لا رواية في الجنة بقلم: شرف الدين ماجدولين

  • 5/17/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الرواية لا تخاف من العقاب، ولا تغريها الحوريات، لأنها تصنع ما شاء لها الخيال من صيغ الثواب والعقاب، على نحو جحيمي وفردوسي أحيانا وبرزخي رمادي وزمني دائما.العرب شرف الدين ماجدولين [نُشر في 2017/05/17، العدد: 10635، ص(15)] لا يمكن هداية الرواية أو إنقاذها من الضلال، كما أنها غير معنية بدخول الجنة، هي رفيق جيد في القطار والمقهى والشاطئ وعلى السرير، ما عدا ذلك قد لا يعنيها كثيرا. لنقل في النهاية إنها كائن دنيوي، مغرق في حسيته وتجديفه، لهذا لا يمكن أن نتخيل الرواية منشغلة بالاختيار ما بين دخول الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، هي معنية بالأحرى بدخول حداثات متقلبة، واختراق معتقدات مطمئنة، وزرع بذور الشك في صدور قرائها الخاملين والخانعين. الرواية لا تخاف من العقاب، ولا تغريها الحوريات، لأنها تصنع ما شاء لها الخيال من صيغ الثواب والعقاب، على نحو جحيمي وفردوسي أحيانا وبرزخي رمادي وزمني دائما، بعيدا عن صفاء الجنة والنار المبهجة والمريحة، لهذا كنت أومن منذ اكتشافي لصيغ الروايات الرومانسية التي نقلها النهضوي المصري مصطفى لطفى المنفلوطي من لغة فرنسية لا يتقنها، إلى عربية صقيلة، محوّرا ومولّفا وملفّقا عوالم طريفة لا تشبه أصولها، أن الروايات العظيمة تصدر عن عواطف شيطانية. وخيّل إلي دوما أن أسوأ الروايات هي تلك التي يكتبها الدعاة والطهرانيون، وأصحاب الرسائل، ففي النهاية لا تتواءم الرواية والنوايا الطيبة، أو الرواية والرغبة في الانعتاق من الخطيئة، وحين صادفت قبل يومين كتابا بعنوان “نحو منهج إسلامي للرواية” (أعمال الملتقى الدولي الخامس لرابطة الأدب الإسلامي، مراكش، 2007)، لم آخذه على محمل الجد، اعتبرت الأمر منطويا على عملية احتيال كبيرة؛ مكافآت، وطعام، وغرف فنادق، وبطائق سفر، وكتاب غرائبي،… مخصصة لهداية تراث سيرفانطس وتولستوي وكافكا وهمينغواي إلى الصراط المستقيم، وإدخال هذا الفن المارق إلى الجنة، على يد أساتذة لطفاء من خريجي القرويين والأزهر وجامعة الإمام، ممن تنطق أسماؤهم دوما مقرونة بـ”فضيلة الدكتور”. يتضمن الكتاب جملا تعريفية لا تخلو من براءة طفولية من قبيل “سعي الرواية الإسلامية إلى مناهضة التمييع العاطفي والحسي المروج للرذيلة” أو”إن الحوار الروائي ينبغي أن يعكس روح الإسلام فهو دين المسرّة”… لكن المدهش أنه في كل مرة تنتهي من قراءة فصل من الفصول لا تعثر على أي مثال روائي، وكأنما يتعلق التحليل بفن سري، لا يعرفه إلا أصحابه، والمرات القليلة التي التجأ فيها بعض المساهمين إلى دراسات تطبيقية، كانت النماذج التي اختارها أغلبهم مستقاة من رصيد الروائي المراكشي ووزير الأوقاف أحمد التوفيق، بحيث يهيّأ للقارئ العام أن الرواية المكتوبة بمنهجية إسلامية هي تلك التي يأتيها الإلهام في مدينة مراكش تحديدا، ويفتتح ندواتها رئيس جامعة القرويين، ويكتبها ويرعاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية شخصيا. وتختتم فقراتها بتلاوة ما تيسر من دليل الخيرات. كاتب مغربيشرف الدين ماجدولين

مشاركة :