القيم الافتراضية! | لولو الحبيشي

  • 8/5/2013
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

نتلمظُ التنظيرَ، ونستلذُ بالحديثِ عن القيم، ونطلقُ النصائحَ بالبر والتقوى، والمُثل العليا والواجبات، وكأنّ الأمرَ فرضُ عينٍ، حديثُ أحدنا عنها لا يمكن أن يسقطَ وجوبه عن الآخرين مطلقًا مهما كثر، فالكل منا يجبُ أن يقولَ ويشاركَ، لكنْ على أرضِ الواقع يبدو تفعيلنا لما نمضغه من نظريات فرض كفاية، وبالحد الأدنى، إن مارسه شخصٌ سقط عن الباقين. كلنا نؤلّف مجلداتٍ من حديثنا عن بر الوالدين، نمارسه بلغة العصر التي سهّلت كل شيء، وأوهمت الكثير منّا بأنها الصيغة الحديثة للقيام بالواجبات، وكأنّ الحديث عن البر يُجزي عن ممارسته، لكننا في الواقع نعوّض فراغ الفعل بملئه بالكلام، وكأنّ الحديثَ عن البرِّ برٌّ ولو كان الواقع هو العقوق والقطيعة! رسائل خلوية، وهاشتاقات، وعبارات نتمكيجُ بها أمام الآخرين؛ لنريهم حجمَ حبنا لآبائنا وأمهاتنا، ساعات طوال نقضيها أمام شاشات الهواتف والكمبيوترات نتجمَّلُ بالحديثِ عن والدينا وعشقنا لأرجلهم، وفي الواقع قد يمر شهر على كثير من فلاسفة البر ما تحدثوا مع والديهم، ولا زاروهم، ولا بروهم بشيء! نتحدث عن التسامح والوفاق بمثالية نادرة والواقع مثقل بالصراعات، والخصومات، نتفلسف في الحديث عن الحبّ والعطاءِ، وفي الجانب الآخر حياة يكسوها الجليد، وتغتال فيها الزنابق. قدرتنا على التوهم والتخيّل عظيمة، وعضويتنا في عالمنا الافتراضي الجديد أكيدة، سلختنا عن عضويتنا في المجتمع، وشوّهت حضورنا على أرض الواقع. عالم الإنترنت الافتراضي، وإدمان البقاء فيه جعل غالبية أوجه الحياة افتراضيًا، وأوهم المدمنين أن بإمكانهم الاكتفاء به، فملأنا الإنترنت حتى ضاق عنا، وجوفنا الواقع لدرجة مريرة! lolo.alamro@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (71) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :