خيّرت حكومة إقليم كردستان واشنطن بين الوقوف على «الحياد» في خلافاتها النفطية القائمة مع بغداد أو التزام «الصمت»، وقالت في بيان أمس إن طلب التحكيم العراقي لوقف تصدير النفط من المنطقة الكردية عبر تركيا «غير شرعي» وسيفشل. ورفع العراق دعوى التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية في باريس الجمعة مستهدفاً أيضاً شركة خطوط الأنابيب الوطنية التركية «بوتاش» لدورها في تسهيل تصدير النفط من كردستان العراق من دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد. لكن حكومة الإقليم قالت إن صاحب القرار في هذا الشأن هو الشعب الكردي. وشددت نائبة عن حزب طالباني على أن موقف حكومة الإقليم من واشنطن خرج عن «الاعتبارات» السياسية الدولية والإقليمية». وأثار إعلان حكومة الإقليم الجمعة الماضي إطلاق عملية تصدير أول شحنة من النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي استياء الحكومة العراقية التي هددت بـ «عقوبات» ضد الشركات المخالفة، كما جددت الخارجية الأميركية رفضها الخطوة، ودعت الطرفين إلى استئناف الحوار. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم فلاح مصطفى، الذي يرافق رئيس الإقليم مسعود بارزاني في جولة أوروبية، إن الأكراد «إما أن يكونوا شركاء حقيقيين ضمن العراق الاتحادي، أو قطع العلاقة مع بغداد ويتخذوا قرارهم وفق مصلحتهم». وأضاف أن «العديد من الدول تتفهم سياسات الإقليم رغم أنه شأن داخلي، بعد أن حققنا نجاحاً في هذا المجال ضمن إطار الدستور، وأصبحنا مصدراً موثوقاً للطاقة في العالم، فيما فشلت بغداد التي كانت تضع العراقيل، وقد نفد صبرنا الآن بعد أن اقتنع العديد من الشركات التي درست الدستور بقانونية الخطوة». وأوضح مصطفى أن الحكومة الاتحادية «ستكون مخطئة إذا كانت تعتقد بأننا سنخضع لقراراتها وتوجهاتها، وقد سئمنا من التصريحات الفارغة للمسؤولين فيها». وإزاء موقف الإدارة الأميركية الرافض، قال مصطفى «مع احترامنا للولايات المتحدة، لكن القرار بيد الشعب الكردي، ونأمل بأن تتفهم (الولايات المتحدة) طبيعة الخلافات السياسية، وأن لا تضع نفسها وسط الصراع، وعليها البقاء في موقف الحياد. وبرأيي من الأفضل أن تلتزم الصمت، لأن ذلك من مصلحة كردستان وشعبها، ولسنا في حاجة إلى من يحدد لنا الصواب من الخطأ». في المقابل قالت النائبة عن «الاتحاد الوطني» في برلمان الإقليم بيكرد طالباني لـ «الحياة» إن تصريحات مصطفى في غير محلها «ولا أعرف تحت أي مصدر قوة يتحدث، لأن الولايات المتحدة تعد أكبر دولة، ولها اعتبارات على مستوى العالم إلى أبعد الحدود، فهي تتحكم بسياسات غالبية الدول، وعليه يجب وضع الاعتبار للسياسات الدولية والإقليمية قبل الخوض في هكذا أمور». وأضافت أن «الاعتماد على تركيا فقط في بيع النفط وكداعم وحيد للإقليم في كل الامتيازات التي سيحصل عليها يعد خطأ كبيراً، ثم أن تركيا إحدى الدول التي ترتبط بعلاقة مباشرة ووثيقة مع واشنطن». وأوضحت طالباني أن «الإقليم في حاجة الآن إلى دعم أكبر وأوسع من الاعتماد على دولة بمفردها، لأن تصدير النفط له أهداف مستقبلية، أهمها تقرير المصير وتأسيس الدولة الكردية، وذلك لن يتحقق بالاعتماد على دولة بمفردها، بل إلى دعم إقليمي ودولي. وعلى المستوى الداخلي والعلاقة مع بغداد فلدينا العديد من المشاكل والخلافات المعلقة، لذلك فإن نوعاً كهذا من التصريحات سيكون مردودها سيئاً بالقياس إلى الوضع الراهن، رغم ما تحقق على الساحات الكردية في العراق وتركيا وسورية». ولفتت إلى أن «القضية الكردية في تركيا تعد من أهم القضايا، وحكومة أنقرة لم تتمكن من حلها إلى الآن، وهناك تدخلات في المناطق الكردية السورية، فكيف بها أن تكون أحد الحلول في قضية تصدير النفط أو حل القضية الكردية في العراق». وكانت الحكومة الكردية أكدت السبت أن «ناقلة للنفط محملة بأكثر من مليون برميل من النفط الخام غادرت ميناء جيهان التركي باتجاه أوروبا»، مشيرة إلى أن الإيرادات «ستودع في حساب تحت سلطة حكومة الإقليم في (هالك بانك) التركي، وسيعتبر جزءاً من استحقاق موازنتها في إطار توزيع وتقاسم إيرادات العراق بموجب الدستور، على أن يتم تحديد نسبة خمسة بالمئة من الإيرادات جانباً في حساب خاص آخر للتعويضات الدولية المترتبة على العراق». ودعت الحكومة الكردية «المنظمات المستقلة، وشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، إلى المشاركة في الرقابة على عملية التصدير، مع التزامنا حسن النية باستئناف المفاوضات». كردستان
مشاركة :