سلطت صحف عالمية الضوء على التطورات الأخيرة في التوتر بين دولة قطر وجاراتها الخليجية، بعد أن قررت كل من السعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وغيرها، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر مقاطعو قطر عالقون بقوة في الحقبة الاستعمارية نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني مقالاً لرئيس تحريره ديفيد هيرست، حول الدوافع المحتملة وراء التوتر بين قطر وجيرانها الخليجيين. يقول الكاتب إن من الواضح أن اختراق وكالة الأنباء القطرية الشهر الماضي، هو اعتداء متعمد، وغير متوقع، في ظل تحالف الدوحة مع الرياض، في حربها باليمن، وتساءل: لماذا حدث ذلك؟ ولماذا حدث الآن؟ وأشار هيرست إلى أن الدوافع المحتملة لهذه الحملة هو سعي بعض حكام الدول الخليجية المجاورة لتحقيق انتصار ناجز للثورات المضادة، ومحاولة تأمين الجبهة الداخلية لبلدانهم في هذه الفترة الحرجة، والحفاظ على تحالفهم مع نظام السيسي في مصر دون تنغيص من أي طرف، وبالتالي فإن إضعاف قطر مهم لتحقيق ذلك، باعتبارها داعمة للثورات العربية. ويرى هيرست أن هناك دافعاً آخر للحملة قد يكمن في رغبة لدى بعض الدول الخليجية في رؤية قطر تختفي كدولة مستقلة، ربما لأن قطر لديها قاعدة القيادة المركزية الأميركية، وقد يفسر ذلك لماذا قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بحملة قوية في واشنطن لنقل القاعدة من قطر. ويقول الكاتب إن حكام بعض الدول العربية التي تهاجم قطر عالقون بقوة في الحقبة الاستعمارية، وهم حكام قبليون، ويدفعون الأموال من أجل حمايتهم، ويستنزفون موارد المنطقة، ومن خلال ربط أنفسهم بعربة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يعتقد هؤلاء أنهم اشتروا لأنفسهم بوليصة تأمين، لكن هناك شكوك في أن ترمب سيقضي فترة ولايته كاملة كرئيس. وأضاف: «إن مثل هؤلاء يمكنهم تدبير المؤامرات، أو الإطاحة بحكام، لكنهم لا يستطيعون الحكم أو تحقيق الاستقرار، وليست لديهم رؤية للمنطقة، بل ينظرون لأنفسهم فقط، ولهذا السبب ما زلت متفائلاً من أن الفوضى التي ينشرونها، ستظهر في نهاية المطاف جزيرة عربية جديدة ومستقلة وحديثة». دعم قطر للحريات سبب استهدافها موقع «تي. آر. تي» التركي نشر مقالاً للكاتب الاسكتلندي سام حمد، يشير فيه إلى أن بعض دول الخليج يزعمون التصدي لتنظيم الدولة، لكن دعمهم لنظام إقليمي يحتقر الحريات الأساسية والديمقراطية وحقوق الإنسان يوفر لهذا التنظيم المتطرف الفوضى والأرض الخصبة التي يحتاجها ليترعرع. وأضاف الكاتب أن الهجمة الدبلوماسية الأخيرة على قطر إنما جاءت لدعمها ثورات الربيع العربي، وتشجيعها بعض أشكال الإسلام السياسي غير المتطرف، في تناقض لما أعلنته الدول المقاطعة للدوحة من أسباب معلنة تتعلق برعاية الإرهاب، والانفتاح على إيران. وأشار الكاتب إلى أن وسائل الإعلام في بعض الدول الخليجية، وقبل قطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر، هيئت الأجواء ونشرت افتتاحيات تهاجم تحديداً جماعة الإخوان المسلمين، بزعم أن قطر داعمة لها، ليس هذا فقط بل قدمت في هذه الافتتاحيات معلومات مغلوطة. هذا الهجوم الإعلامي قبل الأزمة -والقول للكاتب- يكشف مشكلة تلك الدول الخليجية مع قطر، التي رفضت اضطهاد أي فصيل سياسي عربي، بل أحياناً قدمت له الدعم، وأشار إلى أن الدول الخليجية المقاطعة تسعى إلى فكرة مفادها أن جماعة الإخوان تمثل تهديداً للديمقراطية، بينما الحقيقة هي أن نشر النظم الديمقراطية هو الذي يهدد هذه الدول. وواصل الكاتب القول إن بعض هذه الدول الخليجية دخل في حملات مسعورة مناهضة للديمقراطية التي أعقبت ثورات الربيع العربي، وأبرزها دعم الحملة الدموية التي قادها الفريق عبدالفتاح السيسي وزير دفاع مصر عام 2013 للإطاحة بالرئيس محمد مرسي أو رئيس ديمقراطي منتخب في تاريخ مصر. يقول الكاتب الاسكتلندي سام حمد إنه فيما اتهم مرسي بأنه «مدعوم من قطر، وهو غير صحيح لأن الدول التي كانت تساند مرسي إنما كانت تدعم الاقتصادي المصري، فإن بعض الدول الخليجية أنفقت مليارات الدولارات لدعم ثورة مضادة، وتقويض رئيس منتخب، والإطاحة به في النهاية». يلمّح الكاتب إلى أن الحملة التي تستهدف قطر هي بالأساس حملة لتدمير أي نظم ديمقراطية في العالم العربي. وتساءل الكاتب: ما هي تداعيات تدمير الأنظمة الديمقراطية في العالم العربي؟ ويجيب بالإشارة إلى العلاقة بين نمو التطرف وكبت حريات الشعوب، فمثلاً عند الإطاحة بالنظام المصري الديمقراطي عام 2013، وتبني النظام الجديد أساليب قمعية وحشية تحول تنظيم الدولة في مصر إلى قوة لها شوكة. ويختم الكاتب بالقول إن بعض دول الخليج الراعية للتسلط، إضافة إلى مصر وتنظيم الدولة، متوحدون في هدف واحد وهو ضمان حرمان الناس من أبسط أشكال الحريات. سياسات الدوحة تدل على استقلالية العقل صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية قالت في افتتاحيتها إنه ليس من قبيل الصدفة أن تغلي التوترات بعد وقت قصير من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، حيث سعى إلى إعادة تنشيط العلاقات العسكرية مع الرياض، وتجنب المخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في نظام عبد الفتاح السيسي في القاهرة، وإعادة العلاقات مع البحرين، ويبدو أن الدول الثلاث تجرأت بعد تلك الزيارة. تشير الصحيفة إلى أن سياسات دولة قطر قد تتعارض مع سياسات الدول الخليجية المجاورة، لكنها تدل على استقلالية العقل، بل إن سياسات بعض الدول التي تعاديها مثل قمع النظام المصري لجميع معارضيه، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، كانت مع مرور الوقت سبباً أكبر في انتشار التطرف والاضطرابات. ورأت الصحيفة أنه يجب على واشنطن أن تتعامل بحذر مع هذه الأزمة، فوجود بعض الخلافات أمر متوقع في منطقة تشهد التنافسات، لكن السعي لمعاقبة قطر هو رد غير متجانس. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: «إن هذه الأزمة جاءت في وقت يشهد اضطرابات، ويجب أن تكون مواجهة التهديدات المشتركة لدول الخليج فوق أية خلافات أخرى. وعلى جميع الأطراف العمل على تهدئة النفوس، وإنهاء هذه الأزمة». حكام الخليج يتجاهلون دعوات توحيد الصف السني من جانبها، نشرت صحيفة «تايمز» البريطانية افتتاحية حول هذه الأزمة، وتشير إلى أن حكام الدول الخليجية المجاورة اختاروا في الوقت الراهن نسيان دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوحيد الصف السني في مواجهة إيران، وأعلنوا حملة مفتوحة ضد قطر لمزاعم تقول إنها تتقارب مع إيران، وتدعم الأقليات الشيعية في المنطقة. وتضيف الصحيفة أن قطر أقرت في السابق بصلاتها مع حماس وفصائل إسلامية تقاتل في سوريا، لكنها تستدرك بالقول إن الجماعات المتشددة في تعريفها العام، تدين بالكثير لمتبرعين من دول خليجية مجاورة، وللأيديولوجيا الدينية المهيمنة فيها، أكثر من دينها لأي بلد آخر. انفتاح الدوحة على الجميع أغضب جيرانها من جانبها، تناولت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الأزمة الدبلوماسية الواقعة في منطقة الخليج، وقالت إن قطر لسنوات صنعت لنفسها سمعة وموقعاً من مبدأ «الحوار مع الجميع» فعلاقتها جيدة مع أميركا، وتستضيف قاعدة عسكرية لها، فضلاً عن الإعلام القطري النافذ، وخاصة الجزيرة، وكذلك مدها يد الحوار لإيران، وغيرها من الفصائل العربية. ونقلت الصحيفة عن بعض المحللين قولهم إن التصعيد المفاجئ هو إشارة على أن بعض الدول الخليجية وحلفاءها شعرت بقوة، بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتبنيه سياسات متشددة تجاه إيران. وتقول الصحيفة إن الانطباع الذي أعطاه ترمب لبعض دول الخليج بأنه يتبنى سياستهم تجاه بعض قضايا المنطقة، قد يضر في نهاية المطاف المصالح الأميركية لبناء تحالف واسع النطاق في المنطقة، بل يمكن لهذا الانطباع أن يضعف حليفاً خليجياً قدم قاعدة عسكرية حيوية للجيش الأميركي في حربه ضد تنظيم الدولة. ونقلت الصحيفة عن راندا سليم، من معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن قطع دول خليجية علاقتها الدبلوماسية مع قطر يثير تساؤلات عما إذا كانت الإدارة الأميركية تدرك أفعالها عندما أعطت ضوءاً أخضر لتلك الدول الخليجية للتحرك. وتساءلت سليم: ما الذي ستفعله الإدارة الأميركية حيال هذه الأزمة؟ وقالت إن وزير الخارجية الأميركي ريكس تلرسون عبر عن قلقه وعرض التوسط، ودعا جميع الأطراف للجلوس وحل الخلافات.;
مشاركة :