يترقب العالم الحدث التاريخي الذي سيجري في الرياض بعد غد، حيث ستشهد العاصمة السعودية أكبر لقاء أميركي- إسلامي في التاريخ، وذلك قد يؤسس لشراكات عسكرية واقتصادية طويلة الأمد، كما سينعكس على المعادلات القائمة والنزاعات التي تعيشها شعوب المنطقة. تتجه الأنظار إلى السعودية، التي تشهد مطلع الأسبوع المقبل، 3 قمم، تجمع الأولى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والثانية الرئيس الأميركي مع قادة مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمهم سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، والثالثة تضم الرئيس الأميركي و55 مسؤولا عربيا وإسلامياً. ودشنت السلطات السعودية موقعا رسمياً للقمة العربية الإسلامية الأميركية، جاء فيه أن زيارة ترامب، التي تستمر 48 ساعة للمملكة، قد تؤدي إلى "تغيير قواعد اللعبة". ويؤكد الموقع أن القمم الثلاث ستخصص لمحاربة التطرف والإرهاب، وستكون فرصة للمملكة للعمل مع شركائها على تحسين المستوى المعيشي وتقوية الاقتصادات المشتركة، مضيفا أن المشاركين سيجددون الالتزام بـ"الأمن العالمي والشراكات الاقتصادية الراسخة والعميقة والتعاون السياسي والثقافي البناء". وستركز القمة السعودية- الأميركية بين الملك سلمان والرئيس الأميركي، على إعادة تأكيد الصداقة العريقة وتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية الوثيقة بين البلدين. واتسمت علاقة السعودية بالادارة الاميركية السابقة بالفتور، لا سيما بسبب إبرام الاتفاق النووي بين ايران، خصم السعودية، وسبع دول كبرى بينها الولايات المتحدة. ومنذ وصول ترامب الى الرئاسة، تم تبادل اتصالات وتكررت مؤشرات التقارب بين الجانبين. وينتقد ترامب الاتفاق النووي الايراني، وقد هاجم طهران مرارا. أما قمة دول مجلس التعاون والولايات المتحدة التي تجري في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات، فستخصص لمناقشة التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار في المنطقة وبناء علاقات تجارية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي. وترسل زيارة ترامب "رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تقف مع حلفائها المقربين في المنطقة ولا تتخلى عنهم" على حد قول مسؤول سعودي كبير لـ"رويترز". وفي إشارة لوجهات نظر دول الخليج عن قيام إيران بدور من خلال قوى تعمل لحسابها في الصراعات الإقليمية في سورية والعراق والبحرين واليمن ولبنان، قال المسؤول "هذه الإدارة (الجديدة) تأتي... وتقول لا. انتظروا لحظة. إيران نشيطة". وقال مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث في جدة مصطفى العاني، إن قادة الخليج يودون أن "تصنف أميركا الميليشيات التي تحظى بدعم إيراني ضمن الجماعات الإرهابية". وتتطلع السعودية أيضا إلى مزيد من الدعم الأميركي في الحرب الدائرة في اليمن، حيث يقاتل تحالف تقوده المملكة جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران وقوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لإعادة الحكومة المعترف بها دوليا إلى السلطة. وقال المسؤول السعودي الكبير، إن السعودية، على النقيض من موقف إدارة أوباما، لا تتعرض لانتقادات من إدارة ترامب بسبب حرب اليمن. وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض، إن النقاش في لقاء ترامب مع قادة مجلس التعاون الخليجي سيدور حول كيفية تدعيم هياكل المجلس الذي يضم في عضويته البحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والسعودية والإمارات لزيادة فعاليتها.