ريجيس دوبري يقر بأنه سرق كتبا عندما كان شابا، ولكن أن تصبح سرقة الكتب حرفة دائمة يتبجح بها بعضهم فذلك في رأيه مقرف.العرب أبو بكر العيادي [نُشر في 2017/11/16، العدد: 10814، ص(15)] ليس المقصود بالسرقة هنا السرقة الأدبية، تلك التي يستولي فيها بعض الكتاب والمفكرين على أفكار غيرهم وينسبونها إلى أنفسهم بلا حياء، وإنما المقصود سرقة الكتب من المكتبات الخاصة والعامة وأجنحة المعارض، كما تسرق البضائع من المتاجر. والسراق ليسوا من عامة الناس الذين قد يفسرون فعلتهم بغلاء الكتب وقلة ذات اليد، بل هم من الطلبة والكتاب والشعراء دأبوا على اختلاس المصنفات بأنواعها، واستعمال ألف حيلة وحيلة كي لا يضبطوا متلبسين بجرم مشهود. تلك الفئة لا ينتابها ندم ولا تبكيت ضمير، بل غالبا ما تتعلل بنهمها إلى المعرفة، وضعف ميزانيتها التي لا تسمح لها بالاطلاع على كل ما يصدر. وإذا ووجهت بأن ما تأتيه عمل مشين، لا يليق بمن نصبوا أنفسهم للأمة ضميرا، وللنشء قدوة، لجّت في غيّها لتزعم أن مردّ ذلك واقع النشر الذي يغمط الكتاب حقوقهم المشروعة، وأن أغلب الناشرين لصوص أثروا من سهر لياليهم وعرق جباههم. ومن ثمّ قرّ قرارهم ألا يدفعوا مليما واحدا لشراء كتاب. وإذا كان بعض هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم من سلالة برومثيوس، سارق النار، يرون أن سرقة كتاب ليست سرقة بأتم معنى الكلمة، فإن آخرين يدّعون أن ذلك يأتي ردّا على كل السرقات التي يروحون ضحيتها بسبب السياسات الفاشلة، واستفحال البطالة، وضعف القدرة الشرائية. وما تلك إلا ادّعاءات واهية على غرار المدمن الذي لا يستطيع أن يقلع عن السكر، فيزعم أنه لا يريد، الطريف أن هذه الظاهرة ليست حكرا على الساحة التونسية، فالفرنسيون أيضا مصابون بنفس الداء. ففي تحقيق أجرته مجلة نوفيل أوبس العام الماضي، اتضح أن عددا كبيرا من الطلبة والقراء وسيدات المجتمع يجدون لذة في سرقة الكتب، خصوصا في الفضاءات الكبرى، مثل فناك، وجيبير جوزيف وماسبيرو. بل إن بعض الأسماء الشهيرة اعترفت باقترافها هذا النوع من السرقة. هذا مثلا ريجيس دوبري يقر بأنه سرق كتبا عندما كان شابا، ولكن أن تصبح سرقة الكتب حرفة دائمة يتبجح بها بعضهم فذلك في رأيه مقرف. أما مرغريت دوراس فكانت مع السرقة التامة للكتب، تتمنى أن تسرق فيمنعها الخوف من الفضيحة، ولكن لما ذاع صيتها كانت ترافق بعض الطلبة كي يختلسوا الكتب تحت حمايتها. كذلك المخرج الشهير جان لوك غودار وكان يسرق كتب أفراد عائلته. والدافع دائما النهم إلى المعرفة فيما يقولون. عندما سأل القاضي جان جينيه، وكان قد أوقف بتهمة سرقة كتاب “هل كنت تعرف ثمنه؟” أجاب “كلاّ، ولكني أعرف قيمته”. كاتب تونسيأبو بكر العيادي
مشاركة :