إتمام المصالحة الفلسطينية بحاجة إلى خطوات صعبة

  • 6/3/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

خاضت حركتا «فتح» و»حماس» «صراعاً» تفاوضياً مريراً استمر حتى اللحظات الأخيرة قبل الاتفاق على تشكيل «حكومة الوفاق الوطني» الفلسطينية أمس، ما يعكس شكل وحجم العقبات الكثيرة والمتنوعة التي تقف في الطريق نحو إنهاء الانقسام وإعادة توحيد المؤسسات الفلسطينية المنقسة منذ سبع سنوات. وحقق الطرفان الخطوة الأولى، التي تبدو الأكثر سهولة، في مشوار المصالحة وإنهاء الانقسام الذي يبدو طويلاً، وهي تشكيل حكومة من المستقلين. لكن الخطوات الكبيرة والصعبة ما زالت هناك وتنتظر «صراعاً تفاوضياً» أكثر صعوبة. تتمثل أولى هذه الصعوبات في توفير رواتب موظفي السلطة، الذين انضم إليهم 41 ألف موظف جديد هم موظفو الحكومة المقالة في قطاع غزة. وكانت السلطة الفلسطينية تجاهد لتوفير رواتب موظفيها البالغ عددهم 153 ألفاً، وعليها الآن بذل الكثير من الجهود في البحث عن مصادر تمويل أخرى في وقت تتراجع مصادر التمويل الحالية. وقال مسؤول رفيع في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إن السلطة لن تتمكن من توفير رواتب موظفي الحكومة المقالة، وغالبيتهم من حركة «حماس»، وإن على الحركة المساعدة في البحث عن مصادر تمويل. وكشف هذا المسؤول أن أمير قطر تعهد في اللقاء الذي جمعه مع كل من الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل الشهر الماضي بالمساعدة في إيجاد حل لمشكلة رواتب موظفي غزة. لكن السؤال الكبير الذي يواجهه الطرفان هو: هل يمكن لقطر أن تعمل على توفير رواتب موظفي غزة بصورة دائمة، أم أن هذا الدعم سيتوقف بعد حين، ويكون على السلطة الفلسطينية إيجاد البديل؟ وهل يمكن لقطر أن توفر أموالاً نقدية لموظفين ينتمي معظمهم لحركة «حماس» من دون أن تتهم بـ»دعم الإرهاب»، علماً بأنها قدمت لحكومة غزة في السابق مشاريع عينية وليس أموالاً نقدية تجنباً لمواجهة هذه الاتهامات؟ والتحدي التالي أمام هذه الحكومة هو إعادة توحيد الجهازين المدني والأمني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. ففي غزة هناك 77 ألف موظف في السلطة توقفوا عن العمل بعدما سيطرت حركة «حماس» على القطاع بالقوة المسلحة عام 2007. ووظفت حكومة «حماس» خلال سنوات الانقسام السبع الماضية أكثر من 41 ألف موظف جديد. ويعترف مسؤولون في الحركتين بأنهم يواجهون صعوبات كبيرة في إعادة دمج الموظفين المدنيين والأمنيين، فضلاً عن عدم وجود مبان حكومية تستوعب هذا العدد الكبير من الموظفين، وعدم وجود أوجه عمل لهم جميعاً. ويعترف المسؤولون بأن التحديات التي يواجهونها في توحيد الأجهزة الأمنية هي الأصعب، ذلك أن لدى كل من الجهازين الأمنيين المنقسمين عقيدة أمنية مختلفة. ونص الاتفاق على دمج 3000 عنصر من الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في المؤسسة الأمنية القديمة في غزة مع الأجهزة المماثلة التي أقامتها حكومة «حماس» المقالة في المرحلة الأولى، ثم تشكيل لجنة أمنية عليا لدراسة عملية الدمج. لكن الطرفين لا يخفيان صعوبة تحقيق تقدم حتى في المرحلة الأولى. ويتمثل التحدي الثالث في إجراء انتخابات عامة للسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير بعد ستة شهور من تشكيل الحكومة. ويؤكد مسؤولون في الحركتين استحالة إنجاز هذه المهمة في الزمن المحدد في الاتفاق بسبب الصعوبات السياسية والفنية التي تواجهها