في السرقة الأدبية وأنواعها بقلم: أبو بكر العيادي

  • 6/8/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

صار الفساد حالة عامة، يأتيه المهرب والسياسي ورجل الأعمال تكديسا للثروة، ويأتيه الفقير إشباعا لرغبة، ويأتيه غيرهما لؤما ونذالة. العرب أبو بكر العيادي [نُشر في 2017/06/08، العدد: 10657، ص(15)] تناولنا في مقالة سابقة موضوع “السرقة الأدبية”، وذكرنا أن أعلاما كبارا أمثال المتنبي وشكسبير وموليير لم يجدوا حرجا في الأخذ ممن سبقوهم، ولم يكن ذلك ليقلل من شأنهم لكونهم عرفوا كيف يؤلفون مما نهلوا صورا بديعة أضفوا عليها من حسهم وثقافتهم ونبوغهم. ورأينا كيف أن كاتبا كبيرا، هو أناتول فرانس، ألف كتابا في تقريظ السرقة الأدبية، بيّن فيه الفرق بين الفنان الذي يأخذ من غيره ليصوغ عملا موسوما بالجدة والطرافة، والسارق الذي يعيد إنتاج ما أخذ بغير إضافة. ولم تتوقف هذه الظاهرة مع المحدثين. هذا السينمائي الأميركي كنتان ترانتينو مثلا يؤكد أن جميع الفنانين الكبار يسرقون، ويعترف بأنه “يعشق سرقة أشياء عديدة من شتى الأفلام، وإعادة تشكيلها في بنية طريفة، تأخذ من السابق ولا تتقيد به”، وهو ما عناه الفرنسي جان لوك غودار في قوله: “ليس الأهم من أين تَأخذ الأشياء، بل إلى أين تَمضي بها؟”، كذلك الروائي الأميركي الطليعي وليم بوروز الذي أطلق صيحته الشهيرة: “انهبوا اللوفر! لتسقط الجدّة، تلك اللفظة الذليلة العقيمة التي تسجن بقدر ما تخلق. تحيا السرقة، السافرة، الصفيقة، التامة. اسرقوا كل ما تعثرون عليه”. كل ذلك يدخل في باب الثورة على السائد، ومحاولة كسر النمطية لتقديم تصور للفن جديد، فالذين شرعوا السرقة الأدبية والفنية ممن ذكرنا تركوا بصمة واضحة، كل في مجاله، وأثبتوا أنهم ليسوا مجرد لصوص ينهبون جهود سواهم. ولكن هذا يخالف ما طفا على السطح هذه الأيام من سرقات موصوفة، في وضح النهار تقريبا، أبطالها مغمورون يريدون الظهور بأي وسيلة، وأكاديميون يستولون على جهود غيرهم. من ذلك مثلا سطو فتاة مصرية على رواية “العراء” للكاتبة التونسية حفيظة قارة بيبان وإعادة نشرها في القاهرة منسوبة إليها. أو إقدام باحث مغربي على نشر دراسة نقلها عن مقال كان نشره الجامعي التونسي محمود الهميسي بمجلة “الموقف الأدبي” بدمشق عام 1996، دون أن يذكر المصدر. والحق أن هذه الممارسات سمة من سمات المرحلة، فقد صار الفساد حالة عامة، يأتيه المهرب والسياسي ورجل الأعمال تكديسا للثروة، ويأتيه الفقير إشباعا لرغبة، ويأتيه غيرهما لؤما ونذالة. قد يكون مثال الفتاة المصرية تعبيرا عن رغبة في تسجيل حضور لا تملك مؤهلاته، ولكن ما يأتيه الأكاديميون هو سقوط أخلاقي، لأن سرقة الرسائل العلمية تحولت إلى ظاهرة، بدأت بسرقة فصول وأبحاث ثم انتهت إلى سرقة كتب بأكملها، تحت إشراف عصابات منظمة تشتري ذمم بعض الأكاديميين. كاتب تونسيأبو بكر العيادي

مشاركة :