يعاني الصيادون في قطاع غزة ظروفاً قاهرة نتيجة المعاناة اليومية التي يكابدونها في بحثهم عن لقمة العيش؛ حيث لا تفارقهم انتهاكات قوات البحرية لدى الاحتلال طوال رحلات الصيد. وشهد الاثنين الماضي، آخر تلك الانتهاكات التي أدت إلى استشهاد الصياد محمد ماجد فضل بكر، حين أطلقت بحرية الاحتلال النيران على الصياد العشريني وأعدموه من مسافة ٣ أمتار. ويروي أحد أقارب «بكر» الذي كان شاهداً على الجريمة: «الشهيد قضى وهو يحتضن ماكينة الصيد التي توفر مصدر الرزق له ولعائلته». «بكر» البالغ من العمر ٢٥ عاماً، متزوج ولديه اثنان من الأبناء، رضيع وطفل عمره 3 سنوات كان ينتظر عودة والده حاملاً الحلوى، بينما عاد إليه محمولاً على الأكتاف ليعيش أطفاله ما بقي من عمرهم أيتاماً دون أن يعرفوا للحياة طعماً. ولم يكن محمد الضحية الأولى لانتهاكات الاحتلال بحق الصيادين أو بحق عائلة بكر، بل سبقه العشرات فلا يزال 4 صيادين من ذات العائلة في سجون الاحتلال يشاركون في إضراب الكرامة، بالإضافة إلى مقتل 4 أطفال أيضاً من نفس العائلة بدمٍ باردٍ خلال العدوان الصهيوني عام ٢٠١٤، بينما كانوا يلعبون عند شاطئ البحر. وقد يكون حال عائلة الشهيد «بكر» أفضل حظاً من غيرها، فما زالت عائلة الشهيد الصياد محمد أحمد الهسي تبحث عن جثمان ابنها المفقود في البحر منذ أكثر من ٤ شهور بعد أن أغرقت بحرية الاحتلال مركبه بينما كان يمارس مهنة الصيد. ويقول نقيب الصيادين الفلسطينيين، نزار عياش، في حديثه لـ «العرب»: إنه «تم تعليق أنشطة الصيد منذ مساء يوم الاثنين وحتى عصر أمس الأربعاء من هذا الأسبوع؛ حداداً على استشهاد بكر، واحتجاجاً على الانتهاكات المستمرة بحقهم». وأضاف عياش: «لدينا أكثر من ١٢٠ حالة اعتقال نفذها الاحتلال منذ العام الماضي ضد صيادين اختُطفوا من عرض البحر بينما كانوا في عملهم، ولا يلتفت أحدٌ لمعاناتهم»، مشيراً إلى احتجاز قوات الاحتلال أكثر من ٤٠ قارباً وسرقتها خلال الفترة الماضية. وعن الحالة المزرية التي يعيشها صيادو غزة أوضح أن العشرات من مراكب الصيد معطلة بسبب تضررها من رصاص الاحتلال أو خلال العمل، وأنهم عاجزون عن إجراء الإصلاحات اللازمة لها بسبب عدم توفر بعض المواد الأساسية التي تستخدم في صيانة المراكب، منها مادة «الفيبر جلاس». واعتبر عياش أن تلك الأوضاع تدفع مئات الصيادين إلى الانضمام إلى قوائم البطالة ودخول آلاف السكان إلى مربع الفقر في هذا القطاع المُحَاصَر، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة التدخل لإنقاذ مهنتهم المهددة بالانقراض والتي تعيل أكثر من ٤٠ ألف نسمة في غزة. ويلقي حصار غزة بظلاله على الصيادين بصورة كبيرة؛ إذ لا يُسمح لهم في أفضل الأحوال بتجاوز مسافة ٩ أميال بحرية للصيد، وفعلياً لم يستطيعوا الوصول لأبعد من ٦ أميال بحرية، الأمر الذي يؤثر على كمية الأسماك التي يصطادونها ونوعيتها وأحجامها، ما يؤدي إلى انعكاسات اقتصادية سلبية تُضاف لأوجه المآسي الأخرى التي يعيشونها.;
مشاركة :