أكد المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية في أبوظبي مصداقية موقف دولة الإمارات العربية المتحدة ورؤيتها الإستراتيجية، عندما حذرت قبل سنوات، من أن خطر الإرهاب لا يقتصر عند حدود دولة بعينها وإنما يشمل دول العالم أجمع، وطالبت في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، بضرورة أن تكون المواجهة مع قوى الإرهاب شاملة. ولا تقتصر على منطقة دون غيرها، وإنما تتضمن أيضاً، المناطق المختلفة التي تشهد تواجداً للجماعات والتنظيمات الإرهابية المختلفة، كي تأتي الحرب الدولية على الإرهاب ثمارها، وبخاصة إنها كانت تعبر عن نظرة عميقة وبعيدة المدى، تدرك بوضوح خطورة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التي تسعى إلى تغيير استراتيجياتها من حين لآخر. فحينما تجد هذه التنظيمات أنها محاصرة في منطقة ما، تتجه إلى منطقة أخرى، لإقامة مناطق تمركز جديدة، كما هو حاصل الآن مع تنظيم «داعش» الإرهابي، فالهزائم المتتالية التي تعرض لها في كل من العراق وسوريا في الآونة الأخيرة، جعلته يتجه إلى البحث عن مناطق أخرى، كأفغانستان والصومال وليبيا واليمن، واستغلال الأوضاع الصعبة التي تشهدها هذه الدول في تعزيز تواجده فيها. وشدد المركز الاستشاري الاستراتيجي في تقريره على أن اللافت للانتباه في هذا الصدد أيضاً، أن استراتيجيات «داعش» والجماعات الإرهابية لم تعد تقتصر فقط على البحث عن مناطق جديدة، وإنما أيضاً، وربما هو الأخطر، القيام بعمليات إرهابية نوعية تستفز الرأي العام العالمي. كما حدث مع الهجمات التي استهدفت حفلاً فنياً، في مدينة مانشستر البريطانية، الإثنين الماضي، وأسفرت عن مقتل 22 قتيلاً بينهم أطفال، وإصابة العشرات. وأخيراً الهجوم المسلح الإرهابي الذي استهدف حافلة تقل أقباطاً في محافظة المنيا بصعيد مصر، يوم الجمعة الماضي وأسفر عن مقتل 28 شخصاً معظمهم من الأطفال، وإصابة العشرات الأمر الذي يؤكد أهمية انتقال الحرب ضد الإرهاب إلى المناطق المختلفة، سواء تلك التي تتواجد فيها تنظيمات إرهابية أو تشمل معسكرات للتدريب أو الدعم اللوجستي. ولعل هذا ما يفسر تحرك مصر السريع بتوجيه ضربة لمعسكرات لتدريب متشددين في الأراضي الليبية، حيث توعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي باستهداف أي معسكرات في الداخل أو الخارج يجري تدريب مسلحين فيها لضرب مصر. ورجح المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية أن الخيوط المشتركة بين هجمات مانشستر والمنيا الإرهابية، ترتبط بشكل عضوي مع تنظيمات الإخوان في عدد من دول المنطقة إضافة إلى التنظيم الدولي للجماعة في لندن. توافق أوضح المركز أن القراءة الأمنية للتفجيرات المتزامنة بوقت قصير، تشير إلى أنها تأتي رداً على القمة العربية الإسلامية الأميركية التي انعقدت في الرياض، وشكلت ببيانها الختامي نقلة نوعية في مواجهة التطرف والإرهاب. ليس فقط لأنها أظهرت بشكل واضح لا لبس فيه أن ثمة توافقاً في الرؤى بين الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة على تشخيص مصادر التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم، وإنما أيضاً لأهمية التوصيات التي صدرت عنها، والتي في حال تنفيذها على أرض الواقع، يمكن أن تشكل بالفعل استراتيجية فاعلة وناجعة للتصدي لخطر الإرهاب والتطرف.
مشاركة :