إعادة رسم خارطة الاستيراد تربك الأوساط التجارية المصريةانتقدت الأوساط التجارية المصرية خطط الحكومة لإعادة رسم خارطة الاستيراد في محاولة لردم فجوة العجز التجاري التي بلغت في العام الماضي نحو 58 مليار دولار. وأكدت أنها قد تؤدي إلى تداعيات سلبية كثيرة وتعمق الخلل والارتباك في النشاط الاقتصادي.العرب محمد حماد [نُشر في 2017/06/08، العدد: 10657، ص(10)]إعادة ترتيب الأولويات القاهرة – احتدم الجدل بشأن تعديل لائحة قانون الاستيراد المصري بعد ثلاثة عقود من العمل بها، وحذر عدد من المستوردين من أن التعديلات الجديدة سوف تؤدي إلى خروج نحو 30 ألف تاجر من منظومة الاستيراد. وتضمنت تعديلات اللائحة عددا من الضوابط، منها رفع الحد الأدنى لرأس المال اللازم لتسجيل شركات الأفراد التي يسمح لها بمزاولة نشاط الاستيراد من 550 دولارا إلى 28 ألف دولار، وبالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة من 830 دولارا إلى 100 ألف دولار. وقال وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل في تصريحات لـ“العرب” إن الهدف من تلك التعديلات القضاء على ظاهرة الاستيراد العشوائي المتفشية في البلاد. وأضاف أن زيادة الحد الأدنى لحجم الأعمال في قانون سجل المستوردين سوف تضمن تمتع طالب القيد في السجل بقدر معقول من الخبرة والجدية في ممارسة النشاط التجاري. ويُسمح للمستورد الاستمرار في قيد سجل المستوردين إذا رفع قيمة التأمين النقدي الذي يشترط إيداعه عند القيد من 150 دولارا إلى 2700 دولار للأشخاص الطبيعيين وإلى 11 ألف دولار للشركات. وحذر اقتصاديون من أن تلك القرارات ستؤدي إلى زيادة كبيرة في الطلب على العملات الأجنبية. واستبعدوا تحقيق أي نتائج من رفع قيمة التأمين، طالما أن المستورد يقوم بالوفاء بكامل التزاماته تجاه الشركات التي يستورد منها في الخارج.أحمد شيحة: خطط إخراج صغار المستوردين من السوق تكرس احتكار الشركات الكبرى ويصل عدد السجلات التجارية للأشخاص الطبيعيين إلى 100 ألف دولار، ما يعني أن عليهم إيداع 270 مليون دولار لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، الأمر الذي يفاقم الطلب على الدولار ويضعف الجنيه. وقال قابيل إن القرار يأتي استكمالا للإجراءات التي اتخذتها الوزارة خلال المرحلة الماضية للحد من دخول منتجات مستوردة متدنية الجودة إلى السوق وتؤثر سلبا على صحة وسلامة المستهلك. ويتزامن القرار مع إطلاق الوزارة استراتيجية لزيادة الصادرات المصرية والحد من الواردات والتي يطلق عليها استراتيجية 2020، والتي تهدف إلى تحفيز ضخ استثمارات جديدة في الصناعة المحلية وحمايتها من المنافسة غير العادلة من السلع الرديئة المستوردة. وأعفت التعديلات الجديدة الشركات التي تزاول نشاطا إنتاجي أو خدميا من القيد في سجل المستوردين في حدود ما تستورده من مستلزمات باسمها ولحسابها لمزاولة هذا النشاط. وحذر مستوردون من اتجاه عدد من الشركات الصناعية التي سيتم إعفاؤها إلى ممارسة نشاط الاستيراد تحت هذا الغطاء. وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية إن التعديلات الجديدة يمكن أن تؤدي إلى خروج العديد من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة من سوق الاستيراد لصالح الكيانات الكبرى في السوق. وأضاف لـ“العرب” أن التعديلات ستؤدي إلى تكريس الاحتكار، ما يؤدي إلى التلاعب بالمستهلكين من خلال المنتجات التي سيتم استيرادها ورفع هوامش الربح لكبار المستوردين بمعدلات كبيرة. وفرضت القاهرة مؤخرا ضوابط تلزم الشركات الأجنبية التي ترغب في التصدير لمصر بتسجيل علامتها التجارية ومنتجاتها في سجل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية.طارق قابيل: نستهدف القضاء على الاستيراد العشوائي وضمان الجدية في ممارسة النشاط وأوضح شيحة أن تعديلات لائحة قانون سجل المستوردين، صدرت بضغوط من كبار رجال الأعمال، لتنفيذ مخططاتهم لاحتكار السوق وأكد أنهم الأكثر استفادة من سياسة الإصلاح الاقتصادي. ويقول اقتصاديون إن الخطوة ستؤدي إلى اتخاذ عدد من الدول إجراءات مماثلة تعرقل دخول المنتجات المصرية إليها. ووصفوا السياسات الجديدة بأنها ردة اقتصادية لأنها تضع قيودا على حرية حركة التجارة الدولية. وأكدوا أنها يمكن أيضا أن تؤدي إلى فقدان القاهرة لعدد من علاقات الاستيراد مع الشركات الأجنبية لأن صغار المستوردين كانوا يساهمون في سد فجوة الطلب على مختلف السلع بأسعار مناسبة. وقال فتحي الطحاوي نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرفة التجارية للقاهرة لـ“العرب” إن من واجب الحكومة اتخاذ إجراءات من شأنها الحفاظ على صغار المستوردين. واقترح أن يتم تأسيس شركة مساهمة للاستيراد يشارك في رأسمالها صغار المستوردين وأن تساهم الهيئة العامة للرقابة على الصادرات بنسبة في رأسمالها لمراقبة أدائها لتشجيع هذه الفئات على الاستمرار في السوق. وبلغ حجم الصادرات المصرية في العام الماضي نحو 22 مليار دولار، فيما بلغ حجم الواردات نحو 80 مليار دولار، أي أن العجز التجاري بلغ نحو 58 مليار دولار، وفق بيانات رسمية. وحظيت الإجراءات الحكومية ببعض التأييد حيث رأى عبدالمجيد حسن عضو جمعية مستثمري الإسكندرية وأحد مستوردي القمح أن التعديلات خطوة جيدة خاصة أنها ستطبق على جميع المستوردين سواء السلع الأساسية أو غيرها. وأوضح لـ“العرب” أن وزارة الصناعة والتجارة منحت المستوردين مهلة 6 أشهر لتوفيق أوضاعهم على الضوابط الجديدة، ومن غير المعقول فتح الباب على مصراعيه أمام استيراد منتجات عشوائية. وأكد أن التعديلات ستنقذ السوق من الإغراق بمنتجات رديئة. وقال إنه “ليس من المنطقي أن يقوم كل شخص يمتلك 200 دولار بفتح سجل تجاري وممارسة نشاط الاستيراد”.
مشاركة :