتفاقية باريس. ولتحقيق ذلك يتعين على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا والدنمارك ولوكسمبورغ وهولندا أن تخفض انبعاثاتها بما بين 35 % إلى 40 %. أما الدول الأفقر مثل كرواتيا والمجر وبولندا فستكون أهدافها أقل طموحا كما كان الحال في الأهداف المحددة للعام 2020. - الوقود والنقل - يقول بيل هير "الطريقة الأسرع والأسهل في تقليص الانبعاثات هي التحرك في مجال إنتاج الطاقة، مع إبدال استخدام الوقود الأحفوري من فحم وغاز ونفط، بمصادر الطاقة المتجددة بالتزامن مع رفع الفاعلية في استخدام الطاقة". ويؤيده أوليفييه سارتر الباحث في معهد التنمية المستدامة قائلا "إنه القطاع الأسهل في هذا المجال، لأن التكاليف منخفضة ولأننا نملك الإمكانات". وتقول المديرة العامة لمنظمة "يوروبيان كلايمت فاوندايشن" لورانس توبيانا "الأمر لا يقتصر على الطاقة الشمسية، بل لدينا أيضا طاقة الرياح"، معتبرة أن الحكومات الأوروبية لم تعِ بعد أهمية هذا التحول بالكامل. ترى مؤسسة "كلايمت أناليتيكس" أن احترام اتفاق باريس يقتضي إغلاق محطات الفحم الثلاث مئة المنتشرة في أوروبا مع حلول العام 2030، فيما يشدد أوليفييه سارتور على إمكانية تحقيق تقدم أيضا من خلال قطاع النقل وهو ثاني أكثر القطاعات تسببا بالغازات الملوثة، مشيرا إلى ضرورة تقنين حركة شاحنات النقل الكبيرة، والاستثمار على نطاق واسع في السيارات الكهربائية. وتعد هولندا أكثر الدول انخراطا في هذا التوجه، وهو تعتزم منع بيع الوقود الأحفوري بحلول العام 2025.سيلين سيرات © 2017 AFP

مشاركة :