عمقت القمة التاريخية بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شراكة المستقبل وأسست لتحالف سعودي أمريكي سوف تظهر نتائجه في القريب العاجل، سواء على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني. وقد شهدت قمة الرياض التي عقدت بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمس، توقيع الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، وبلغت قيمة اتفاقيات الرياض وواشنطن 280 مليار دولار. إحصاءات تشير التقارير الاقتصادية إلى حجم التبادل التجاري بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في 2015 إلى 170.203 مليار ريال، كما بلغ حجم التبادل خلال الربع الأول من عام 2016 نحو 30.498 مليار ريال سعودي، حيث نمت العلاقات التجارية بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بشكل قوي على مدى أكثر من 80 عاماً على الرغم من التقلبات السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم . مبدأ الشراكة في البدايه أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة أن عهد صفقات التزويد "بيع وشراء" قد انتهى، حيث ترتكز رؤية 2030 على مبدأ الشراكة أكثر ما تكون على صفقات البيع والشراء، هذا من الأمور المهمة بصفته مفهوماً اقتصادياً يمثل أحد الركائز الأساسية في التحول، لافتاً إلى أنه في السابق كانت هناك عقود عسكرية أو غير عسكرية تصدرها الحكومة، وبناءً عليه يأتي من يتعهد من القطاع الخاص بتأمين الصفقات ويتم عملية بيع وشراء. أما الآن سوف تلعب العقود الحكومية دورًا متعاظماً في تحقيق التنويع الاقتصادي، ويعد مفهوم المحتوى المحلي مهماً جدا وأساسياً في هذا المجال، فلا يمكن من الآن وصاعداً، وذلك وفق ما ذكره سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثه الأخير للتلفزيون السعودي، أنه إن لم يكن هناك محتوى محلي فلن يكون هناك تعاقدات، هذا يسري على ما تم التعاقد عليه والإعلان عنه من تعاقدات مع الطرف الأمريكي . وتحدث لـ"سبق" بوحليقة عن مشاركته بالأمس في منتدى الأعمال السعودي الأمريكي وترؤسه لإحدى الجلسات، وقال: صارت لي فرصة للحديث مع عدد من رؤساء أكبر الشركات، والذين أكدوا أنهم مستعدون للاستثمار في السعودية وتعظيم المحتوى المحلي والقيمة المضافة المحليه، وهذا أمر أصبح أكثر قابلية للتحقيق مع انتهاج الدولة نحو الاهتمام بتحقيق مفهوم المحتوى المحلي حتى على التعاقدات العسكرية، والنقطة الأخرى أن الحكومة أسست شركة يملكها صندوق الاستثمارات العامة متخصصة في التصنيع العسكري ويعول عليها كثيراً في توليد فرص عمل وإيجاد فرص استتثمار للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وحتى للرياديين . فرص عمل وردًا على تساؤل "سبق" حول أهميه تلك الاتفاقات للمواطن السعودي، أجاب قائلاً: ستكون هناك فرص عمل ما دام مطلوب محتوى محلي فأهم مكون وعنصر سيصبح المواطن السعودي، وهذه طريقة مثلى لزيادة المحتوى المحلي في أي منتج أو خدمة، والنقطة الأخرى أن هذه الاتفاقات العالية القيمة والمحتوى التقني سوف تولد فرص استثمار تساعد الرياديين وتوفر فرصاً للتوسع ونمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة وحتى الشركات الكبيرة، بمعنى أنها سوف يكون لها انعكاس واضح على الاقتصاد السعودي من حيث التنوع والنمو، متسائلاً كيف سيتنوع الاقتصاد إذا لم نجلب له أنشطة جديدة؟ ولذا يعد نشاط التصنيع العسكري أمراً جديداً كان هناك محاولات على مدى زمن طويل لكن تعد هذه هي المحاولة الأكبر والأكثر قابلية للتنفيذ، إذ إن المكونات الأساسية بدأت تأخذ مكانها، وسوف يكون هناك الكثير من التعديل في الأنظمه واللوائح بحيث يصبح الاستثمار في هذا القطاع مدعومًا بشكل واضح من قبل الحكومة، ما يساعد على دخول المزيد من المواطنين للعمل والتدريب والتأهيل أودخولهم للاستثمار. الرؤية الاستراتيجية وأوضح الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أنه حتى عهد قريب كانت الشراكة السعودية الأميركية تعتمد على النفط بشكل كلي وعقود شراء مباشرة خالية من التوطين، بيد أن الوضع سيكون مختلفًا بعد زيارة ترامب وتوقيع الاتفاقيات المتنوعة مع الجانب الأميركي، وهذا ما تؤكده أكثر من 30 اتفاقية تم توقيعها بقيمة تتجاوز 280 مليار دولار توزعت بين الدفاع والطاقة وتقنية المعلومات والبتروكيماويات والنفط والغاز والتعدين والطيران والصحة. وعن أهم الاتفاقيات، رأى أن توقيع الرؤية الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة التي يعتقد أنها ستعيد ترتيب العلاقات على أسس استراتيجي تعد من أهم الاتفاقيات، موضحاً أهمية الرؤية كونها تعتمد الاستدامة قاعدة لها، بغض النظر عن المتغيرات الرئاسية، كما أنها تعيد ترتيب العلاقات وفق نظرة شمولية تحقق مصالح البلدين. وتابع: من الواضح أن المحور الرئيس الذي ركزت عليه المملكة في اتفاقياتها هو التوطين ونقل التقنية وخلق فرص استثمارية ووظيفية مختلفة، ضارباً المثل: ففي مجال الدفاع سيكون هناك توطين الصناعة من خلال تجميع 150 طائرة هليكوبتر لشركة لوكهيد مارتن من نوع بلاكهوك في السعودية، وهذا أمر مهم في التوطين ونقل التقنية واستثمار جزء من قيمة العقود لتعزيز المحتوى المحلي، أما في التجارة والاستثمار يظهر جلياً أهمية إصدار 23 رخصة لشركات أمريكية وبملكية كاملة في قطاعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد من النتائج المهمة للقمة الأميركية السعودية. التوطين حول الفوائد التي تعود على السعودية جراء تلك الاتفاقات، أوضح الخبير الاقتصادي أنها سوف تعزز تدفق الاستثمارات وتنافسية السوق السعودية ورفع المنافسة بين الشركات العاملة فيه بما يرفع من جودة المنتجات والخدمات المقدمة ويسهم في خفض الأسعار تحت ضغط التنافسية. من جهة أخرى نقل التقنية والتوطين من أهم الفوائد المتوقعة أضافة إلى الفرص الوظيفية والاستثمارية الصغيرة التي ستستفيد من وجود الشركات الأميركية الرائدة عالميًا. أما بالنسبة القطاع النفطي، أوضح االخبير الاقتصادي أنه يعد من القطاعات المهمة التي حظيت بما يقرب من 13 اتفاقية مع أرامكو السعودية بحجم استثمار يصل إلى 50 مليار دولار، والملاحظ أن التركيز الأكبر فيها على التوطين أيضا، حيث تضمنت تلك الاتفاقيات على شروط زيادة المحتوى المحلي والاعتماد على الداخل في التوريد ودعم توطين الصناعات المساندة للقطاع النفطي. منابع الإرهاب وهناك جانب مهم من الرؤية الاستراتيجية المرتبط بأمن واستقرار المنطقة وليس المملكة فحسب. حيث إن مواجهة الاٍرهاب وبخاصة إرهاب الدول الذي تقوده إيران في المنطقة يسهم في تكريس الأمن والاستقرار ويعزز نمو الاقتصاد وازدهاره. وأعرب البوعينين عن أمله في أن يكون هناك تركيز أكبر على تجفيف منابع