الصحافي الألماني فولكهارد فيندفور لـالعرب: الجزيرة نموذج فج لتقسيم الدول العربيةيستعرض الصحافي الألماني فولكهارد فيندفور، رئيس جمعية المراسلين الأجانب في مصر، واقع الصحافة العربية وأزماتها من منطلق خبرته الواسعة في الشرق الأوسط، ويشير إلى نموذج إعلامي بعيد كل البعد عن المهنية متمثل بقناة الجزيرة.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/05/25، العدد: 10643، ص(18)]فيندفور: تأثير الإخوان الإعلامي انتهى بعد فشلهم سياسيا القاهرة – أكد الصحافي الألماني فولكهارد فيندفور أن الإعلام المصري، والعربي بصفة عامة، تأثر بالأوضاع الأمنية المتردية وأثرت سلبا على أدائه، بل إن البعض من الدول العربية انتهى فيها دور الصحافة تماما بسبب ما تشهده من حروب وصراعات داخلية، والأمثلة الأبرز على ذلك سوريا واليمن وليبيا. ويمتلك فيندفور خبرة واسعة بالشرق الأوسط منذ أن عمل لمدة ثماني سنوات لدى الإذاعة المصرية في القسم الأوروبي، وعمل بالمعهد الألماني للدراسات الشرقية في لبنان، ومدير مكتب مجلة “دير شبيغل” الألمانية في بيروت ثم في القاهرة، ويعتبر نفسه مصريا بعد أن عاش لنحو 60 عاما في القاهرة، وصاحب الرئيس الراحل أنور السادات في رحلته التاريخية إلى القدس عام 1977، وركب الطائرة مع الخميني عند عودته من باريس إلى طهران. ويقول فيندفور رئيس جمعية المراسلين الأجانب في مصر إن هناك أبعادا أخرى أثرت على حجم الإقبال على الإعلام العربي، أهمها دوره المهني الذي كان موجودا قبل اندلاع ثورات الربيع العربي، ثم تحول إلى مهمة سياسية وتم توظيف الإعلام لخدمة مصالح مختلفة. وأكد “إن ما نراه حاليا هو سيطرة بعض الحكومات والتنظيمات والجماعات على الكثير من وسائل الإعلام العربية”. وأشار إلى قناة الجزيرة القطرية المثال الأبرز لهذا التحول، قائلا “لم أكن أتصور أن نموذج الجزيرة التي كانت ترفع شعار ‘الرأي والرأي الآخر’ منذ نشأتها، يتم توظيفها بهذا الشكل ‘الفج’ لتقسيم البلدان العربية، الذي وصل إلى حد أن العديد من المراسلين العسكريين الأجانب الذين زاروا مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 صُدموا من كمية المعلومات المزيفة التي كانت تبثها المحطة على قناتها باللغة الإنكليزية، وعندما أتوا إلى المنطقة رأوا أوضاعا مختلفة تماما عما تتحدث عنه القناة”. وأضاف “في إحدى الزيارات التي قام بها محررون غربيون إلى مصر، قمت باستقبالهم في أحد الفنادق بالقرب من الأهرامات (جنوب الجيزة)، وفي حين كانت شاشة قناة الجزيرة تشير إلى أن هناك الملايين من المتظاهرين يملأون شارع الهرم (بالقرب من الفندق)، لم نكن نرَى بالشارع سوى 200 متظاهر فقط، وفي ذلك اليوم أدرك المراسلون توجهات القناة التي يتم تحريكها من قطر”. وتطرق فيندفور إلى تأثير إعلام جماعة الإخوان المسلمين على المتابعين العرب والأوروبيين، وشدد على أن هذا التأثير بات الآن أقل بكثير مما كان عليه في الماضي، ليس على ذهن المواطن العربي وحده بل على المشاهد الأوروبي كذلك.المراسلون العسكريون الأجانب في مصر صدموا من كمية المعلومات المزيفة التي تبثها الجزيرة باللغة الإنكليزية وقال “في الماضي نجح الإخوان في توظيف علاقاتهم التجارية الناجحة مع الغرب لخدمة أغراضهم ومصالحهم السياسية، كما أنهم استغلوا الإعلام جيدا في الترويج لسياساتهم، لكن فشل تجاربهم في ثورات الربيع العربي أثر سلبا على وجودهم الإعلامي”. وأشار إلى أن أخطر ما لعبت عليه جماعة الإخوان أثناء تولي الحكم في مصر هو عملها المستمر على وتر تغييب الهوية المصرية لصالح ما كانت ترى أنها هوية إسلامية لخدمة توجهها السياسي، وكان هذا التوجه يهدف إلى رفض الآخر وتكفيره، بالضبط كما تحاول البعض من الجماعات السلفية الآن. ولفت إلى مسألة مهمة وهي أن النظرة الغربية إلى أوضاع الحريات داخل الوطن العربي كانت منقوصة قبل أن ينقل تنظيم داعش الإرهابي عملياته إلى عمق القارة الأوروبية، والآن أضحى ما تتخذه البلدان العربية من قرارات استثنائية لمواجهة نفشي ظاهرة العنف مفهوما لدى الكثير من وسائل الإعلام في البلدان الغربية، والدليل على هذا أن وسائل الإعلام لم تتخذ مواقف متشددة حيال فرض الطوارئ على سبيل المثال في عدد من العواصم العربية. وأضاف أن البلدان الأوروبية لم تكن تشعر بكارثة الإرهاب وأثرها على المجتمعات العربية لولا تعرضها لهذا الخطر، وهو ما جعل الكثير منها يراجع مواقفه من القرارات السياسية المصرية بشأن مواجهة التنظيمات الإرهابية والجماعات الداعمة والمغذية لها، الأمر الذي انعكس على مواقف الصحافة والإعلام اللذين غيرا وجهة نظريهما عما يجري بشكل كبير. وكانت الكثير من وسائل الإعلام الغربية تصف ما يحدث في سيناء على أنه مقاومة، لكن مع استمرار العمليات الإرهابية هناك أدرك الإعلاميون أن ما يجري يتم من خلال عناصر إرهابية تحمل جنسيات متعددة تحارب الدولة المصرية، ولها أهداف معنية تتمثل بالرغبة في إسقاطها.مشروع سياسي بثوب إعلامي ويبين فيندفور أن العلاقة المتوترة بين الحكومات العربية ومنظمات المجتمع المدني ترتبط بالأوضاع العامة التي تعانيها تلك البلدان بعد أن جرى توظيف بعض التمويلات التي تحصل عليها تلك المنظمات لتحقيق أهداف سياسية بعينها، وهو أمر أدركه الإعلام الغربي وجرت مناقشته عبر وسائل الإعلام هناك، ما أفرز واقعا يهتم بتوجيه التمويل لدعم الحريات بعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ويؤمن فولكهارد، الذي مكنته علاقاته القوية من إجراء حوارات صحافية نادرة مع العديد من الزعماء العرب، بأن ما تعانيه الصحافة العربية من ضعف في نسب التوزيع وتردي الأوضاع الاقتصادية، ليس قصرا عليها وحدها بل تعانيه صحافة العالم أجمع. ويستشهد بالصحافة الألمانية التي تعاني فيها الصحف الكبرى مشكلات غير عادية، حتى أن البعض منها انخفض توزيعه بنسبة 50 بالمئة تقريبا، وتقوم هذه المؤسسات حاليا بفصل المئات من المحررين بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة، وأرجع ذلك إلى ما أسماه “غزو التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي”، وعدم وجود بديل للإعلانات التي هجرت الصحافة.
مشاركة :