الوحدة.. وشماعة الأخطاء - علي حسن الشاطر

  • 5/27/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لا يختلف اثنان بأن الوحدة اليمنية تحققت في الزمن الصح وفي الظرف المواتي -وطنيّاً وإقليميّاً ودوليّاً- وأنها مثلت إنجازاً تاريخيّاً متميِّزاً لليمنيين في زمن تمزقت وتشظت فيه دول وكيانات كبرى، لقد جاءت الوحدة بعد نضالات كبيرة وتضحيات جسيمة، محققة إرادة اليمنيين الذين يعتبرون الوحدة قدرهم ومصيرهم.. ووسيلتهم للتخلص من ويلات الحروب ومآسيها التي ظلت ملازمة للعلاقة الجدلية بين نظامي الحكم في شطري اليمن، والتي أنهكت اليمنيين وأهدرت إمكانياتهم ومقدرات وطنهم، وأعاقت أحلامهم وتطلعاتهم في أن يلتئم شملهم في ظل دولة يمنية واحدة تقوم على مبادئ العدل والمساواة والحرية والديمقراطية وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان وكفالة الحريات العامة والخاصة، وتكافؤ الفرص أمام الجميع، وتعمل على تجاوز حالة الوهن والضعف والشتات التي أعاقت مسيرة البناء والتنمية والتطوّر. لقد حظيت الوحدة بتأييد ودعم إقليمي وعربي ودولي واسع، ما فتئ يؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن كضرورة وطنية وشرط أساسي للأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة والعالم، مهما كان الخلاف والاختلاف بين اليمنيين الذين هم أقدر من غيرهم على تجاوزهما والتمسّك بوحدتهم والحفاظ عليها، وإصلاح مسارها، والتغلّب على الصعوبات مهما كلّف ذلك من تضحيات وجهود. لقد شهدت أعوام مابعد الوحدة الكثير من التحولات والإنجازات التي انتشلت اليمن عامة والمحافظات الجنوبية والشرقية خاصة من واقع البؤس والانغلاق، وانطلقت بها نحو آفاق رحبة من التطوّر والنمو، وشهدت أيضاً محطات خطيرة وكارثية، أهمها على الإطلاق الأزمة السياسية التي نشبت بين طرفي الحكم اللذين حققا الوحدة وتحملا على عاتقهما مسؤولية اتخاذ مثل هكذا قرار تاريخي، وإنهاء قرون من التشطير والتشرذم والتجزئة، وهي الأزمة التي أدت إلى اندلاع حرب صيف عام 1994م التي تكبد بسببها الشعب اليمني خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، ولم ينتصر فيها أي طرف، بل كان الخاسر الأكبر هو الشعب اليمني الذي استطاع فقط أن يحافظ على كيانه الوحدوي ويصد نزعات الانفصال التي ظلت -ولازالت- تنخر في جسد الوطن اليمني إرضاءً لنزوات شخصية ونزعات مصلحية ذاتية. صحيح أن أخطاءً فادحة رافقت مسيرة الوحدة لكنها ليست من صنع الوحدة، ولا يجب أن نجعل من الوحدة شماعةً ونحمّلها مسؤولية الأخطاء فهي بريئة من كل ذلك، ولابدّ من الاعتراف والتسليم بأن الأخطاء التي مورست والتصرفات التي استفزت مشاعر الناس في الجنوب والشمال هي من فِعل قوى وأشخاص متنفذين يفتقدون روح المسؤولية الوطنية، سكن الحقد والانتقام في نفوسهم، فعاثوا ولاثوا في البلاد طولاً وعرضاً، خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية، وحوّلوها إلى غنيمة وفَيء ومصدر لتحقيق المزيد من الثروة والنفوذ، مطمئنين إلى تغاضي الدولة عن ممارساتهم، وعدم مساءلتهم عن أفعالهم وتصرفاتهم التي استفزت مشاعر السواد الأعظم من الشعب، وأساءت للوحدة وساهمت في زيادة معاناة الناس، وأفقدتهم الأمل في قدرة الوحدة على تحقيق ما كانوا يطمحون إليه من عيش كريم وأمن واستقرار، وكفالة حقوقهم، وتحقيق الرخاء والتطوّر والازدهار، وانتشالهم من واقعهم البائس الذي ظلوا يعانون منه طويلاً. لقد مرّت ذكرى عيد الوحدة على اليمنيين وفي نفوسهم غصص كثيرة أكثرها تأثيراً ومأساوية الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها، وانعدام الأمن والأمان، وكافة ضرورات الحياة، وحالة الخوف والقلق التي يسببها نشاط تنظيم القاعدة الإرهابي وحربه الشرسة ضد اليمن واليمنيين، بالإضافة إلى التدهور العام للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة وعدم توفّر فرص عمل للشباب العاطل عن العمل، وكل ذلك قد أثر سلباً على مزاج الناس وأوجد لديهم حالة من اليأس والتذمّر والغضب أضاعت عليهم فرحة الابتهاج بعيد وحدتهم.

مشاركة :