أكرم عطا الله يكتب: عصور ظلام العرب …!!

  • 5/24/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عصور ظلام العرب …!! ليس المهم هنا فقط ما تم تقديمه من اموال عربية ستذهب للخزينة الاميركية بما فيها حصة اسرائيل في قمة الرياض لكن الأهم هو مستوى التقديم الذي يرسخ صورة العربي النمطية في الاعلام الغربي، الرجل الذي يبدو كأنه عائد من القرون الوسطى مرتدياً دشداشة ينفق المال بلا حساب على نزواته الشخصية وعلى النساء، وكم حاول الاعلام العربي تعديل تلك الصورة لكن مظاهر جديدة تعيدنا الى أصل الحكاية.بقلم : أكرم عطا الله صورة العربي في المخيلة الغربية والأميركية التي جسدتها أفلام هوليود هي نتاج العلاقة التي تجسدت بين العرب والولايات المتحدة في العقود السبعة الأخيرة بعد الحرب العالمية الثانية عندما بدأت أول جولة لرئيس أميركي في المنطقة العربية التي كانت تحت السيطرة البريطانية عندما كانت تغرب شمسها وكانت جولة الرئيس الأميركي روزفلت بعد مؤتمر يالطا لتقسيم المنطقة العربية التي كانت تستعد واشنطن لتسلمها للوراثة من بريطانيا وفرنسا. على ظهر الطراد “كوينسي ” منتصف أربعينات القرن الماضي استقبل الرئيس الأميركي “روزفلت “بعض الملوك الزعماء العرب وترك انطباعاته التي نشرها الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل في كتابه “ملفات السويس” عن شخصيات من التقاهم وقام باعطاء أوصاف مثل “يبدو على هيئة بدوي نبيل” وفي سطور أخرى كان مستغرباً من ملابس بعضهم سواء البدوية أو العسكرية لآخرين ارتدوا زي البحرية وهكذا. بعد ذلك تعززت العلاقات وزيارات الوفود وتغلغلت السياسة الأميركية في خبايا النظم العربية تبحث في المعلومات والأشخاص لتكتشف أنهم ليسوا أكثر من بدو في الصحراء،  وتروي مذكرات وزير الخارجية الأميركية الأخطرهنري كيسنجر  الذي سجل الحضور الأبرز للولايات المتحدة في أهم المراحل التاريخية للمنطقة عام 73 وما بعدها أن هذا الوزير كان قد طلب قبل نزوله من مستشاريه أوراق عمل تشكل مفاتيح للمنطقة العربية وقد قدمت له أبرزها والتي اعتمدها  جاءت من شاب موظف في وزارة الخارجية الأميركية عبارة عن نصف ورقة. جاء في الورقة التي اعتمدها كيسنجر أن هذه منطقة شبه بدوية بها خيمتان رئيسيتان  الأولى في القاهرة والثانية في الرياض وفي كل منها شيخ قبيلة سيفاوضونك بطلبات كبيرة،سيرفعون السعر ، هذا لن يكون السعر النهائي فاوضهم هم يحبون أن ترجوهم أمام مساعديهم ويبدون كرم التنازل اذا ما مدحتهم ، ركز على شخصياتهم،  أغدق عليهم بالمديح أمام مريديهم هم تلك بالنسبة لهم مصدر سعادة ومفتاح  الحصول على ما تريد. اعتبر كيسنجر أن هذه أهم أسرار المنطقة جاءها فاتحاً تمكن من حل لغزها ومنذ تلك السنوات لازال الروساء الأميركان ووزراء الخارجية يتعاملون مع الملوك والزعماء العرب كشيوخ عشائر يكيلون المديح الذي تفرد له الصحف العربية صفحاتها الأولى معتبرة أنها تشكل شهادات تاريخية لزعماء أوصلوا المنطقة الى هذا المستوى من الانحطاط دون أن يتوقف