أخطأت جميع الاحزاب في العالم العربي والاسلامي برفعها شعار الديموقراطية واعتمادها كمنهج حياة واسلوب إدارة من دون تحقيق لمضمونها وادواتها واهدافها، وهل تلتقي مع الاسلام بجزئياتها ام بكلياتها، أو لا تلتقي أصلاً؟ وهل يكفي توافقها مع الاسلام بمسألة او مسألتين، او لا يكفي؟وما هو واقع الشعوب العربية اليوم بعدما مضى عليها نصف قرن وهي تتغنى بالديموقراطية بالصحف ويؤيدها الحزب الحاكم!وما هو واقعها اليوم بعدما ثارت على انظمتها والشعوب لا تزال تجري وراء سراب الديموقراطية؟ ألا يكفي العقلاء كل هذه التجارب المريرة، وان يتوقفوا قليلاً والتفكير بروية الى اين نحن ذاهبون؟ ولماذا الاستمرار بعالم التيه رغم وجود التكنولوجيا الحديثة التي تساعدنا على تحديد المسار بعدما نحدد هويتنا ووجهتنا؟ فالله تعالى لم يخلقنا عبثاً ولم يتركنا سُدىً. والرسول صلى الله عليه وسلم قال: تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابداً كتاب الله وسنتي.كما اخبرنا اننا سنتبع سُنن الذين من قبلنا حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلناه وراءهم، واعتقدنا ان بداخل الجحر كنوز العالم! والحال انه جحر خرب وتبقى آفة التقليد العفن وثقافة الانهزام وضياع الاصل والرضى بالحياة ومحاكاة الغير.فالديموقراطية وفدت إلينا من الغرب وتحديداً بعد ثورات العصور الوسطى ونبذه التخلف الذي سارت عليه الكنيسة في عصر الظلام Midlevel.وهذا المصطلح لم يطبق حتى الآن بصورة مثالية بل ما زال العالم يعاني جراء تطرف الرأسمالية في الحقوق المدنية حتى خلا من القيم الأخلاقية التي هي أساس بقائه واستقراره.وفي أميركا وأوروبا وآسيا والمكسيك وأستراليا، ما زالت الحرب محتدمة بين الأحزاب التي تحكم وما زالت تمارس سياسة الاقصاء للأحزاب الأقل منها، وما زالت الأحزاب الحاكمة تستأثر بالمصالح لأتباعها وتمارس سياسة الرشوة لتحقيق أغراضها، ولعل الواقع يبرهن ذلك والوثائق التاريخية والأفلام توثق ذلك، فهذا واقع لا يمكن تجاهله.والديموقراطية في القاموس العربي هي شكل من أشكال السلطة والحكم، يعود فيها القرار إلى الشعب، ويتمتع في جوه كل مواطن بحقوق المواطنة كاملة، مثل الحرية والمساواة والعدل وحق إبداء الرأي، والدعوة الى ما يحمله من افكار ولو كانت شذوذا عن الفطرة السوية، وانسلاخاً عن الانسانية والقيم الاخلاقية. كما تتضمن الديموقراطية حق الاختلاف في الرأي وحرية التعبير وصولاً الى حرية الكفر والتكفير!والديموقراطية معناها، سيادة الأمة ولا وزن للشرع عندهم، وبذلك فتحوا الباب على مصراعيه للدخول في البرلمان، فدخل كل من هب ودب، وهذا خلاف لمبدأ الشورى في الإسلام القائم على استشارة القوي الأمين صاحب الخبرة في الحياة وأحوال الناس.كما أنهم استباحوا التفرق والاختلاف وتأسيس الأحزاب لممارسة الديموقراطية، وهذه تنقض أصلاً معلوماً بالضرورة وهو وجوب الوحدة ونبذ الفرقة بكل صورها لقوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} الروم 31-32وقال صلى الله عليه وسلم: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم» وذلك لما قال المهاجرون: يا للمهاجرين، وقال الأنصار: يا للأنصار، بمعنى أنهم رجعوا إلى دعاوى الجاهلية أي فزعة قبلية وحمية جاهلية. فهل من مدكر؟لماذا إذا الدخول في البرلمان؟الدخول في البرلمان والمشاركة في الحياة السياسية مبدأ نص عليه العلماء كابن باز وابن عثيمين وغيرهما، ووضعوا للدخول شروطاً، فهي فتوى مقيدة وتأصيلها يرجع الى أبواب كثيرة من أبواب الشريعة منها: التعاون على البر والتقوى وترك التعاون على الإثم والعدوان بتشريع القوانين. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدخل في ذلك تحكيم الشريعة في ما شجر بين الناس. توضيح منهج الإسلام الصحيح في القضايا العامة التي تهم الأمة. وتكثير الخير وتقليل الشر بحسب الاستطاعة.ونصح المسؤولين والوزراء ومحاسبتهم إذا أخطأوا، مثلما حاسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاته، وحاسب أبو بكر وحاسب عمر وحاسب عثمان وحاسب علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.والخلاصة أننا لا نأخذ الديموقراطية على علاتها.
مشاركة :