تمويل الاٍرهاب الذي يعزى له استدامة الاٍرهاب في العوامية والبحرين والذي يسهم في توفير الأسلحة النوعية ومنها أسلحة لا تتوفر إلا للجيوش النظامية، مؤكداً أن تجفيف منابع تمويل الاٍرهاب أولوية للسعودية وللخليج، وأميركا قادرة بقدراتها المالية والاستخباراتية السيطرة على التمويل ومحاكمة المنخرطين فيه متى وضعت ذلك نصب عينها. . وأنهى حديثه بالتأكيد على أن المملكة أثبتت بشكل عام أنها محور العالمين الإسلامي والعربي بكفاءتها وقدرتها على حشد الدول الشقيقة والحليفة وحرصها على مصالح الدول الإسلامية والعربية والخليجية بالتوازي مع مصالحها، وهذا ما تثبته ترتيباتها الموسعة وزيارة الرئيس الأمريكي وجهودها الدبلوماسية التي أفضت عن نتائج إيجابية متميزة لجميع الدول. بيئة صناعية قوية فيما رأى الخبير الاقتصادي والكاتب محمد البشري أن العلاقات التجارية والسياسية بين السعودية وأمريكا دخلت مرحلة جديدة من التفاهم المشترك مع تولي الرئيس ترمب مقاليد السلطة، وكانت البداية من زيارة سمو ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية واستقبال الرئيس الأمريكي له في البيت الأبيض، حيث مهدت للزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي للرياض كأول زيارة خارجية له كرئيس خارج أمريكا. وتوقع البشري أن تصب كافة الاتفاقات التي تم الإعلان عنها في مصلحة الاقتصاد السعودي من حيث خلق بيئة صناعية قوية ونقل وتوطين التقنية وتوطين العديد من الصناعات العسكرية والمدنية ودعم البحث العلمي والابتكار. وتابع: هذا بدوره سوف يعزز من دور القطاع الخاص ليكون شريكاً حقيقياً في التنمية، ما سيخلق فرصاً وظيفية للشباب والشابات السعوديين. الشفافية والمرونة فيما أفادت مستشارة التنمية الإقليمية والاقتصادية نوف الغامدي أن الاتفاقات بين الرياض وواشنطن بقيمة 280 مليار دولار سوف توفر مئات الآلاف من الوظائف في البلدين، كما أن تدفق الاستثمار الأجنبي سيمنح بيئة الأعمال المزيد من الشفافيه والمرونه وتوطين التقنية والأثر الإيجابي على أداء الشركات العائلية، كما أن هذه الاتفاقيات ستخلق فرص تعاون لـ SMEs المنشآت المتوسطة والصغيرة للتبادل التجاري وفتح أسواق جديدة كما أنها ستعزز ثقافة الابتكار والاقتصاد القائم على المعرفة . وتابعت: سياسة المملكة في عهد الملك سلمان حفظه الله تتجه من مفهوم العلاقات الدولية إلى مفهوم الاتصالات المؤسسية الدولية باحترافية، حيث وقع الطرفان عشرات الاتفاقيات في مجالات عدةوترخيص لأكثر من 23 شركة استثمارية في عدة قطاعات، منها المجالات العسكرية والتجارية والطاقةوالبتروكيماويات. وأكدت الغامدي أن زيارة الرئيس ترامب للسعودية خطوة مهمة لتعزيز التعاون الإقتصادي والسياسي والثقافي والأمني بين الدولتين، من مفهوم أن القوة تجذب القوة وهذه خطوة مهمة لتوطيد العلاقات مع السعودية، مشيدة بحجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والذي ارتفع من 26 مليار دولار إلى أكثر من 74 مليار دولار، وذلك خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، لاسيما وأن المملكة اليوم هي الشريك التجاري رقم 12 لأميركا، في حين أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، فالولايات المتحدة حائزة أيضا على أكبر حصة من الأسهم للاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية.
مشاركة :