سوى القليل منهم أمام هذا الدهاء الأميركي “الساذج بالمعنى السياسي”. ما يؤلمنا نحن الذين ننقب في زوايا التاريخ ونستعيد الأحداث هو هذا المستوى من التذاكي الأميركي واستغباء العرب والذي تمكن من تجريف المال العربي والقرار العربي بعد أن نجحت دبابات الفكر هناك من جره الى واشنطن لنتحول الى أمة مسلوبة الارادة مدعاة للسخرية بين الأمم الى الدرجة التي وصفها أحد الكتاب العراقين “بهنود حمر التاريخ الجدد”. اِن الغياب الفعلي للانتخابات الحقيقية والقانون والمؤسسات والمعارضة يجعل من أي زعيم عربي يقف على أرضية هشة تفقده القدرة على ممانعة القوى العظمى وأولها واشنطن،  ذات مرة في محادثات شيبريستاون التي تمت بين اسرائيل وسوريا بوساطة الولايات المتحدة طلب الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أن يبلغ الرئيس حافظ الأسد بضرورة تقديم تنازلات من اجل السلام ،سأله الشرع لماذا لايقدم باراك التنازلات؟أجابه كلينتون : باراك لا يستطيع لأن لديه معارضة قوية وبرلمان يمكن أن تسقطه أما الرئيس السوري ليس  لديه أي شيء يمكنه أن يتنازل . هكذا الأمر ، فالقوة التي يرسخها أي زعيم عربي ضد شعبه تتحول الى نقطة الضعف أمام الخارج ومع كل ما يتشكل في المنطقة من دول أشبه بأنظمة القبيلة تصبح تلك مدعاة للسخرية والتشكيك في قدرة العرب على بناء الدولة الحديثة ويصبح الزعيم القائد الملك في مهب الضغوطات الناتجة عن عدم قدرته على الصمود أمام شعبه مع أول هبة ريح يطلقها الأميركان لذا يلجأ اليهم أولاً ويزداد ضعفاً وهكذا تدور الدائرة وكل هذا يجري بحسابات هادئة في مراكز القرار الأميركي التي تقيس وتحسب كل شيء . لا يمكن فهم رؤية ملايين العرب الجوعى في المدن  العربية في الوقت الذي تغدق فيه الأموال بسخاء وبلا حساب على غير العرب من  حق الشعوب العربية أن تصاب بالاحباط والغضب من مشاهد تعيد تكرار المأساة بأشكال مختلفة فالمسألة ليست علاقات عادية أو تجارية بل تحمل قدر من شعور العرب بدونية أمام الغرب لم يتم علاجها تتوافق مع استعلائية غربية تمارس نفس الاستعمار بوسائل أخرى. عندما بدأ العدوان الثلاثي على مصر اتصل الرئيس الأميركي برئيس الوزراء البريطاني الأشهر الذي كان قد غادر الحكم “ونستون تشرشل” عما يفعله وزير خارجيته السابق  ورئيس وزراء بريطانيا آنذاك “أنتوني ايدن”  وتساءل ترومان قائلاً ما الذي يفعله هذا الغبي؟ ألا يعرف أن شكل الاستعمار تغير وأن بامكاننا الآن احتلال دول بدون جندي واحد؟ أخشى أن العرب جميعاً تحت الاحتلال وليس الفلسطينين فقط هذا ما تشي به الأحداث والصور والهدايا والصفقات …!!!أخبار ذات صلةأكرم عطا الله يكتب: النكبة..عندما تتجلط الذاكرة ..!!أكرم عطاالله يكتب : كيف خرج المارد المذهبي من قمقمه…!!أكرم عطاالله يكتب : فرصة حماس الوحيدة بعد الوثيقة..!أكرم عطاالله يكتب: عندما قالت عائشة «إبك كالنساء»..!!أكرم عطاالله يكتب: عندما ترَيَّفت مدن العرب حدث الصدامشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)

مشاركة :