مجلس محمد بن زايد يستضيف محاضرة حول "تدريس التربية الأخلاقية"

  • 6/8/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر البطين، مساء اليوم، محاضرة بعنوان "لماذا أصبح تدريس التربية الأخلاقية ضروريا اليوم أكثر من أي وقت مضى؟"، ألقتها الخبيرة التربوية العالمية، الدكتورة ميشيل بوربا. وشهد المحاضرة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي في أبوظبي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والشخصيات العامة في الدولة. وأشادت المحاضرة الدكتورة ميشيل بوربا، بالجهود التي اسستها دولة الامارات في ايجاب مادة للتربية الأخلاقية في المدارس، والتي لاحظت ثمارها عند زيارتها لمدرسة خديجة للبنات، حيث وجدت الطالبات يشاركن بحب وبدافع ذاتي بالبرامج التطوعية والخيرية، ويساهمن بشكل مباشر في تنظيف المدرسة والمحافظ عليها لتكون بصورة رائعة تليق بالمكان الذي يتلقين العلم فيه، وهذا هو الركن الأساسي في التربية الأخلاقية وهو الجانب العملي. وأكدت أن شخصية الإنسان هي محصلة للفضائل التي يتحلى بها، والتربية الأخلاقية هي تدريس هذه الفضائل بهدف تنشئة أناس طيبين، وقد بات هذا التنوع من التربية ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى، فثمة اتجاهات مقلقة تدل على وجود ما يعرف باسم "أزمة الشخصية لدى الشباب العالمي"، والتي تتمثل بتراجع التفكير الأخلاقي والتعاطف والمسؤولية المدنية وتزايد الغش والمادية والفظاظة والنرجسية وجرائم الكراهية والتعصب والتنمرفي المدارس وعبر الإنترنت، مضيفة أنه وللأسف أصبحت الشهرة والثروة هي الأهداف  الجديدة للشباب في سن المراهقة وليس الصالح العام، ولهذا يبدو مستقبل أطفالنا والمجتمع المتحضر في خطر. وقالت أن هناك اعتقاد خاطئ بأن الأخلاق مرتبطة بالجينات، ولكن عالم النفس الاجتماعي صموئيل أولينر أجرى مقابلات مع 1500 شخص انهموا في إنقاذ الآلاف في أوروبا إبان الاحتلال النازي معرضين أنفسهم للأخطار كبيرة، فاكتشف بأن السبب الذي دفع هؤلاء لإبداء مثل هذا الاهتمام العميق بحياة  الآخرين هو طريقة تنشئتهم، حيث أراد لهم والدوهم أن يكونوا أطفالا طيبي ومثالا يحتذى، وحرصوا على تربيتهم على الاهتمام بالآخرين، موضحة أن الأخلاق العالية لا تولد مع الإنسان بل يربى عليها، وهذا يعني أن بالإمكان تنشئة الأطفال على الفضيلة، ولكن ينبغي أن نركز الجهود على بنتاء شخصياتهم وألا نستخدم سوى الاستراتيجيات القائمة على العلم. وأفادت المحاضرة أنها قضت نحو 30 عاما في إجراء المقابلات مع عشرات الباحثين ومراقبة الفصول الدراسية للتعرف على النموذج الأخلاقي الأمثل لأطفال المدارس، وخلصت إلى أن  التربية الأخلاقية الفعالة تتألف من ثلاثة مكونات: المعرفة الأخلاقية، والشعور الأخلاقي، والعمل الأخلاقي، وأن تحقيق هذه المعادلة كفيل بحل "أزمة الشخصية لدى الشباب العالمي"، وتنشئة مواطنين أخلاقيين يراعو الآخرين ويسعون إلى تحسين العالم. وأوضحت أن المعرفة الأخلاقية هي المكون الادراكي في التربية الأخلاقية، وهي تتطلب العمل الجاد من الجميع،  فمع زيادة الدخل والامتيازات، يتراجع التعاطف والهوية الأخلاقية مما يجعل الأطفال يعتمدوا على الأشياء الافتراضية بدلاً من البشر، و"أزمة الشخصية لدى الشباب العالمي" هي أكثر انتشارا  في المجتمعات الغنية، وإن العودة للتركيز على الفضيلة مرهونة بسؤال واحد، وهو "أي نوع من الناس نريد أن يصبح أطفالنا؟"، حيث أن الإجابة على هذا السؤال تمثل خارطة طريق التربية الأخلاقية التي ستساعد الأطفال على تطوير الجانب المعرفي من الأخلاق، ومن ثم تقبل المعتقدات المجتمعية وتبنيها. وأفادت أن التعاطف والشعور الأخلاقي ، وهو المكوّن الثاني في التربية الأخلاقية، انخفض بين المراهقين بنسبة وصلت إلى نحو  40 %، وذلك في غضون الـ 30 سنة الماضية، وفي الوقت نفسه ارتفعت النرجسية بنسبة 58 %، مشيرة إلى التركيز على الذات عند الطفل، يحول بين الطفل وبين التعاطف مع الاخرين، ومن واجبنا الأخلاقي تجاه الأطفال أن نعلمهم الاهتمام بالآخرين، وأن نجعلهم يفكرون من منطلق ال "نحن " وليس ال "أنا"، والبداية تكون من  محو الأمية العاطفية، حتى يتمكن الأطفال من قراءة العواطف ومواءمة المشاعر، وذلك يتم من خلال استعراض  نماذج بطولية مثل غاندي أو ملالا يوسفزاي أمام الأطفال، وذلك يعمل على بث الإلهام فيهم ويشجعهم على تقليدهم، حيث ثبت علميا أن مطالعة الروايات الأدبية تهذب النفس، وتجعل الأطفال يتخيلوا. وبينت أن العمل الأخلاقي يعتبر المكوّن السلوكي في التربية الأخلاقية، وهو الغنية المنشودة، فنحن لا نريد للأطفال فهم الفضيلة فحسب بل العمل بها أيضا، حيث أن التحلي بالأخلاق الرفيعة يأتي بالممارسة والعمل الشاق، وبمنا أن الأطفال يمارسون كل شيء باستثناء المهارات الأخلاقية، فلابد من تدريب مهاراتهم الأخلاقية وسلوكياتهم الاجتماعية كي نجعلهم مواطنين طيبين، مؤكدة أن تعليم الأطفال العادات الأخلاقية يعتبر عتاد لهم للتعامل مع العالم الجديد بنجاح، ولا بد من اتاحة الفرصة لهم لممارسة أخلاقياتهم بصورة عملية، فعلى سبيل المثال يمكن جعلهم يعملون في بنك الطعام، أو تعليم الآخرين، أو مساعدة كبار السن وما شابه من أعمال. وأشارت في ختام المحاضرة إلى الشخصية، حيث قالت إن الشخصية هي الرابط الذي يؤلف بي فئات المجتمع المتحضر، والتي تشهد تفككا في العصر الحالي، مؤكدة أنه من شأن التربية الأخلاقية مساعدة الأطفال على أن يعيشوا حياة أكثر سعادة ورضاء ، ويصبحوا أشخاص طيبين، وقد باتت الحاجة إلى التربية الأخلاقية اليوم أكثر م أي وقت مضى، وخصوصا في ظل التهديد الذي يتعرض له الأطفال الذين هم أثمن ما نملك، وعليه لا بد للمعلمين وأولياء الأمور والقيادات أن يتعاونوا من أجل الأطفال، وليساعدوهم على أن يتعلموا أمور الحياة الاجتماعية من معرفة الخير والشعور بالخير وفعل الخير وعلى هذا النحو.

مشاركة :