أدت اللغة الاستفزازية التي تبناها المرشد الأعلى الإيراني إلى تفاقم التوتر في الخليج، بما يهدد الإنجازات التي تحققت خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى السعودية والتوحد في مؤتمرات القمة الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الحادي والعشرين من مايو/أيار الماضي. ورصد الباحث سايمون هندرسون، وهو زميل «بيكر» ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف مشارك في مذكرات المعهد السياسية لعام 2017 «إعادة بناء التحالفات ومكافحة التهديدات في الخليج»، بعضاً من تطورات أزمة دول الخليج وقطر، مسلطاً الضوء على الدور الإيراني والمآرب التي تريد تحقيقها في هذا الظرف.ويؤكد هندرسون أنه خلال اتصال هاتفي أُجري في 27 مايو، قال الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً حسن روحاني لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني «نحن نريد أن يخطو العالم الإسلامي الذي يعاني من التفرقة صوب السلام والأخوة، وفي هذا الإطار مستعدون لإجراء المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق حقيقي»، ولكن المرشد علي خامنئي، صاحب السلطة الحقيقية في طهران، علق لاحقا بتصريحات أساءت إلى السعودية وأظهر من خلالها الدعم للميليشيات المذهبية التي تنتشر في اليمن ودول أخرى.وفي 28 مايو، وفي تغريدة لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور بن محمد قرقاش قال: «إن دول «مجلس التعاون الخليجي» تمر بأزمة حادة جديدة تحمل في طياتها خطراً جسيماً. إن درء الفتنة يكمن في تغيير السلوك وبناء الثقة واستعادة المصداقية». ومن الواضح أن التعليق موجه إلى قطر، وذلك بعدما نقلت وكالة الأنباء القطرية عن الأمير تميم قوله في 24 مايو، «لا حكمة في عداء العرب لإيران». وأدى ذلك إلى رد فعل شعبي ورسمي غاضب في دول الخليج، الأمر الذي ردت عليه قطر بادعائها أنه قد تم اختراق موقع وكالة أنبائها الرسمية وأن التقرير كان كاذباً. وقد قوبل هذا العذر بالارتياب والشك من قبل السعودية والإمارات، اللتين حجبتا المواقع القطرية، وهو الأمر الذي فعلته مصر والبحرين.ويبدو أن هذه الأحداث هي أحدث تطور في السياسة الخارجية القطرية، التي تشتهر بالتباينات (والتناقضات). على سبيل المثال، كانت الدوحة قد أغضبت الرياض سابقاً بعد استضافتها مكتباً دبلوماسياً «إسرائيلياً»، ولكنها قامت في وقت لاحق بطرد أعضاء البعثة وضم «حماس» في كنفها وتقديم رعاية مالية ودبلوماسية كبيرة للحركة. كما دعمت قطر المتطرفين في سوريا الذين يقاتلون نظام الأسد الذي تدعمه إيران. بل إنها تدعم بعض الشخصيات في جماعة «الإخوان المسلمين». وفي الوقت نفسه، فإن عدم اتخاذها أي إجراء حول قضايا تمويل الإرهابيين لا يزال يغضب واشنطن.ويبدو أن سلوك الدوحة الحالي يعكس الرغبة في تجنب مواجهة إيران التي استُهدفت أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة بإدانتها في الخطاب الذي ألقاه الرئيس ترامب في الرياض. وتتميز قطر بوجود قاعدة العُديد الجوية على مسافة قصيرة بالسيارة خارج العاصمة؛ ويستخدمها الجيش الأمريكي كمنشأة رئيسية للعمليات والقيادة منذ عام 2003. وبعد أن طلبت الرياض من القوات الأمريكية مغادرة السعودية في أعقاب هجمات 11سبتمبر/أيلول، أصبحت العُديد القاعدة الرئيسية للطائرات الحليفة العاملة فوق أفغانستان والعراق. غير أن العمليات الأمريكية هناك تخضع اليوم لضوابط مشددة، ومن الممكن أن تضع عليها الدوحة قيوداً لإرضاء طهران. كما أن حذر قطر متأصل في حقل الغاز الطبيعي البحري الضخم الذي تتشارك فيه مع إيران. ويُعرف في الدوحة باسم «حقل الشمال» («حقل غاز الشمال»)، وهو أكبر احتياطي للغاز البحري في العالم، الأمر الذي يساعد قطر على أن تصبح من أغنى دول العالم من ناحية الدخل للفرد الواحد، ويمنح إيران الأمل في المزيد من الانتعاش الاقتصادي والتنمية.