سيطرت حالة من القلق والترقب على أسواق النفط الخام عقب قرار الانسحاب من اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي حيث اعتبرته دوائر مالية واقتصادية إشارة بدء لطفرة جديدة من الإنتاج الأمريكي من النفط والوقود الأحفوري بشكل عام في الوقت الذي تواجه السوق تخمة في المعروض.وتفاعلت السوق بشكل إيجابي واسع مع تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في موسكو التى رجح فيها أن يشهد الاجتماع الوزراي المقبل لمنظمة "أوبك" في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل تعميق تخفيضات الإنتاج في إطار جهود زيادة فاعلية اتفاق خفض الإنتاج لدعم الاستقرار على نحو أسرع في السوق.إلى ذلك، توقع تقرير "إنرجي كوليكتيف" الدولي أن يصبح العالم أفضل حالا مع انسحاب ترمب من اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي مشيرا إلى أن البعض يرى أن الولايات المتحدة بانسحابها من الاتفاقية سيكون الأمر مفيدا لسياسة الطاقة العالمية.ونقل التقرير عن لوك كيمب المحاضر في العلاقات الدولية والسياسة البيئية في الجامعة الوطنية الأسترالية أن وضع الطاقة في العالم سيكون أفضل مع انطلاق إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة خاصة ما يتعلق بتأمين الإمدادات وتلبية احتياجات الطلب.ويرى التقرير أن بقاء واشنطن عضوا في اتفاق باريس أصبح وضعا خاطئا معتبرا أن الانسحاب الأمريكي سيكون أفضل نتيجة للعمل الدولي في مجال المناخ.في سياق متصل، ذكر أحدث تقارير منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن أهم ما يحتاج إليه المنتجون حاليا هو أن تكون برامج التعاون خاصة ما تشمله من برنامج خفض الإنتاج كبيرة وأكثر جرأة وتأثيرا، منوها إلى ضرورة أن يسير جميع المنتجين في نفس التوجه وأن يركزوا على قضية الوحدة والتوافق وإعلاء الصالح العام فوق المصالح الفردية الضيقة معتبرا أن استعادة الاستقرار في السوق سjصب في مصلحة وفائدة الجميع.وأشار التقرير إلى أن سوق النفط حالة فريدة من نوعها تماما بين جميع أسواق بقية السلع التي يجرى تداولها حول العالم منوها إلى أن هذه السوق تتسم بطبيعة معقدة للغاية وحساسة لجميع أشكال التأثير الداخلية والخارجية على السواء وهو ما يعني بوضوح أن السوق النفطية تتطلب اليقظة المستمرة والرصد الدقيق على نحو يومي فعال.وأكد محمد باركيندو الأمين العام لـ"أوبك" أن الحوار والتفاهم المستمرين مع روسيا خلال الفترة الماضية أديا إلى التوصل لكثير من التقدم وتحقيق الإنجازات في مجالات التعاون المختلفة بين المنتجين ما انعكس بالإيجاب الواسع على السوق.وأشار باركيندو في تقرير لمنظمة "أوبك" في ختام أعمال المنتدى الاقتصادى في مدينة بطرسبورج الروسية إلى وجود مؤشرات قوية وواضحة على أن عملية إعادة التوازن إلى سوق النفط تجري على قدم وساق وتشهد تقدما مستمرا.ونوه باركيندو إلى أن توافق الآراء بين "أوبك" وروسيا سهل الوصول إلى إعلان التعاون المشترك وطويل الأجل لافتا إلى الدور الحيوي الذي يقوم به ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي في الرئاسة المشتركة لأعمال اللجنة الوزارية لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج بالتنسيق مع نظيره الكويتي عصام المرزوق.وأضاف التقرير أن هذه الحالة من التناغم بين المنتجين ساعدت دول "أوبك" والدول غير الأعضاء في المنظمة علی اتخاذ قرار تمديد إعلان التعاون في خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر جديدة حتی نهاية آذار (مارس) 2018.وتابع التقرير: أن نوفاك وباركيندو أطلعا كبار المسؤولين الروس على نتائج الاجتماع السادس رفيع المستوى لحوار الطاقة بين منظمة "أوبك" وروسيا الذي شارك في رئاسته خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ورئيس مؤتمر "أوبك" وسلطا الضوء على قيمة الحوار الحالي، لا من خلال إعلان التعاون فحسب، بل أيضا من خلال الاجتماعات على المستوى التقني وتقاسم المعلومات والتحليلات والتوقعات.