الحاج راضي في الزمن الماضي بقلم: صباح ناهي

  • 5/25/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إنه عمل تربوي ساخر وهادف في آن، واكب حملة محو الأمية، وجعل الناس يهتمون بتلك الحملة ويتفاعلون معها بترحاب وأريحية.العرب صباح ناهي [نُشر في 2017/05/25، العدد: 10643، ص(24)] ظلت شخصية “الحاج راضي” من أكثر الشخصيات التي يجمع العراقيون عربا وكردا وتركمانا، سنة وشيعة، صابئة وإيزيديين، حضرا وبدوا، كبارا وصغارا، على تأثرهم بذاك الدور، بل يبتهجون بتكرار مشاهدته، وشخصية الحاج راضي مجسدة من خلال الممثل الكوميدي سليم البصري، فقد ظلت هذه الشخصية الشعبية ابن الحارة العراقية مثار إعجاب الجميع، كلما يعود الناس لمشاهدتها يضحكون ويستمتعون بتلقائيتها وتناقض المواقف فيها حتى يومنا هذا، ببساطة فإن الحاج راضي شخصية رئيسة في مسلسل يحمل عنوان “تحت موس الحلاق” الذي اشتهر في سبعينات القرن الماضي، وكان يروي فصولا كوميدية مضحكة لمجموعة ممثلين عراقيين كوميديين، يدخلون برنامج محو الأمية في العراق، مسرحه الحارة والصف الدراسي، وجلهم شريحة من البقالين والعتالين وحلاق الحارة، وبائع الكبة والمضمد، والنجار والبناء وسواهم ممن يجمعهم صف محو الأمية، ويرسم معاناة المعلم الذي يسعى جاهدا لتعليمهم ومحاولة نطق الكلمات الفصيحة، مع شقاوة التلاميذ وتهكمهم على مصطلحات الدرس التي يسمعونها باللغة الفصحى للمرة الأولى. وكان ملح المسلسل الحاج راضي، ومساعده “عبوسي” كثير المفارقات. وتبدو ذروة العمل في محاولة قراءة الحاج راضي لرسالة امرأة من الحارة تلجأ إليه كمتخرج من محو الأمية، ليقرأ رسالة ابنها الذي يدرس خارج البلاد ومحاولته تهجي حروفها، وتفسيره لكلمات الرسالة للمرأة التي تستغرب من كلام ابنها الذي يقرأه الحاج بتصرف. إنه عمل تربوي ساخر وهادف في آن، واكب حملة محو الأمية، وجعل الناس يهتمون بتلك الحملة ويتفاعلون معها بترحاب وأريحية، فقد تجرأ الناس على أن ينخرطوا فيها ويخطئوا، ويصححوا أخطاءهم الأقل شناعة من أخطاء الحاج راضي وممثل الدور سليم البصري. لقد كان “كاست” العمل منسجما مع روحية المحلة البغدادية وسخرية أهلها وأريحيتهم، وكان حمودي الحارثي “عبوسي” وراسم الجميلي “أبو ضوية” وسواهما، ممن نراه للمرة الأولى، أبطالا شعبيين في صدقهم وتلقائية أدائهم، قادهم المخرج المبدع عمانوئيل رسام إلى أداء الأدوار بروح الفكاهة والمرح والانسجام، حتى كدنا نصدق أنهم في صف محو الأمية ولا يمثلون، مما أسعد الناس عقدين من الزمان، وقد نسى الناس أسماء الممثلين الحقيقية وصاروا ينادونهم بأسماء الأدوار التي أدوها حتى وفاة الكثير منهم، هنا أتذكر قول المسرحي الروسي ستانسلافسكي “لا يوجد دور كبير وآخر صغير يوجد ممثل كبير وآخر صغير”. صباح ناهي

مشاركة :