ورزازت المغربية... مدينة بلا ضجيج

  • 5/25/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ورزازات مرآة لروح الإنسان... هكذا ترى الفنانة المغربية سعيدة فكري هذه المدينة في امتدادها الأسطوري الناعم. ناسها طيبون ومضيافون وعفويون، لذلك لا تتردد سعيدة في تلبية أي دعوة من أجل إحياء سهرة أو أمسية فنية تأتيها من أي جهة تنتمي إلى هذه المدينة. وتقول في حديث إلى «الحياة»: «ورزازات كالظل الذي يتبعني أو يتقدمني، حاضرة دائماً في وجداني. أن أقيم فيها في إطار عطلة خاصة أو بمناسبة إحياء نشاط فني، لا فرق. أحياناً ألغي رحلة فنية إلى أوروبا واستجيب لندائها لأنها ذرة لقاح تعيد إلي برتابتها الهادئة توازن الروح، أهيم في عجائبها المعمارية». وتضيف: «بهاء المدينة وصمتها يمدانني بطاقة إبداعية وصفاء ذهني قلما يتوافر لي في بلاد الغربة في الديار الأميركية». وتتحدث عن معالم هذه المدينة بفرح طفولي غامر، مستعيدة في ذكرياتها قصبات المدينة التي ظل صداها يرافق أغنياتها، وكأنها تبادلها إخلاصاً بإخلاص، أو تستكشف معها مجاهل الذات حتى منتصف الليل ولا تشعر بالضجر في حضرة جمهور يتنفس الشعر. «أن يعتمد مخرجون عالميون في أعمالهم السينمائية على مناظرها الطبيعية، أظن أن أحداً لا يجبرهم على ذلك إلا سحرها»، تقول فكري، ثم تتساءل: «فكيف لا يجعلها أبناء الوطن قبلة لهم؟ ما عاش من لم يستمتع بطيب هذه المدينة، الغامضة والمفتوحة، الفقيرة والغنية على نحو فاخر». «بدون ضجيج»، هكذا يفسّر البعض اسم مدينة ورزازات في اشتقاقه الأمازيغي، غير أن هذا التفسير لا يستند إلى كلمة متداولة أو شبيهة في اللغة الأمازيغية في زمننا الراهن، ومع ذلك فإن الهدوء يظل صفة ملازمة لهذه المدينة العريقة التي يجهل أصل سكانها، فالبعض يقول إنهم من ضمن الأمازيغ الذين انحدروا من اليمن، فيما ترد بعض المصادر أصولهم إلى مصر الفرعونية، نظرا إلى وجود عادات وتقاليد مشتركة تعكس هوية ثقافية لها جذورها في هذا البلد المتوسطي، ويُرجع البعض الآخر انتماء أهل ورزازات إلى الوندال ذوي الأصول الجرمانية، وهذا مستبعد. ومن مظاهر التشابه بين الهندسة المعمارية الفرعونية والأمازيغية على مستوى المنطقة، طبيعة العمارة التي تتشكل غالباً من طابقين إضافة إلى طابق أرضي، ويعتمد في بنائها على المواد المحلية، وتحديداً التراب والألواح الخشبية على مستوى السقف، ويتراوح سمك جدرانها ما بين 80 و90 سنتيمتراً. تبعد عن مدينة مراكش 200 كيلومتر شرقاً، وتقع على سفوح جبال الأطلس الكبير. وخلف طريق جبلية ملتوية تمتد 190 كيلومتراً بين واحتي دادس ودرعة، يخترقها نهر وادي درعة أطول أنهر المغرب والذي لا يصل إلى مصبه إلا نادراً، مما ساهم في وجود عدد كبير من الواحات التي تنتشر على جنباته كفسيفساء مرتبة في تناسق بديع تنمو فوق تربتها الرملية أشكال متنوعة من الزهور، إضافة إلى النخيل الذي يطل على المدينة كأنه حارسها الأمين.   قصبات تاريخية جبال الأطلس الشامخة المكسوة بأشجار خضراء زاهية، تظهر على شكل مدرجات متسلسلة تستجيب لحسابات هندسية دقيقة، تتسلل إليها أشعة الشمس الذهبية بلطف فتظهر خلف الأشجار الثابتة تموجات متلونة توحي بأن منبع قوس قزح يربض بين الجبال. عمارة ظلت صامدة في علوها على مرّ الزمن، تحمل اللون الأحمر الترابي الذي يمتص أشعة الشمس. وتتميز ورزازات على غرار بقية المناطق الجنوبية بقصباتها التاريخية المتميزة بطابعها المعماري التقليدي، كقصبات تفلتوت وأكلسيم وآيت بنحدو التي تحتل مكانة مهمة بين القصبات في تاريخ الجنوب، إذ تقع على مسافة 30 كيلومتراً من مدينة ورزازات، وقد أدرجت على قائمة الأونيسكو للتراث العالمي. وتُعتبر آيت بنحدو أجمل قصبات المغرب. والملاحظ أن سكانها يحتمون بسور تعلوه طريق الدورية، كما حُمي مدخلها الوحيد بممر متعرج ينتهي إلى باب ضخم. وقد أجريت مجموعة من الإصلاحات لتزيين القرية وجعلها في أبهى حلة، وتم الحفاظ على منازلها من الانجراف خصوصاً أنها مصنوعة من التربة. وهناك قصبة تاوريرت التي تقع في قلب ورزازات والتي تتشكل جدرانها من الأحجار والطين، وتعتمد أسقفها المميزة بالانحدار على الخشب والنخل والقصب، ومنقوشة بالجبس الذي يحمل بعض الآيات القرآنية. وتجدر الإشارة إلى أن من انعكاسات صناعة السينما على المدينة، مساهمتها بشكل كبير في تطوير البنية التحتية، فالإنتاج السينمائي لم يعد يقتصر على المناظر الطبيعية المتنوعة التي تزخر بها المدينة، بل تضم ورزازات استوديوات من الطراز العالمي كاستوديوات الأطلس و CLA STUDIOS. ويمكن اعتبار توأمة ورزازات وهوليوود الأميركية باتفاق وُقّع في آذار (مارس) 2005، بمثابة مؤشر حقيقي لدرجة الحضور العالمي الذي تتمتع به المدينة في الأوساط السينمائية. وبموجب الاتفاق تستفيد المدينة من دعم لتطوير بنيتها التحتية لتكون في مستوى الإنتاجات التي تتقاطر عليها. المغرب

مشاركة :