ونوه التقرير إلى أن مباحثات باركيندو في روسيا شملت ديمتري ميدفيديف رئيس الوزراء وألكسندر نوفاك وزير الطاقة وتناولت الوضع الحالي لسوق النفط، فضلا عن تطور حوار الطاقة بين منظمة "أوبك" وروسيا وإمكانية تطوره أكثر في المستقبل مشيرا إلى أهمية وضع إطار لإضفاء الطابع المؤسسي على الحوار بين منظمة الدول المصدرة للنفط والدول غير الأعضاء في المنظمة على أساس مستدام.ونقل التقرير عن ديمتري ميدفيديف رئيس الوزراء الروسي تأكيده أهمية ما تحقق من نهوض بحوار الطاقة مع "أوبك" في السنوات الأخيرة مشيرا إلى دور المشاورات المشتركة التي جرت خلال النصف الثاني من عام 2016 ومثمنا إعلان التعاون غير المسبوق بين دول "أوبك" والمستقلين. ونوه التقرير إلى تأكيد ميدفيديف أن العلاقات الجيدة بين "أوبك" وروسيا ساعدت سوق النفط على الانتعاش وقد أدت الجهود المنسقة بين الجانبين إلى تحقيق وضع اقتصادي أفضل للجميع.وبحسب التقرير فإنه بطبيعة الحال لا يمكن تجاهل أن الاستثمارات النفطية هي محور الاقتصاد العالمي على مدى أكثر من نصف قرن وبالتالي يمكن إدراك حجم المهمة الدولية الكبيرة التي تواجه منظمة "أوبك" وتتطلب منها أدوارا متواصلة الفاعلية لحماية الصناعة ودعم استقرار ونمو السوق.وذكر التقرير أن جميع المعنيين في هذه الصناعة يتوافقون على أن الوقود الأحفوري سوف يستمر في لعب دور قيادي في إمدادات الطاقة العالمية في المستقبل مشيرا إلى أن هذه الحقيقة تجعل ما تقوم به الدول المنتجة سواء في "أوبك" أو خارجها حاليا هو أكثر حتمية من أى وقت مضى. وأضاف التقرير أن معدلات الطلب سواء على النفط أو الغاز سوف تنمو بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة لذلك فإن هذا يعد أمرا حيويا من أجل تهيئة الظروف المناسبة التي تدعم وتلبي هذا النمو من خلال القيام بزيادة مقابلة وواسعة في استثمارات الطاقة سواء في الموارد والقدرات الجديدة أو تطوير القائم بالفعل.ونوه التقرير إلى أنه بحسب تقديرات منظمة "أوبك" فإن هناك حاجة إلى ضخ استثمارات جديدة في قطاعي النفط والغاز بنحو 10 تريليونات دولار حتى عام 20140 وذلك بهدف تلبية معدلات الطلب المتزايد المتوقعة لافتا إلى أن هذا يتطلب سوقا للنفط تتمتع بالاستقرار والقدرة على التنبوء بتطوراته وزيادة كل أشكال التعاون بين جميع أطراف الصناعة.وأشار التقرير إلى أن بداية العام الحالي شهدت انطلاق جهود التعاون بين المنتجين بالتوافق على تقييد الإنتاج على نحو مؤثر منوها إلى أن هذه الخطوة كانت بمثابة المفتاح للوصول إلى مستقبل ناجح ومضيء لسوق النفط.من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فقد أغلق النفط منخفضا بأكثر من 1 في المائة ليسجل خسائر للأسبوع الثاني على التوالي بفعل مخاوف من أن انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من اتفاق باريس المناخي قد يسرع وتيرة الإنتاج في الولايات المتحدة ويغرق سوق النفط العالمية.وبحسب "رويترز"، فقد أغلقت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت منخفضة 68 سنتا أو ما يعادل 1.3 في المائة إلى 49.95 دولار للبرميل بينما نزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 70 سنتا أو 1.5 في المائة إلى 47.66 دولار للبرميل، واختتم الخامان الأسبوع منخفضين بأكثر من 4 في المائة.وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع الـ20 على التوالي في موجة تعاف في الإنتاج مستمرة منذ عام على الرغم من أن بعض المحللين يتوقعون أن وتيرة الزيادات قد تظل عند مستوياتها مع بقاء أسعار الخام دون 50 دولارا للبرميل.وقالت «بيكر هيوز» لخدمات الطاقة إن الشركات أضافت 11 منصة حفر نفطية في الأسبوع المنتهي في الثاني من حزيران (يونيو) ليصل العدد الإجمالي إلى 733 منصة وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015.ويعادل ذلك أكثر من مثلي عدد الحفارات في الأسبوع المقابل قبل عام عندما بلغ عدد الحفارات العاملة 325 منصة فقط، وكانت الإضافات الشهرية في أيار (مايو) عند أدنى مستوى منذ تشرين الأول (أكتوبر) بسبب تدني أسعار الخام.