أبوظبي: سلام أبوشهابشهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مساء امس، المحاضرة التي ألقتها البروفيسورة شيري توركل، أستاذة الدراسات الاجتماعية للعلوم والتكنولوجيا بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بعنوان «كيف نستعيد المحادثة وجهاً لوجه في عصر منصات التواصل الاجتماعي؟»، وذلك بمجلس سموه بقصر البطين في أبوظبي.حضر المحاضرة الدكتورة أمل القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، وأيمن الصفدي وزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية، وعدد من الشيوخ، والوزراء، وكبار المسؤولين، وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.وأعربت شيري توركل في البداية عن سعادتها بوجودها في مدينة أبوظبي، والتعرف إلى معالمها، وزيارة حدائقها الجميلة، والمراكز الخدمية، والالتقاء مع العائلات، والتعرف إلى العادات والتقاليد السائدة بالذات خلال شهر رمضان، حيث التواصل والترابط الاجتماعي اللذين يعتبران من الميزات الهامة في الإمارات.وقالت: اليوم في ظل التطور التكنولوجيا الرقمية الجذابة أصبحت هذه التكنولوجيا تأخذنا بعيداً عن المحادثات وجهاً لوجه، مؤكدة ضرورة علاقات التواصل المباشر بين الناس وجهاً لوجه، لما لها من تأثيرات إيجابية في زيادة الحميمة بين الناس، وزيادة الإنتاجية، وعدم الاعتماد الكلي على التواصل مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط، موضحة أن الاعتماد على التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر محاولة للهروب من الآخر.وأضافت: قمت بدراسة تأثير الأجهزة الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعي منذ ظهورها لأول مرة على الساحة، وخلال الفترة الأولى من الدراسة، وقفت أمام أمرين: أولهما أن وسائل الإعلام الاجتماعي أحدثت بمجيئها تأثيراً نفسياً جديداً، يتمثل في شعور المرء بالوحدة رغم تواجده مع الآخرين، وثانيهما أن وسائل الإعلام الاجتماعي جاءت بحالة نفسية جديدة أطلق عليها أنا اسم «أنا أشارك، إذاً أنا موجود»، وأصبح الناس يقولون: «أشعر برغبة في إرسال رسالة» بعد أن كانوا يقولون: «لدي رغبة في إجراء مكالمة»، الحاجة إلى المشاركة والمقارنة خلقت نقاط ضعف جديدة في الناس، خاصة فئة الشباب.وأشارت هنا إلى أهمية إعطاء الوقت الكافي للعائلة والابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي خلال الجلوس مع العائلة، والتفرغ للحديث المباشر بين افرد العائلة، خلال تناول الطعام، وخلال أوقات محددة للجلوس مع العائلة بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي.وقالت: في السنوات الأخيرة ظهر اتجاه جديد ومثير للقلق في آن معاً، هو انه أصبحنا نلاحظ أن الناس بدأوا ينأون بأنفسهم عن الاتصال وجهاً لوجه، وباتوا يجتنبون المحادثة، على الأقل المحادثة المفتوحة والعفوية، المحادثة التي نتداول فيها الأفكار، والتي نسمح لأنفسنا فيها بالحضور التام، وإظهار ضعفنا. وأضافت، أصبح الناس من كل الأجيال يقولون: «أنا أفضل إرسال الرسائل النصية على الحديث»، ما يعني إنهم يريدون إبقاء تفاعلاتهم على الشاشة فقط، ما أمكن، ولذلك هم يتحدثون عن إرسال الرسائل النصية، ويتحدثون أيضاً عن الأسرة والأعمال على وسائل الإعلام الاجتماعية و»الفيسبوك».وقالت أنا عالمة نفس تطورية، وأنا أعرف ما يمكن أن تفعله المحادثة وجهاً لوجه، فهي التي تعلمنا العلاقة الحميمية، والتعاون، والتعاطف.