في كل موسم وقبل بداية المنافسات الرياضية بشكل رسمي تبدأ الأندية في الانتشار حول العالم، من أجل إقامة المعسكرات التدريبية الإعدادية قبل الشروع في خضم المنافسات الرسمية، وهو الذي يهدفون من ورائه لرفع مستوى اللياقة والجاهزية بشكل عام للفريق، خصوصاً أنهم يذهبون إلى الأماكن ذات الأجواء الرائعة حتى تكون محفزاً للاعبين، شريطة أن يشمل المعسكر مباريات ودية، بعدها يستطيع الجهاز الفني الحكم على استعدادات فريقه. وهذه المباريات تبدأ مع فرق ضعيفة وبعدها يتم التدرج نحو الأقوى من أجل رفع مستوى أداء الفريق، هذا الأمر يتطلب مبالغ مالية طائلة تبدأ من قيمة تذاكر السفر وتنتهي بتكاليف المعسكر، وما يترتب عليه من سكن وتنقل ومعيشة ومبالغ مالية لإقامة المباريات الودية، لكن كل ذلك يهون عند استفادة الفريق ووصوله لمرحلة متقدمة من الاستعداد حتى يتسنى له تقديم موسم مشرّف. المشكلة الأكبر حينما تكون الفوائد من المعسكر معدومة ولا يخرج منه الفريق بأدنى نقطة إيجابية، ليكون أقرب للسياحة وتغيير الأجواء منه للعمل اللياقي والفني والتقني. والدليل على ذلك أن بعض الأندية في المواسم الماضية أقامت معسكرات تدريبية خارجية دون وجود جهاز فني، وهنا يتضح جلياً بأن الهدف هو التفاخر بإقامة معسكر خارجي حتى لو لم يخرج الفريق بما هو مأمول من إقامته، وهذا الأمر يكلف النادي خسارتين الأولى مادية والأخرى فنية وهي التي تكون نتائجها وخيمة على النادي، لذلك فإن معسكرات الأندية الخارجية باتت سلاحاً ذا حدين، إما فائدة تترجم على أرض الواقع، وإما خسائر مالية وفنية يذهب ضحيتها النادي مع بدء الموسم وتلقي النتائج السلبية من الأندية الأخرى. وعن ذلك يعلّق المدرب الوطني حمود السلوة: "المعسكرات الخارجية للأندية هي خير استعداد لبداية الموسم، لأنه في الغالب تكون الأجواء مشجعة للاعبين والجهازين الفني والإداري لبذل المزيد من الجهد، إضافة إلى توافر الملاعب التدريبية وما تتضمنه من صالات للحديد ومسابح تكون داعمة للبرامج التي يعدها الجهاز الفني، والأهم هو اختيار المدن التي يوجد فيها أندية جيدة من أجل إقامة مباريات ودية معها". والمعسكرات التدريبية لها برامج وأسس معينة حتى تتم الاستفادة منها بطريقة قصوى، من خلال وضع البرنامج ووجود كافة العناصر التي من خلالها يعود النفع على الفريق، لأن غياب أو فقدان أحد تلك العناصر يؤثر سلباً في عملية الاستعداد بشكل كامل. يقول السلوة: "إقامة المعسكر التدريبي له عناصر معينة لا بد من توافرها وإلا سيكون المعسكر لمجرد السياحة والتسلية، على سبيل المثال، لا يمكن إقامته دون وجود الجهاز الفني للفريق، ومع الأسف يتكرّر كثيراً في أنديتنا هذا الأمر، حيث يتم تكليف أحد المدربين المبتدئين لتسيير المعسكر لحين وصول الجهاز الفني، وهنا لا يمكن أن يستفيد الفريق، لأن الأساس هو أن المدرب هو من يضع برنامج المعسكر قبل بدايته، إضافة إلى أهمية وجود كافة اللاعبين سواءً المحليين أو الأجانب ليكون اللاعبون على مسافة واحدة من الاستعداد". وإعداد الفريق يحتاج إلى التدرج في العمل الفني من نقطة الصفر التي يكون عليها اللاعبون، حتى يصل لمرحلة الجاهزية اللياقية والبدنية والتكتيكية وهي أمور تحتاج إلى عمل مكثف، ولهذا الأمر تفضل الأجهزة الفنية إقامة المعسكرات التدريبية خارج المنطقة حتى يتفرغ اللاعب للعمل فقط، ولا يوجد لديه ما يشغله عن أداء الحصص التدريبية التي تكون في اليوم الواحد ما بين اللياقة والتقوية. ويفنّد المدرب الوطني عبدالله الضعيان الأسباب وراء ذلك بقوله: "لكي يستطيع اللاعب تنفيذ كل ما يطلب منه من الجهاز الفني يحتاج إلى صفاء الذهن، وهذا الأمر يكون في حال وجود الأجواء الباردة التي تساعده على بذل الجهد دون كلل أو ملل، إضافة إلى ابتعاده عن كل المؤثِّرات في المجتمع سواء من ناحية التغذية أو النوم، حيث إن اللاعب يدخل المعسكر منذ وصوله أرض المطار وحتى العودة للمطار مرة أخرى، عمله في كل الأوقات سواءً في النوم المبكر أو التغذية السليمة، إضافة إلى التدريبات اليومية المكثفة". وأردف: "في بداية المعسكر تكون التدريبات مركزة على التقوية واللياقة، من خلال إعطاء اللاعب حصصاً تتركز على هاتين النقطتين اللتين تعدان الأهم في البداية، حيث يمرّ في بعض الأحيان الأسبوع الأول دون أن يلمس اللاعبون الكرة، بعدها يبدأ العمل على الجوانب الفنية والتكتيكية من خلال فرض حصة تدريبية يومية لهذا الغرض". الجدير بالذكر أن ناديي الهلال والاتحاد سيكون استعداداتهما استثنائية هذا الموسم نظراً لمشاركتهما في دور ربع النهائي من دوري أبطال آسيا، والتي ستكون هي المباراة الثانية للفريقين في الموسم وهو ما يعني وصولهما للجاهزية الكاملة قبل بدء الموسم، وهذه هي المشكلة التي تعاني منها أندية غرب آسيا في نظام البطولة الآسيوية، حيث إن أندية شرق القارة ستشارك في دور ربع النهائي من البطولة وهي في منتصف الموسم، مما يجعلها في قمة الاستعداد الفني واللياقي الذي يكون بشكل أقل عند أندية الغرب، وحول ذلك يقول عبدالله الضعيان: "بسبب مشاركة الهلال والاتحاد في الدور ربع النهائي من دوري أبطال آسيا فإن استعدادهما سيكون مختلفاً عن الأندية الأخرى، التي ستبدأ الموسم بشكل طبيعي ثم تزيد قوتها مع توالي المباريات، وهذا لا يمكن أن يحدث في الهلال والاتحاد لأنهما يريدان الوصول لقمة المستوى في بداية الموسم، وهذا الأمر يحتاج إلى معسكر قوي ومباريات ودية أقوى، حتى يكون الفريق في قمة حضوره الفني في بداية الموسم وهنا سيتضح كفاءة وقدرة الأجهزة الفنية في الفريقين".
مشاركة :