وتباطأ تعافي أسعار النفط منذ شباط (فبراير) والأسعار الآن ليست أعلى مما كانت عليه قبل عام.وفي الأسبوع الماضي زاد إنتاج الخام الأمريكي بالفعل نحو 500 ألف برميل يوميا عن مستواه قبل عام مسجلا 9.34 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ آب (أغسطس) 2015.ووفق بيانات اتحادية، من المتوقع أن يزيد الإنتاج الأمريكي إلى 9.3 مليون برميل يوميا في 2017 وإلى مستوى قياسي يبلغ عشرة ملايين برميل يوميا في 2018 مقارنة بـ8.9 مليون برميل يوميا في 2016.وتوقع إيجور سيتشن رئيس شركة روسنفت أكبر منتج للخام في روسيا أن يضيف منتجو النفط الأمريكيون ما قد يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا للإنتاج العالمي في العام المقبل.ولقي انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية 2015 العالمية التاريخية لمكافحة تغير المناخ إدانة من أوروبا والصين وأثار مخاوف من أن إنتاج النفط الأمريكي قد يزيد بوتيرة أسرع.والتقت منظمة البلدان المصدرة للبترول مع عدد من المنتجين خارجها في فيينا الأسبوع الماضي لتمديد اتفاق خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا تسعة أشهر أخرى حتى نهاية آذار (مارس) 2018، غير أن أسعار النفط هبطت بنحو 10 في المائة منذ تمديد الاتفاق.وأظهر استطلاع للرأي أن محللي النفط أصبحوا أكثر تشاؤما إزاء توقعات الخام ويتكهنون بأسعار عند نحو 55 دولارا للبرميل في المتوسط هذا العام حتى بعدما اتفقت "أوبك" وشركاؤها على كبح الإنتاج حتى نهاية الربع الأول من 2018.وقالت كايلين بيرش المحللة لدى وحدة "إيكونوميست إنتلجنس" إن مزيدا من القيود من جانب "أوبك" على الإنتاج سيساعد في دعم الأسعار لكننا لا نتوقع أن يكون كافيا لقيادة الأسعار صوب ما يزيد على 55 دولارا للبرميل في المتوسط في 2018-2017.وعزت بيرش ذلك إلى استمرار التخمة في الإمدادات ونمو محدود في الاستهلاك، وتوقع المسح الذي شمل 34 من خبراء الاقتصاد والمحللين أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 55.57 دولار للبرميل في 2017 انخفاضا من 57.04 دولار في توقعات الشهر الماضي.ومن المتوقع أن يبلغ سعر الخام الخفيف الأمريكي 53.52 دولار للبرميل في المتوسط هذا العام انخفاضا من 54.73 دولار في توقعات الشهر الماضي، والرقمان هما الأضعف في توقعات هذا العام إذ تسجل التوقعات انخفاضا قليلا كل شهر منذ بداية 2017.ويعتقد كارستن فريتش المحلل لدى "كوميرتس بنك" أن مخزونات النفط الأمريكية ستنخفض بسبب عوامل موسمية في أشهر الصيف، لكنها ستظل فوق متوسط الخمس سنوات.وتشجع زيادة الأسعار، التي انخفضت من فوق 100 دولار للبرميل في 2014، منتجي النفط الصخري الأمريكي على زيادة أنشطة الحفر، وقال إبيشيك كومار، كبير محللي الطاقة لدى خدمة "جلوبال جاس أناليتيكس" التي تقدمها "إنترفاكس إنرجي"، إن إخفاق الأعضاء المشاركين بالاتفاق في تعميق التخفيضات يترك وتيرة إعادة التوازن بيد موقف إنتاج النفط في الولايات المتحدة، مضيفا أن نمو إنتاج النفط من المناطق الصخرية الأمريكية سيظل تهديدا حقيقيا قد يبدد معظم الفوائد الناتجة عن تخفيضات الإنتاج التي تنفذها "أوبك" وبعض المنتجين المستقلين.ويقول محللون إنه بعيدا عن طفرة النفط الصخري يفرض تعافي الإمدادات في نيجيريا وليبيا، عضوي "أوبك" المعفيين من اتفاق خفض الإنتاج، مخاطر إضافية على أسواق الخام.لكن محللين يعتبرون أن ارتفاع الطلب بسبب عوامل موسمية في النصف الثاني من 2017 قد يتسبب في انخفاض كبير في المخزونات ما من شأنه أن يقرب السوق من التوازن.وأوضح نوربرت رويكر رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي والسلع الأولية لدى "جوليوس ياير"، أن نمو الطلب سيكون العامل الأساسي في سحب فائض النفط العالمي لكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعا بوجه عام.Image: category: النفطAuthor: أسامة سليمان من فييناpublication date: الأحد, يونيو 4, 2017 - 03:00
مشاركة :