لم تكن القيادة الفلسطينية بعيدة عن مصر منذ تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، كما هو الفتور الحالي، وبات واضحاً للعيان أن هناك معركة هادئة وأحياناً صاخبة تدور بين الجانبين، كانت قد بدأت نذرها بنهايات الصيف الماضي، وواضح أنها تتجه نحو صدام معلن رغم محاولة الطرفين إخفاءه، لكن رقعته التي تتسع باتت أكبر من تغطيتها. بقلم : أكرم عطا الله الأزمة بدأت حين عرضت القاهرة ومعها 3 دول عربية خارطة طريق للوضع الفلسطيني الآخذ بالتشظي، ليس فقط انقسام بين الحركتين الأكبر فتح وحماس، بل أيضا داخل فتح نفسها، وهو ما يهدد الحركة الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الحركة القريبة منذ نشأتها من القاهرة، كانت الخارطة تقضي بإنهاء انقسام فتح، وإعادة عضو اللجنة المركزية السابق محمد دحلان، ربما تمهيدا لوراثة فتح، وهو الذي ترى فيه القاهرة أنه القادر على قيادة الحركة وبقائها قوية وقريبة منها بما يشبه عودة لإرث الراحل ياسر عرفات في العلاقة بين الجانبين بعد أن تباعدت في السنوات الأخيرة. خارطة الطريق قوبلت في حينه برفض الرئيس أبو مازن ولم تمر المسألة بسلام، ليعلن الرئيس الفلسطيني في خطاب العواصم ما يشبه رفض الدور المصري، الذي اعتادت عليه لتقرأ القاهرة الرسالة جيدا، والأصعب من ذلك بالنسبة لها أن يرفض الرئيس أبو مازن المصالحة المصرية ليطير إلى قطر وتركيا، وهما الدولتان اللتان تعتبران الخصوم الألد عربيا وإقليميا بالنسبة للقيادة المصرية كل ذلك أشعل للأضواء الحمراء في القاهرة. ردة فعل العاصمة المصرية، التي لم تقطع مع القيادة الفلسطينية كانت على شكل رسائل، حيث عقدت مؤتمرات في العين السخنة دعت إليها شخصيات فلسطينية ونخب مجتمع مدني وسياسيين ونشطاء وفتحت المعبر واستقبلت في ديسمبر وفدا من حركة حماس، وكذلك الجهاد الإسلامي، كانت تلك أبعد من رسائل غاضبة بل مناورات تأمل منها عودة الرئيس الفلسطيني للوصول إلى تسوية في ملفي المصالة الفتحاوية والمصالحة الشاملة. تجاهلت رام الله كل الرسائل وأغمضت أعينها عن كل المناورات، التي تمت خلال العام الماضي، التي زادت من عصبية القاهرة لنفاجأ بمناورة هي الأكبر والأكثر جدية، التي تمثلت باتفاق بين حماس ومصر، وكذلك بين حماس والنائب دحلان برعاية مصرية، مناورة كبيرة هذه المرة بالذخيرة الحية والدبابات، ذهبت بعيدا إلى حد ملامسة الحظر واجتياز الحدود، لأن الذهاب أبعد من ذلك يعني ربما تجاوز خطوط حمراء لها علاقة بكيانية غزة، وهي مرفوضة مصريا قبل أن تكون فلسطينيا. المناورة كبيرة أعادت لمصر أوراق هامة في الملف الفلسطيني بعد شعورها بمحاولة الإزاحة لصالح غيرها وها هي تقترب من حماس المنافس لحركة فتح وللرئيس أبو مازن، بالإضافة للنائب محمد دحلان وبالإجمالي غزة وجزء كبير في الضفة إذا ما حسبنا جمهور القوتين هناك أي عودة كبيرة للملف وبأوراق قوة مركزية لها حضورها الفعلي على الأرض، فالدول تقرأ وتتابع وترصد كل شيء، وتعرف أن حصول حركة فتح على مع ما يعادل 20% في انتخابات البلديات في الضفة يعني موازين قوى يمكن قراءتها. مصر لامست الخطر، ولكنها لا تتجاوز حدوده لأسباب قومية وتلك يعرفها الرئيس أبو مازن، لذا ليس مهتما بما تطرحه مستندا للقومية المصرية التي لا تذهب بعيدا في خلافها مع الفلسطينين وتلك باتت المشكلة الأبرز أو العقدة الجديدة، ثقة رام الله أن لمصر حدود في السياسة باتت الثابت، الذي يرتكز عليه الرئيس الفلسطيني ويمنعه من البحث عن توافق مع القاهرة أو بشكل أوضح بالتعامل مع مبادرتها للتسوية. أغلب الظن أنه ليس من السهل أن تتنازل القاهرة عن دحلان، بل وترى فيه المؤهل للقيادة، لذا توفر له كل الدعم والإسناد وبدعم من دول عربية أخرى باتت موازين القوة تتغير إقليميا في صالحها، وإن أبدى الرئيس أبو مازن قدرا من التجاوب مع خارطة الطريق العربية التي قدمتها مصر، لكن الأزمة بدت أكبر في الورثة الذين يعد كل منهم نفسه لوراثة الرئيس ويدركون تماماً أن عودة دحلان لفتح تعني إبعادهم من حلبة المنافسة، لذا تشكلت كتلة مانعة قوية من أصحاب المصالح ضد خيار المصالحة الفتحاوية وعودة دحلان. بالعودة للمناورة الأخيرة بات واضحا أن الوقوف عند هذا الحد، كما فعلت القاهرة خلال المناورات السابقة يعني كشف حدود القوة، التي تتحرك خلالها، وأن التحرك أبعد يعني تجاوز الخطوط التي لامستها، لذا باتت القاهرة في معضلة وهي معضلة حقيقة تدعوها للبحث عن مخرج وربما يتمثل هذا بفتح المعبر، هذه المرة يجري الحديث بكثافة وربما يجري تسريع صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل بالرعاية المصرية، وتصر الأخيرة على تضمين الصفقة لمروان البرغوثي ليخرج إلى الضفة الغربية ما يحدث تغييراً لموازين القوى في غير صالح الرئيس وأعضاء اللجنة المركزية، حيث يحظى البرغوثي بشعبية كبيرة. قدرة مصر على التحرك هذه المرة أعلى، فلديها ملفات أكبر من المرات السابقة غزة أصبحت في مجالها بعد التفاهمات الأخيرة، وهي تقطع على الرئيس خطواته ضد غزة لتقول إن لا شيء بدون مصر، هذه المرة المعركة الهادئة بين الجانبين تأخذ شكلاً مختلفاً، وأن استمرارها يثير القلق والانهيار الفلسطيني مستمر والحل معروف للجميع العودة لخارطة الطريق بدل استمرار التآكل الداخلي والتربص والتفاهمات المنقوصة حتى لا يقع الفلسطينيين في المحظور وبدل التحديات الزائدة فيما نتنياهو يفرض ما يريد بلا طرح نماذج.. للتواصل مع الكاتب: Atallah.akram@hotmail.comأخبار ذات صلةأكرم عطا الله يكتب: قطر.. فوضى التخريب وصفقة الخلاصأكرم عطا الله يكتب: زيارة الرئيس الفلسطيني للقاهرة بعد تفاهمات …أكرم عطا الله يكتب: زمن بلا أبطال..!!أكرم عطا الله يكتب : قطر وحقيقة الأزمة مع الدول…أكرم عطا الله يكتب: الانقسام.. سنوات العجاف الوطني
مشاركة :