وهو عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، ومن ولد وائل بن حجر. الفيلسوف المؤرخ، العالم الاجتماعي البحاثة أصله من إشبيلية، ومولده ومنشأه بتونس، رحل إلى فاس وغرناطة وتلمسان والأندلس، وتولى أعمالاً، واعترضته دسائس ووشايات، وعاد إلى تونس، ثم توجه إلى مصر فأكرمه سلطانها الظاهر برقوق، وولي فيها قضاء المالكية، ولم يتزي بزي القضاء محتفظاً بزي بلاده، وعزل، وأعيد، وتوفي فجأة في القاهرة، كان فصيحاً، جميل الصورة، عاقلاً، صادق اللهجة، عزوفاً عن الضيم، طامحاً للمراتب العالية. ولما رحل إلى الأندلس اهتز له سلطانها، وأركب خاصته لتلقيه، وأجلسه في مجلسه. اشتهر ابن خلدون بمؤلفه الكبير في التاريخ وضع له عنواناً تغلب عليه الصنعة وهو (كتاب العِبَر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) وأهم ما في هذا الكتاب مقدمته، فهي تمثل في مجموعها أثراً لا مثيل له، ففيها يفسر ابن خلدون التاريخ لا على ضوء النظم السياسية كما فعل اليونان، بل على ضوء الأوضاع الاقتصادية للمجتمع البشري في صوره البدوية والحضرية والمدنية. وما زالت مقدمته الشهيرة مرجعاً من المراجع النادرة في البحث الاجتماعي لاحتوائها على مبادئ راسخة وثابتة لم يستطع الفكر الحديث أن يتخطاها. ووضع ابن خلدون كتباً أخرى، منها كتاب (التعريف بابن خلدون) ذكر فيه نسبه وسيرته وما يتصل من أحداث زمنه، وكتاب (شرح البردة) وكتاب في (الحساب) ورسالة في (المنطق). وأكثر شهرته ترجع إلى مقدمة تاريخه، فقد أتى بها بما لم يأت أحد من قبل.;
مشاركة :