وأضافت: أظهرت نتائج بحثي عن المحادثة أننا في وقت التغيير، وأعتقد أننا في نقطة انعطاف، ويظل هناك خوف من فقدان الشيء عند التعامل مع الإنترنت, مشيرة إلى أن الناس مغرمون بالتكنولوجيا ولكنهم مختلفون حول الطريقة التي يستخدمونها بها، هناك 89٪ من الأمريكيين نظروا إلى هاتفهم خلال المحادثة الأخيرة، لكن 82٪ قالوا إن ذلك يقلل من أثر المحادثة، لذلك نحن في وقت نعلم فيه بأننا نقوم بشيء ضد مصلحتنا.وقالت لماذا نخاف من المحادثة؟ على الإنترنت، يمكننا السيطرة على عصرنا، يمكننا أن ننجز مهام متعددة، يمكننا إعادة تحرير ما نقوله ليكون صحيحاً، ويمكننا «تنميق» كلامنا، مضيفة: قال لي أحد الشبان عن المحادثة: «سأخبرك بمشكلة المحادثة: إنها تحدث في الوقت الحقيقي، ولا يمكنك السيطرة على ما تقوله!»، ولكننا ندرك أننا قد سمحنا لهواتفنا بالوقوف في طريقنا، وحدسنا صحيح. وأوضحت أن إحدى الدراسات أظهرت أنه حتى عندما يكون الهاتف في وضعية صامتة على طاولة الغداء، فإنه يؤدي لحدوث أمرين: تكون المحادثة مقتضبة حول الموضوع، ولا نمانع في أن يقاطعنا أحد، وكذلك نشعر بأننا أقل ارتباطاً مع بعضنا بعضاً، وأقل استثماراً في بعضنا بعضاً، وبالتالي ليس من المستغرب أن نرى في السنوات الثلاثين الماضية انخفاض مؤشرات التعاطف بين طلاب الجامعات بنسبة 40٪، علماً بأن معظم هذا الانخفاض حدث في السنوات العشر الماضية، ويعزو الباحثون هذا الانخفاض إلى وجود الأجهزة الرقمية. وقالت، لكن ثمة أخبار طيبة: نحن قادرون على الصمود، فقد أظهرت إحدى الدراسات أنه وفي غضون 5 أيام فقط في مخيم صيفي من دون أجهزة إلكترونية، بدأ الأطفال يتعرفون مجدداً إلى مشاعر الآخرين، كيف؟ بأن أصبحوا يتحدثون مع بعضهم بعضاً.وأشارت إلى إن المحادثة وجهاً لوجه هي أكثر الأمور البشرية والإنسانية التي نقوم بها، ويمكننا استعادتها في العمل، وفي المنزل، وفي التعليم.وأوضحت أن الناس يعبرون عن انفسهم بطريقة معينة، ونحن ندعي الأفضلية، ونمارس الأفضلية الذاتية، وشركات التواصل الاجتماعي تبيع لنا المنتجات عندما نكون اكثر ضعفاً.وقالت، هنا لدي اقتراحان، نقطتان للبدء: لتمهيد الطريق للمحادثة، وخلق المساحات «المحرّمة» حيث يمكنك ترك أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية، في المنزل، علينا البدء من المطبخ وغرفة الطعام، والسيارة، في التعليم، علينا البدء من الفصول الدراسية.. علينا جعلها خالية من هذه الأجهزة الإلكترونية، في العمل، يمكننا عقد اجتماعات خالية من الأجهزة.واضافت ثانياً، علينا رعاية العزلة، في العزلة نجد أنفسنا... نجهز أنفسنا لخوض المحادثات ولدينا شيء مهم نقوله، شيء يعبّر عنا نحن.أكدت البروفيسورة شيري في معرض ردها على أسئلة الحضور في نهاية المحاضرة، على أهمية الاتصال المباشر، والتحاور، والحديث المباشر، لما لها من أهمية في فهم الآخر بشكل افضل إذا ما أخذ في الاعتبار لغة العيون، ولغة الجسد، مقارنة مع التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي يتم من خلف الشاشات، يصاحب ذلك فقدان الكثير من القيم. وأشارت إلى أن الشركات العاملة في مجال التواصل الاجتماعي تجعلنا مدمنين بشكل اكبر على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يتطلب التركيز على التواصل المباشر بين أفراد العائلة.
مشاركة :