جبل النور الذي يحتضن بين جنباته غار حراء، هو أحد المعالم التاريخية البارزة بمكة المكرمة، لما له من خصوصية عظمى، فقد احتضن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسنوات طويلة قبل تلقيه الأمر الرباني بالرسالة، وما زاد في خصوصيته أنه الموضع الذي استقبل فيه الرسول أول تكليف إلهي بالنبوة، عندما بلغه بذلك جبريل عليه السلام، فهو مهبط الوحي والقرآن الكريم.ويُقبل الزوار والمعتمرون وحجاج بيت الله الحرام لمشاهدة غار حراء، لاستشعار جلال الذكرى، وعبق المكان.( مكة وفيها جبل النور.. طلة على البيت المعمور ) هكذا عبرت الكلمات الشعبية عن تلك البقعة المباركة حيث رافقت "الجزيرة اونلاين" بعد فجر اليوم قوافل الزوار لغار حراء والذي استغرقت الرحلة ساعتين، وبدأت الرحلة بالصعود إلى الغار ولاحظنا كبار السن يتكبدون العناء والمشقة لرؤية غار حراء و دموعهم تسبق خطواتهم.وحرص ضيوف الرحمن على التقاط الصورة التذكارية عبر هواتفهم النقالة تخليداً لهذه المناسبة إلا أن عددا منهم في بعض الأحيان يعرضون أنفسهم للخطر خصوصاً كبار السن فيما اضطر البعض منهم لأخذ قسطاً من الراحة على صخرات الجبل رغم حرارة الأجواء والصيام.فبينما كان المعتمر الهندي يتكيء على عصاه وغزا رأسه الشيب أوضح أن الوصول إلى قمة غار حراء لم تكن سهلة، تعبت كثيراً واستغرقت الأمر أكثر من ساعة للصعود إلى غار حراء، المكان جميل، ومشاعري لا يمكن وصفها، والتقطنا صوراً ستظل عالقة في أذهاننا.أما المعتمر سراج بعد أن فرغ من الدعاء بالقرب من الغار أفاد أنه يبلغ من العمر ٦٥ عاماً و أول مرة في حياته يقوم بزيارة غارء حراء واصفاً بالرحلة الشاقة والممتعة والتي سيرويها لأحفاده حال عودته لبلاده قبل نهاية شهر رمضان المبارك.يشار إلى أن جبل النور يقع شمال شرق المسجد الحرام، ويطل على طريق العدل.. وقد سمي بهذا الاسم لظهور أنوار النبوة فيه، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلو فيه بنفسه ليعبد الله قبل البعثة في غار حراء.ويبلغ ارتفاع هذا الجبل 642 متراً، وينحدر انحداراً شديداً من 380 متراً حتى يصل إلى مستوى 500 متر، ثم يستمر في الانحدار على شكل زاوية قائمة حتى قمة الجبل وتبلغ مساحته خمسة كيلو مترات و250 متراً مربعاً.وذكرت بعض المصادر التاريخية أنه لا يوجد جبل بمكة ولا بمنطقة الحجاز ولا في الدنيا كلها يشبه جبل النور، فهو فريد الشكل والصورة، فقمته تشبه "الطربوش" الذي يلبس على الرأس أو كسنام الجمل، أو هو كالقبة الملساء وله حجارة مدببة، وفي أعلى قمة الجبل يظهر بوضوح التجويف الجبلي الكبير، أو الغار الذي اختبأ فيه الرسول وانطلقت منه الرسالة.وعبر فتحة صغيرة على شكل نافذة بهذا الغار تشاهد الكعبة المشرفة والمسجد الحرام، وتشاهد أم القرى بكاملها.وغار حراء عبارة عن فجوة بابها باتجاه الشمال، طوله أربعة أذرع، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع الذراع، يتسع للرجل البدين ويقف فيه الرجل الفارع ويتسع لبضعة رجال يصلون ويجلسون، والداخل للغار يكون متجهاً للكعبةمباشرة، ويتسع الغار لخمسة أشخاص جلوساً وارتفاعه قامة متوسطة.ويشرف جبل النور على أباطح مكة، ويبعد عن المسجد الحرام نحو عشرة كلم، وهو متميز بتشكيله الصخري الذي لا تخطئه أعين القاصدين، خصوصا المتجهين إلى مدينة الطائف عبر طريق السيل الكبير.
مشاركة :