سيحمل قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر وليبيا بقطع العلاقات مع قطر أزمات اقتصادية كبيرة للدوحة، على صعيد النقل الجوي والبري، بكل تداعيات ذلك على قطاعات حيوية ومن بينها تجارة الوقود والغذاء والمعادن والمصارف.العرب عبدالله العلمي [نُشر في 2017/06/06، العدد: 10655، ص(9)] جاءت البيانات الرسمية لحكومات المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وليبيا وجزر المالديف بشأن قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر صريحة وواضحة. تم اتخاذ هذا القرار الحاسم انطلاقاً من ممارسة حقوق هذه الدول السيادية التي كفلها القانون الدولي، وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف. هذا ليس كل شيء، السعودية مثلاً، من ضمن دول أخرى، قررت إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور إلى الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن لكافة وسائل النقل من وإلى دولة قطر، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي. على قطر أن تعلم (والأهم أن تفهم) أن محاولة العبث بالأمن الوطني السعودي خط أحمر لا يمكن التغاضي عنه، فما بالكم إذا جاءت هذه المحاولات البائسة من “صغير” القوم؟ أسباب هذا الإجراء الحاسم بقطع العلاقات مع قطر واضحة وجلية. فالانتهاكات الجسيمة التي مارستها السلطات في الدوحة، سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية كانت تهدف إلى شق الصف الداخلي الخليجي بشتى الوسائل، والتحريض على الخروج عن الدول، والمساس بسيادتها وأمنها واستقلالها. أضف إلى هذا كله احتضان قطر للجماعات الإرهابية والطائفية التي تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة. الأمور واضحة للعيان؛ الدوحة مولت وساندت جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، وروجت لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها البائسة بشكل دائم. إضافة إلى كل ذلك، دعمت قطر بنشاط وبشكل واضح وصريح الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف من المملكة العربية السعودية، وفي مملكة البحرين الشقيقة، وفي صحراء سيناء، وفي الإمارات العربية المتحدة. كذلك مولت قطر وتبنت واحتضنت المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة هذه الدول في الداخل والخارج. أما إعلامياً، فقد استخدمت قطر وسائل الإعلام ذات الرسالة الرخيصة المعروفة وسعت من خلال أبواقها لتأجيج الفتنة داخلياً. المثال الحي على ذلك قناة الجزيرة التي تخصصت بزرع الفتن وتأجيج وتحريض الشارع الخليجي والعربي والعالمي ضد مجلس التعاون ومصر من ضمن دول أخرى. كان لا بد من اتخاذ القرار الصارم بقطع العلاقات مع قطر بعد أن اتضح الدعم والمساندة من قبل السلطات في الدوحة لميليشيا الحوثي الانقلابية، حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن. لم يكن هذا آخر المطاف، بل قررت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن إنهاء مشاركة قطر في التحالف بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب، ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها القاعدة وداعش، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية في اليمن مما يتناقض مع أهداف التحالف التي من أهمها محاربة الإرهاب. هذا التصرف من قطر ليس بغريب، فالسلطات في الدوحة استمرت في التملص من التزاماتها والتآمر على السعودية. قرار طرد قطر من التحالف جاء في الوقت المناسب. أخطاء وخطايا قطر لا تعد ولا تحصى؛ قطر نكثت بالتزاماتها الدولية، وخرقت الاتفاقات التي وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد دول المجلس وخاصة اتفاق الرياض، بل ووقفت بإصـرار مع الجمـاعات والنشاطات الإرهابية. باستثناء طلب قطر من بعض عناصر إخوان مصر الإرهابيين الانتقال من الدوحة إلى تركيا، ولم يُنفذ أي من بنود الاتفاق الأخرى. قطر دعمت جماعات إرهابية من إيران إلى الحوثيين، مروراً بالقاعدة وداعش والإخوان، كما ثبت دعم قطر للجماعات الخارجية التي تمثل تهديدا لأمن واستقرار دول المجلس، في اليمن وسوريا وليبيا ومصر ولبنان. استمرت السلطات القطرية في سياستها لزعزعة أمن واستقرار المنطقة والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقيات، ومواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، وتدخلها في الشؤون الداخلية لدولة الإمارات وغيرها من الـدول واستمرار دعمها للتنظيمات الإرهابية. كذلك احتضنت قطر جماعات إرهابية روجت لأدبيات ومخططات طائفية، ودعمت نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران. كذلك سمحت قطر لجماعة محمد مرسي ومحمد مهدي عاكف ويوسف القرضاوي الإرهابية بث سمومهم عبر المنابر الإعلامية، وخاصة قناة الجزيرة التي لا تزال تلعب الدور المخرب في المنطقة العربية خدمة لإيران وإسرائيل. هناك قناعة لدى أغلبية دول مجلس التعاون بعدم المصداقية ولا الشفافية في السياسة القطرية. لماذا؟ قطر تأوي الهاربين المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، كما أنها خانت العهد فدعمت وساندت الميليشيات الانقلابية، ونكثت الحكومة القطرية بالالتزامات الدولية الواحد تلو الآخر، وخرقت الاتفاقات التي وقعتها تحت أنظار العالم. قطر دعمت التنظيمات المنفلتة، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي الذي استهدف أمن وسلامة مصر الحبيبة. كما روجت قطر لفكر تنظيم القاعدة وداعش، ودعمت العمليات الإرهابية في سيناء. كذلك واصلت الدوحة التمويل والإسناد والحشد السياسي والدعائي وتبرير الإرهاب للجماعات المسلحة، فضلا عن إصرار قطر على زرع بذور الفتنة داخل المجتمعات الخليجية والعربية. تظل السعودية على عهدها وفية للمسلمين، فقد أكدت المملكة التزامها وحرصها على تقديم كافة التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين، حتى بعد إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. ما هي النتائج المحتملة؟ سيحمل قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر وليبيا (إلى ظهر يوم الاثنين الماضي) بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر أزمات اقتصادية كبيرة للدوحة، على صعيد النقل الجوي والبري، بكل تداعيات ذلك على قطاعات حيوية ومن بينها تجارة الوقود والغذاء والمعادن والمصارف وقطاع الأعمال. أفضل تعليق قرأته تعقيبا على قـرار قطع السعودية علاقـاتها مع قطر، ما غرد به وزير الدولة لشؤون الخليج العربي بوزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان “يداك أوكتا وفوك نفخ” (وهو مثل يضرب لمن كان سبب هلاكه منه). أعتقد أن الرسالة وصلت. عضو جمعية الاقتصاد السعوديةعبدالله العلمي
مشاركة :