الانتخابات. فإجراء انتخابات لمنظمة التحرير يتطلب إجراءات فنية واسعة للقيام بها في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في الكثير من دول الخارج، خصوصاً الدول المضيفة للعدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين مثل الأردن ولبنان وسورية. وتقول حركة «حماس» إنها ستطلب تأجيل إجراء الانتخابات في حال تعرض مرشحيها للاعتقال أو رفض إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس الشرقية المحتلة، وهو ما يتوقع حدوثه. كما تواجه حركة «فتح» أيضاً صعوبات داخلية في إجراء الانتخابات، منها تعدد وتنوع مراكز القوى فيها مثل تجمع النائب المفصول من الحركة محمد دحلان وغيره. والتحدي الرابع هو تنفيذ النص المتعلق بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على نحو يمكن حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» من الدخول في مؤسساتها التشريعية والتنفيذية. ويقول مسؤولون في «فتح» إنهم لن يقبلوا دخول «حماس» لمنظمة التحرير إذا لم يترافق ذلك مع انتخابات يتيح للفائز فيها حكم قطاع غزة. وعلى رغم الصعوبات الكبيرة إلا أن الأطراف المؤثرة والمتأثرة في الانقسام والمصالحة الفلسطينية حققت إنجازات من اتفاق المصالحة ما يجعل «حكومة الوفاق الوطني» مرشحه للعيش فترة طويلة. فالرئيس محمود عباس حقق إنجازاً كبيراً تمثل في إعادة توحيد شطري الوطن تحت إدارة السلطة، وهو إنجاز يحسب له كزعيم للشعب الفلسطيني. كما نجح عباس في تشكيل حكومة تحت قيادته، تتبنى برنامجه السياسي، وتتألف من وزراء مقربين له ولحركة «فتح». وحركة «حماس» حققت إنجازاً كبيراً تمثل في التخلص من أعباء قطاع غزة التي لم تكن قادرة على القيام بها، وإلقائها على السلطة الفلسطينية، مع مواصلة التمتع بامتيازات إدارة القطاع من خلال موظفيها وأجهزتها الأمنية. وهو ما اعتبره المحلل هاني المصري بأن «حماس خرجت من الحكومة لكنها بقيت في الحكم». وينص الاتفاق على بقاء الجهازين الإداري والأمني الحاليين يديران قطاع غزة حتى إجراء الانتخابات التي لا يبدو في الأفق ما يشير إلى قرب إجرائها. ويمكن هذا حركة «حماس» من مواصلة حكم قطاع غزة فيما تتحمل السلطة أعباءه. وحققت مصر المجاورة لقطاع غزة أيضاً إنجازاً مهماً لها من وراء المصالحة تمثل بإبعاد فرع «الإخوان المسلمين» الفلسطيني عن حكم هذه الشريط الساحلي المجاور لها، وتسلم السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، بخاصة الحدود والمعابر التي طالما أثارت قلق المؤسسة الأمنية المصرية. وحققت إسرائيل أيضاً بعض المنافع من المصالحة الفلسطينية، في مقدمها تولي الرئيس عباس، الملتزم بالتنسيق الأمني معها، إدارة قطاع غزة. وشكل مصادقة «حماس» على حكومة فلسطينية «تعترف بإسرائيل وتنبذ الإرهاب وتلتزم بالاتفاقات الموقعة» مع إسرائيل إنجازاً آخر للدولة العبرية التي طالما طالبت «حماس» بالاعتراف بهذه الشروط الثلاثة التي تحولت إلى شروط دولية بعد أن تبنتها «اللجنة الرباعية الدولية». وكان الرئيس محمود عباس ترأس أمس الاجتماع الأول للحكومة، وقدم للوزراء تعليماته السياسية أمام وسائل الإعلام، قائلاً: «نحن حكومة ملتزمة بمبدأ الدولة على حدود عام 1967، وملتزمة بالاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، واحترام الاتفاقات الدولية». وأضاف الرئيس: «نحن كذلك ملتزمون بالتنسيق الأمني مع إسرائيل حماية لمصالح شعبنا». إسرائيلفلسطينالاستيطان

مشاركة :