هناك تساؤلات ضرورية من أجل تنقية الحركة الليبرالية من الشوائب، وقد لاحظت، أثناء مناقشاتي معهم، أن أصحاب القيم من الليبراليين كثيرا ما يطرحون مثل هذه التساؤلات.أول التساؤلات وأهمها، والذي سنناقشه في هذا المقال، هو موقف التيار الليبرالي من الدين الإسلامي، الدين الذي يؤمن به ويدافع عن قِيَمِهِ غالبية أفراد المجتمع العربي.مدّعو الليبرالية، أو لِنَقُل الذين لم يستوعبوا قيم الليبرالية، جعلوا الهجوم على ثوابت الدين منهجا لهم، وبالطبع تحققت لهؤلاء نتيجة لهذا الهجوم شهرة لم يحلموا بها يوما، وفِي مجال الشهرة لا يستلزِمُ الأمرُ سوى جراءة وقدرات خاصة على استثارة الخصوم ومخالفة ثوابت الأمة من أجل أن تُفتحُ لك أبواب الإعلام المحلية والعالمية، وكذلك من أجل أن يتم تصنيفك كباحثٍ أو مثقفٍ أو خبير.هكذا تدار الأمور اليوم!!وبالطبع كان من لوازم الهجوم على ثوابت الإسلام تكوين المساندين وتوفير الأنصار، وهذا يتم عن طريق استقطاب الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية واستقطاب راغبي المتع المحرمة الباحثين عن الانحلال الأخلاقي، بهذا نجح مدعو الليبرالية في تشكيل توليفة غريبة من مجاميع متفاوتة تحت مسمى الليبرالية في الكويت والعالم العربي، توليفة لا تربطهم سوى كراهيتهم لثوابت الدين ما أجّجَ الخلاف بين الإسلاميين وبين الليبرالية بصورة عامة.هذا الخلاف تحول إلى صراعٍ، لا لليبراليين الحقيقيين ولا الإسلاميين المعتدلين ناقة لهما فيه ولا جمل، بل إن هذا الصراع المصطنع يعمل على تعطيل الرؤية الحقيقية للإصلاح السياسي، ويخدم مشروع التخلف السياسي الذي يمنع الاختيار الحر المباشر وتبادل السلطة وتنظيم الأحزاب وتبنّي الحريات وغيرها من حقوق الإنسان الأولية، الحقوق التي يسعى الأحرارُ في كل مكان لتوفيرها بغض النظر عن مسمياتهم.لقد عمل مدعو الليبرالية جاهدين من أجل شغل التجمعات الإصلاحية عن أهدافها الحقيقية فاختلقوا الخلاف بينهم وبين قيم الإسلام، وشغََلوا الأمة بحيث تستفيد فقط تلك الطغمة التي توظف هؤلاء لإبقاء قيم التخلف السياسي مستمرة على ما هي عليه.لذا لزم علينا التنبيه بأن القيم الليبرالية في حقيقتها لا تتناقض مع الدين، بل إن الإسلاميين الحكماء أسوة بالليبراليين الحكماء يمكنهما التصالح والتعاون لما في الإسلام والليبرالية من قيم مشتركة تسعى للمحافظة على قيم الإنسان الأساسية. ولو أدرك مدعو الليبرالية الفكر الحقيقي لما يعتقدون أنه مؤسس الليبرالية الدكتور جون لوك، صاحب القول «لا أمان لمن لا يُؤمن بالله» لو أدركوا ذلك لما تجرأوا في استخدام اسم جون لوك، في مواقع الزلل التي تعكس مقدار سطحيتهم في فهم الرجل.أتمنى أن يتحركَ الليبراليون المثقفون الحقيقيون أصحاب القيم لإيقاف المد المنحرف باسم الليبرالية، ويستعيدوا القيادة من أسماءٍ ذات ثقافةٍ مصطنعةٍ ودخيلةٍ على مجتمعاتنا ولها خلفيات مشبوهة. أسماء تهدف إلى خلق بؤرةِ توترٍ بين أصحاب قضية واحدة لمصالح يعلمها الله.kalsalehdr@hotmail.com
مشاركة :