أصدر الرئيس الأفغاني أشرف غني أمس أمرا بإعدام 11 من مسلحي حركة طالبان وشبكة حقاني المسجونين ومن بين من صدرت بحقهم أحكام الإعدام نجل مؤسس الشبكة أنس حقاني الذي اعتقل من قبل الأمن الأفغاني قبل عدة سنوات، وهو يقبع في السجن منتظراً مصيره بعد أن صدر بحقه الإعدام من قبل المحاكم الرسمية. وكانت شبكة حقاني هددت بتنفيذ هجمات كبيرة في حال تم تنفيذ حكم الإعدام بحق أنس حقاني الذي يعتبر العقل المدبر للشبكة وأحد أبرز قيادييها على الإطلاق. وقالت مصادر مقربة من الرئاسة إن هذه الخطوة تأتي عقب وقوع هجوم في الحي الدبلوماسي بالعاصمة الأفغانية كابل أمس، مما أسفر عن مقتل نحو 90 شخصاً. وكانت وكالة الاستخبارات الأفغانية قد اتهمت شبكة حقاني المتمردة وباكستان بأنهما وراء التفجير الضخم بشاحنة الذي وقع أمس وقالت الهيئة العامة للأمن في بيان في وقت متأخر من أول من أمس إن «خطة هجوم رسمتها شبكة حقاني بتنسيق وتعاون مباشر من وكالة الاستخبارات الباكستانية». ويشار إلى أن شبكة حقاني جماعة متمردة عنيفة تتعاون بصورة وثيقة مع حركة طالبان. وتتهم أفغانستان باكستان بدعم وإيواء أفراد حقاني و«طالبان». وقد أصيب أكثر من 460 شخصا في التفجير، الذي وقع في ساعة الذروة صباح أمس الأربعاء في منطقة بها عدد كبير من السفارات الأجنبية والمؤسسات الحكومية الأفغانية ومنها القصر الرئاسي. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العامة محمد إسماعيل كاوسي إنه تم استئناف عملية تحديد هوية الضحايا أمس. وكان الرئيس الأفغاني قد قال في وقت سابق إن الوقت قد حان لاتخاذ قرار ضد الجماعات الإرهابية التي تشن حربا في أفغانستان لزعزعة استقرار الدولة والمنطقة بناء على تعليمات من استخبارات أجنبية إطار حرب غير معلنة. وأشارت الداخلية في بيان إن حجم التفجير غير مسبوق خلال السنوات الماضية، مضيفة أنه تم استخدام نحو 1500 كيلوغرام من المتفجرات في تنفيذ الهجوم، وتشهد علاقات كابل وإسلام آباد توترا واضحا بعد تصاعد عمليات طالبان والجماعات المتشددة، حيث تقول كابل بأن باكستان تقدم الدعم والتعاون للجماعات المسلحة التي تتخذ من مناطق القبائل مقرا لعملياتها في أفغانستان، وفي هذا السياق أعلن مسؤول فريق الكريكيت الرياضي الأفغاني إلغاء مسابقات ودية بين الفريق الأفغاني ونظيره الباكستاني كانت مقررة خلال الشهر المقبل ردا على الهجوم الانتحاري الذي استهدف كابل. وكان التفجير الانتحاري قد ألحق أضرارا مادية كبيرة حيث وقع في منطقة حساسة وشديدة الحراسات وسط المدينة حيث تقع عدة سفارات من بينها السفارة الألمانية والهندية والإمارات العربية المتحدة والسفارة البريطانية والصينية، وقد أصيب في التفجير عدد من موظفي هذه السفارات وقال مصدر في الأمن الأفغاني لم يرغب في الكشف عن اسمه أن عدد من موظفي السفارات الأجنبية قد غادرت البلاد بعد التفجير خوفا من تكراره دون تحديد هويتهم. وبعد تصاعد الغضب الشعبي عقب التفجير ظهر الرئيس الأفغاني عبر قناة حكومية رسمية في الساعات المتأخرة من الليل وهو يندد بالتفجير ويطالب الأفغان بالتوحد وجمع الكلمة لدحر العدو المشترك، مشيراً إلى أن بلاده تتعرض لحرب غير معلنة في إشارة منه إلى باكستان التي لطالما أتهمها الأفغان بالوقف وراء عمليات التفجير التي تستهدف البلاد منذ أكثر من خمسة عشر عاما. وصدرت إدانات دولية وإقليمية عقب التفجير الدموي الذي هز العاصمة الأفغانية راح ضحيته مئات بين قتيل وجريح، حيث أعلنت الرئاسة الأفغانية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرى مكالمة هاتفية بالرئيس أشرف غني أعرب فيه عن إدانته الشديدة بالتفجير معلناً وقوف واشنطن إلى جانب الشعب الأفغاني في محنته. ولم يتضح بعد الهدف من وراء هجوم كابل الأخير غير أن أغلب ضحاياه كانوا من المدنيين بينهم نساء وأطفال، ويبقى المدنيون هم الضحايا الأصليون من وراء الهجمات التي تشهدها أفغانستان منذ أن أسقط التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية حكومة طالبان نهاية عام 