وإذا زادت حدة الأزمة، فمن الممكن أن تؤدي إلى تكرار صدى الأزمات الدبلوماسية السابقة. ففي عام 2014، سحبت السعودية ودولة الإمارات والبحرين سفراءها من قطر عندما رفضت الدوحة السير وفقاً لطريق دول «مجلس التعاون الخليجي» في مختلف قضايا السياسة الخارجية. وقبل عقدين من ذلك الوقت، تباحث زعماء الخليج حول القيام بتدخل مباشر هناك، بعد أن أطاح أمير قطر السابق بوالده. وفي ذلك الوقت، كانت السعودية والإمارات غاضبتين على ما اعتبرتاه سابقة مؤسفة.وتشمل التقلبات الإضافية تقارير خليجية مضمونها أن مسؤولين قطريين اجتمعوا مع قائد «قوة القدس» التابعة ل «فيلق الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني. بالإضافة إلى ذلك، حاولت وسائل الإعلام السعودية مؤخراً تقويض مزاعم الدوحة بأن أسرة آل ثاني الحاكمة تنحدر مباشرة من أسرة العالم والفقيه محمد بن عبد الوهاب. وبالنسبة إلى واشنطن، يجب أن تكون الأولوية احتواء الخلافات وصَوْن وحدة دول «مجلس التعاون الخليجي». وبالإضافة إلى الحفاظ على النوايا الدبلوماسية الحسنة التي تحققت في مؤتمرات قمة الرياض، يمكن أن تساعد هذه الجهود في منع المزيد من التصعيد الدبلوماسي. وهذا الحادث أيضاً هو تذكير بأن عدم رغبة الدوحة في تخطي طهران قد يضعف في النهاية استعدادها لاستضافة وجود عسكري أمريكي كبير؛ وبناء على ذلك، يجب على واشنطن إعادة النظر في البدائل الحالية لقاعدة العُديد. دينس روس: ترامب يدرك الازدواجية القطرية أعرب دينس روس، المبعوث الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط، عن اعتقاده بأنه لا يمكن أن يكون هناك أي خطأ بالنسبة لمصلحة الإدارة الأمريكية في أن تلتزم دول الخليج بما اتفقت عليه مع الإدارة الأمريكية، وبالنسبة إلى قطر، فربما هناك موقف مغاير، فهناك قاعدة أمريكية كبيرة والعديد من العمليات العسكرية الأمريكية تقاد من هناك، وفي الوقت ذاته كانت تتصل بالإخوان المسلمين وبحماس وبالعديد من الجماعات المتشددة، ولكن من دون شك في حديثنا لأصدقائنا في المنطقة سيظهرون ازدواجية قطر في المعايير وسيلفتون انتباه الإدارة الأمريكية لها.وأضاف، في تصريحات لقناة سكاي نيوز عربية، «لا أعلم إن كان ترامب يدرك ذلك جيداً، ولكن أظن أنه يدرك الآن ما يجري، أستطيع أن أقول خلال عملي مع إدارة أوباما خلال العامين الأوليين، أحد ما أثار قلقي وقتها، هو أن القطريين لم يكونوا شفافين معنا في ليبيا، وقلقت بشأن دعمهم للإخوان وحماس، وأردت أن يوضحوا لنا، وأقول لهم إن كانت لديهم تلك القاعدة العسكرية فلا يمكن أن نغمض أعيننا عن أمور أخرى».وتابع «لن أتفاجأ إن كانت هناك محادثات في إدارة ترامب بأن يوضحوا لقطر بأنه إذا استدعت الحاجة لنقل القاعدة الأمريكية من هناك، ولا شيء يمكن أن يصدنا إلا إذا رأينا ما يهدد مصلحة حلفائنا ومصلحتنا، فأي دولة لم تشارك في مكافحة الإرهاب، أو تدعم بعض الجماعات المتشددة، سيكون هناك ردة فعل». إشادة «إسرائيلية» بقناة «الجزيرة» تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو عن تقرير أعدته القناة الأولى بالتلفزيون «الإسرائيلي» عن دولة قطر، ويشيد بقناة «الجزيرة» التي بدأت بثها في عام 1996، لتكون أول فضائية عربية في الشرق الأوسط تتمكن من مهاجمة الحكام وانتقادهم، خاصة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك.وأشاد التقرير كذلك بالأماكن السياحية في الدوحة، وكيف أصبحت منتجعاً سياحياً في الخليج، كما أبرز التقرير المصور المصافحة الشهيرة بين أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، ووزيرة الخارجية «الإسرائيلية» السابقة تسيبي ليفني، وزيارة الرئيس «الإسرائيلي» السابق شيمون بيريز للدوحة.كما أبرز مقطع الفيديو المتداول تصريحات حمد بن جاسم رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية، حرص دولة قطر على السلام مع «تل أبيب»، وهي التصريحات التي أطلقها أمير قطر الحالي تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.
مشاركة :