ويجري حديث عن تشكيل تحالف يضم 17 دولة يطلق عليه عالميا اسم "الناتو العربي"، في اشارة الى حلف شمال الأطلسي. القمة الشاملة والحدث الأكبر سيكون في القمة العربية الإسلامية الأميركية، حيث سيجتمع الرئيس الأميركي مع قادة الدول الإسلامية حول العالم لمعالجة سبل بناء شراكات أمنية أكثر قوة وفعالية من أجل مكافحة ومنع التهديدات الدولية المتزايدة للإرهاب والتطرف من خلال تعزيز قيم التسامح والاعتدال. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ريموند ماكماستر أمس الاول، إن ترامب سيوجه خطابا الى العالم الإسلامي يركز فيه على "الحاجة لمواجهة الأيدولوجيا المتطرفة وآمال الرئيس بانتشار رؤية سلمية للإسلام في جميع أنحاء العالم"، مضيفا ان الخطاب "يهدف إلى توحيد العالم الإسلامي الأوسع ضد الأعداء المشتركين لكل الحضارات، ولإظهار التزام أميركا تجاه شركائها المسلمين في توحيد الرؤية معهم لمحاربة الإرهاب". برنامج متنوع وتنظم السعودية على هامش الزيارة فعاليات متنوعة بينها معرض المملكة الموازي الذي يهدف إلى إبراز الفن المعاصر السعودي عبر الأجيال المختلفة مع التركيز على جيل الشباب. وسيجري افتتاح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف في قصر الناصرية، الذي يسعى إلى منع انتشار الأفكار المتطرفة من خلال تعزيز التسامح والتعاطف ودعم نشر الحوار الإيجابي. كما سينظم منتدى الرياض لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب. وسيزور الرئيس الأميركي مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، كما سينضم الى ملتقى "مغردون 2017" الذي يشارك فيه الى جانبه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس التنفيذي لـ"تويتر" جاك دورسي، ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، والناشطة الباكستانية مالالا يوسف، والشيخ عبدالله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، وآخرون في مناقشة حية حول مكافحة التطرف والإرهاب في العصر الرقمي. اقتصاد وترغب السعودية في استعراض صفقاتها الاستثمارية الكبيرة مع الشركات الأميركية لإظهار ما تحقق من تقدم في برنامجها الإصلاحي الاقتصادي والاجتماعي "رؤية المملكة 2030" في حين تقول واشنطن إن صفقات لبيع أسلحة أميركية بعشرات المليارات من الدولارات في الطريق. ومن المنتظر أن يوقع الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو العملاقة للنفط صفقات مع شركات أميركية كبرى من أجل تدعيم الصناعات المحلية. ومن المقرر أن توقع شركة جنرال الكتريك عددا من مذكرات التفاهم، وقال مصدر مطلع إن من المنتظر أن توقع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وشركة إكسون الأميركية للنفط اتفاقا بروتوكوليا لتطوير مشروعهما المشترك في صناعة الكيماويات في تكساس. ومن المتوقع أن يزور السعودية وفد من بورصة نيويورك للأوراق المالية بعد زيارة ترامب سعيا إلى إدراج الطرح الأولي لشركة أرامكو، المقرر أن يتم في عام 2018 بنحو 100 مليار دولار، في بورصة نيويورك. «الوزاري الخليجي» ينسق أعلن رئيس الدورة 143 للمجلس الوزاري الخليجي وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد الخليفة، أن المجلس ناقش أمس في الرياض تحضيرات اللقاء التشاوري بين القادة الخليجيين والرئيس الأميركي دونالد ترامب في السعودية. وقال الشيخ خالد، في افتتاح الاجتماع الوزاري، إن القمم التي ستعقد خلال زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية تجسد الدور المحوري الذي تقوم به دول مجلس التعاون في تثبيت أسس السلم وركائز الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، موضحاً أن ذلك يتأتى بما لها من مواقف مسؤولة وما تبذله من جهود متواصلة في مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه المنطقة والعالم، وما تحرص عليه من تعميق الشراكة والتعاون مع الدول الحليفة الفاعلة والمؤثرة إرساءً للرخاء في المنطقة، وتحقيقاً لتنمية واستقرار دولها.
مشاركة :