2001، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت سابقا أن عدد القتلى والمصابين المدنيين بسبب الحرب في أفغانستان شهد تراجعا طفيفا خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي وهو انخفاض نادر عزاه المسؤولون في جانبه الأكبر إلى فرار سكان من مناطق القتال. إلى ذلك، ذكر تقرير ربع سنوي أصدره محققون في شؤون حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة في كابل مؤخرا أنه في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار) قتل 715 مدنيا وأصيب 1466 آخرون وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة أربعة في المائة مقارنة بالعدد في الربع الأول من العام الماضي. وأحد العوامل الرئيسية لهذا التراجع هو انخفاض بنسبة 19 في المائة في عدد ضحايا الاشتباكات البرية بين قوات الأمن الأفغانية والجماعات المتمردة مثل حركة طالبان وتنظيم داعش. لكن المحققين قالوا إن الانخفاض يعود على الأرجح إلى فرار أكثر من نصف مليون أفغاني من مناطق القتال خلال عام 2016 وهو أعلى عدد للنازحين يسجل على الإطلاق. في غضون ذلك، قالت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) في بيان «في حين ترحب (يوناما) بمثل هذا التراجع وبكل الجهود الرامية لحماية المدنيين فإنها تشير إلى مستويات النزوح القياسية داخل أفغانستان خلال عام 2016 وإلى أن تراجع الأعداد قد يعود إلى تحرك المدنيين من مناطق كثيرة تضررت بشدة من الصراع». وفي عام 2016 قتل 3498 مدنيا وأصيب 7920 آخرون وهو أكبر عدد للضحايا من المدنيين الأفغان خلال عام واحد. وسلط التقرير الضوء على ارتفاع كبير في عدد الضحايا من النساء بنسبة 24 في المائة بينما زاد عدد القتلى والمصابين من الأطفال ثلاثة في المائة. وأشار التقرير إلى أن 62 في المائة على الأقل من القتلى والمصابين وقعوا في هجمات نفذتها مجموعات معادية للحكومة مثل حركة طالبان فضلاً عن تنظيم «داعش» الذي شن عدداً من أكثر الهجمات دموية على الإطلاق في كابل هذا العام. وطالبت بعثة الأمم المتحدة جميع الأطراف باحترام المدنيين وتجنبيهم من مناطق الصراع. وأورد التقرير ارتفاعا طفيفا بلغ اثنين في المائة في القتلى والمصابين جراء عمليات لقوات الأمن الأفغانية وحلفائها الغربيين. كما وثق التقرير ارتفاعا «ملحوظا ومزعجا في القتلى والإصابات الناتجة عن الغارات الجوية». وفي الربع الأول من 2017 قتلت الغارات الجوية للقوات الأميركية والأفغانية 72 مدنيا وأصابت 76 مقارنة بمقتل ثمانية وإصابة 21 في الفترة نفسها من العام الماضي. وينشط جانب من تنظيم داعش الذي برز في أفغانستان في 2015 وسيطر على أراض واسعة في ولايتي ننجرهار وكونر شرق أفغانستان قرب الحدود الباكستانية. لكن التنظيم شهد تراجعا منذاك وانكفأ في عدد من مناطق ننجرهار عقب شن عملية عسكرية مشتركة ضده من قبل الجيش الأفغاني والقوات الدولية. ويعتقد خبراء مكافحة الإرهاب أن عدد التنظيم الذي بلغ حدا أقصى من 2500 أو 3 آلاف رجل تراجع إلى 800 على أبعد تقدير نتيجة الخسائر في القتال والانشقاقات خصوصاً في الفترة الأخيرة. ومنذ بروز «داعش» المتشدد في 2015 شن عناصره سلسلة اعتداءات بالعبوة في أفغانستان وتمكنوا من شن هجمات دموية في كابل في يوليو (تموز) 2016. وينشط «داعش» حسب تقارير مستقلة وخبراء في الشأن الأفغاني، في 25 ولاية أفغانية من أصل 34. وقد كثف من عملياته خلال الفترة الأخيرة. وبالإضافة إلى الوجود المستمر لـ«داعش» في ولاية ننجرهار يشتبه في سعيه إلى الاستقرار في شمال أفغانستان حيث أعلن مسلحون في «حركة أوزبكستان» ولاءهم لهم. وينتشر نحو 8400 جندي أميركي في أفغانستان، يؤدي أغلبهم مهام تدريب ودعم القوات الأفغانية في مواجهة طالبان في إطار قوة لحلف شمال الأطلسي. غير أن 2150 منهم يقودون عمليات خاصة ضد القاعدة أو تنظيم «داعش»، ومن المتوقع إرسال مزيد من الجنود بعد أن تعلن إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب استراتيجيتها الجديدة تجاه أفغانستان خلال الشهر الحالي.
مشاركة :